رئيس التحرير
عصام كامل

حلمى سلام يكتب: أشكو الصحفيين لأنفسهم

حلمى سلام
حلمى سلام

في مجلة المصور عام 1953 كتب الصحفى الثورى الذي ساهمت مقالاته في تثبيت دعائم ثورة يوليو حلمى سلام مقالا قال فيه:

أشكو الصحفيين لأنفسهم لا انتصافا للوزراء، ولكن لانهم يستحقون العتب واللوم.

يشكو الصحفيون من أن التسعيرة لا تحترم مصر، ويصرخون بين الحين والحين متهمين وزارة التموين بأنها تراخت في الضرب على أيدي مخالفيها.

ولو سألوا أنفسهم وسألوا أصدقاءهم وعامة المستهلكين لعرفوا السر في مخالفة التسعيرة وفى انهيار القوانين، لا أمام جشع التجار كما اعتدنا أن نقول ولكن أمام إغراء المشترين وضعفهم وشدة تهالكهم للحصول على السلعة الجيدة.

لكن الحال ينقلب لو أن كل مستهلك أبى إلا أن يشترى السلعة بسعرها فإن رأى في التاجر رغبة في مخالفة القانون جاره ثم أبلغ في الحال البوليس، لنشأ من ذلك في القاهرة جيش من البوليس الأهلي يساوى عدد أفراده عدد المشترين في القاهرة.

فإذا تصورنا أن هذا العدد وصل إلى مائة ألف، وإذا تصورنا أن عشر هذا العدد هو الذي سينشط في التبليغ.. فإن من السهل أن تتصور كم ستكون مراقبة التسعيرة سهلة ميسورة.

أن عدد مفتشى التموين ومعاونيهم في العاصمة لا يبلغ عشر هذا العدد.

لكن المؤسف والمحزن أن المشرع اضطر في مصر إلا أن يسوى في العقاب بين البائع والمشترى في جرائم التموين، لأن المشرع أدرك بفضل التجربة أن نصف الوزر يقع على المشترى.

لقد رأى بعض تجار الأسماك في بعض البلاد الأوروبية أن يرفعوا أسعارها، وأجمع ربات البيوت أمرهن على مقاطعة الأسماك بضعة أيام.. عفنت فيها ونتنت فاضطر تجار الأسماك أن ينزلوا على آراء هؤلاء السيدات الحازمات.

فهل نجد في مصر رأيا عاما يقظا ساهرا كهذا الرأى.. وهل نجد حضرات الصحفيين الذين يلقون اللوم دائما على الوزراء والحكومة معاونة جدية في تنبيه الرأى العام النائم إلى واجبه.

إن الرأى العام أقوى من القوانين كلها، والوزراء يحبون أن يتعاونوا مع الصحفيين وأن يضعوا أنفسهم في خدمة هذه الحملة، فهم يفهمون جيدا لماذا حمد عمر بن الخطاب ربه حينما اعترضه الإعرابى بقوله (والله لو وجدنا فيك اعوجاجا لقومناه بحد السيف).
الجريدة الرسمية