رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ماذا وراء الأزمة الروسية - الأوكرانية الأخيرة؟


مسألة احتجاز ثلاث سفن أوكرانية على يد قوات تابعة للأمن الفيدرالي الروسي، تمثل عودة للأزمة الروسية- الأوكرانية، لتتصدر المشهد الإعلامي العالمي، بعد أن كانت قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي مسيطرة على هذا المشهد منذ أكثر من شهر ونصف، فهذه العودة لها العديد من المظاهر والأهداف، التي تبلور حجم هذه العودة ومستقبلها، وهذه المظاهر والأهداف تتمثل في الآتي:


المنطقة البحرية التي وقعت فيها عملية الاحتجاز هي بحر آزوف أو بالأحرى مضيق كيرتش، من المعلوم أن مضيق كيرتش يربط بحر آزوف بالبحر الأسود ويقع المضيق على الطرف الشرقي من شبه جزيرة القرم، ويربط بحر آزوف والبحر الأسود، وبضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا عام 2014، أصبح هذا المضيق مياه داخلية روسية..

لكن طبقا للقوانين الدولية فروسيا لا تستطيع منع إبحار السفن الأوكرانية من خلال هذا المضيق، خصوصا أن معظم دول العالم لا تعترف بضم شبه جزيرة القرم لروسيا، وعلى رأس هذه الدول تأتي "تركيا" الشريك الإستراتيجي لروسيا، فأمس اتصل رجب طيب أردوغان بالرئيس الروسي ويبدو أنه كان غاضبا مما حدث، وشدد أردوغان في هذا الاتصال على حرية الملاحة في هذا المضيق.

إصرار أوكرانيا على حقها في استخدام مضيق "كيرتش" سيجعل الأمور دائما مرشحة للتصعيد، خصوصا أن أوكرانيا أعلنت أنها ستنشئ قاعدة عسكرية بحرية في بحر "آزوف" قبل نهاية هذا العام.

عملية الاحتجاز تمت من خلال قوات تابعة للأمن الفيدرالي الروسي وليست قوات تابعة للجيش الروسي، وهذا الأمر رسالة بأن هذه المياه داخلية خالصة وتم دخول قطع بحرية أجنبية في هذه المياه، لذلك تم التعامل معها من خلال قوات الأمن الفيدرالي وليس الجيش، يعني الحادثة هنا جنائية وليست حادثة سياسية-عسكرية.

الأوضاع في شرق أوكرانيا مستقرة، فجمهورتي "دونباس" و"دونيتسك" الانفصاليتين لا جديد فيهما، والأوضاع هناك كما العادة، فكان بالأحرى للقيادة الأوكرانية أن تثير الأمور هناك وليس في بحر "آزوف"، فكيف للرئيس الأوكراني أن نصدقه وهو يتعايش مع وضع انفصال جمهوريتين من أغنى مناطق أوكرانيا اقتصاديا، في حين ينتفض بسبب احتجاز ثلاث سفن.

أهداف هذا التصعيد واضحة جدا للجميع، بوروشنكو سيواجه حرب انتخابية قوية في مارس المقبل وهناك مؤشرات ظاهرة تفيد عدم قدرته على النجاح في هذه الانتخابات، لذلك كان عليه أن يختلق هذه الأزمة لكي ينجح في تمرير عملية فرض الأحكام العرفية في بعض مناطق أوكرانيا لمدة 30 يوما قابلة للتجديد.

السؤال المهم هنا، هذا السؤال كان على لسان فلاديمير بوتين: لماذا لم تفرض حالة الأحكام العرفية عندما تم ضم شبه جزيرة القرم؟؟! وأضيف هنا سؤالا: لماذا فرضت هذه الأحكام العرفية في بعض المناطق الأوكرانية وليس في عموم الأراضي الأوكرانية؟ عموما نجحت عملية إقرار الأحكام العرفية في جذب الاهتمام العالمي للأزمة.

تأتي هذه الحادثة قبل أيام من حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتماعات قمة العشرين في الأرجنتين. حتى الآن نجحت هذه الحادثة في التأثير على خطط اجتماع دونالد ترامب بالرئيس بالروسي على هامش هذه الاجتماعات.

هذه الحادثة، لن تمثل أي خطر تصعيد متبادل بين روسيا وأوكرانيا، فأوكرانيا حصلت على ما كانت تصبو إليه، ولن تستطيع الدخول في أي مواجهة مباشرة مع الجيش الروسي، فهي لم تستطع الدفاع عن جمهوريتي "دونباس ودونيتسك" الانفصاليين ولم تستطع الحفاظ على شبه جزيرة القرم الإستراتيجية، فكيف لها الاستطاعة بمواجهة الجيش الروسي، خصوصا أن الموقف الفرنسي-الألماني تغير كثيرا عن ما كان عليه قبل 4 أعوام.
Advertisements
الجريدة الرسمية