رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا هجر الإخوان أناشيدهم الدينية؟

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

مع تزايد أزمة جماعة الإخوان الإرهابية مع الدول العربية، التي حظرت التنظيم، وجعلته إرهابيا، بدأت عملية مراجعات داخلية، طالت كل شيء، بداية من التنمر على الكبار ورفض وصاياتهم ودعوتهم للتخلي عن مناصبهم، نهاية بالتمرد حتى على الفكر الذي صنعهم، ومنه الأناشيد الدينية.


كانت الأدبيات الإخوانية، تعيش على أغاني المظلومية التي صنعتها محن الجماعة خاصة الإعدامات التي جرت للقيادات الإخوانية في ستينات القرن الماضي، وعلى رأسهم سيد قطب، ليكتب وينشد الإخوان «أخي أنت حر وراء السدود».

هذه الأنشودة وغيرها، كان الجماعة تعيش عليها، لتخاطب المشاعر الدينية لأعضائها، ولتضفي نوعا من المأساة على قضيتها التي تُحارب من الجميع منذ نشأتها، وعن طريقها تستقطب كل شخص تائه يبحث عن مجموعات من نفس القطيع الذي ينتمي إليه، في الانعزال والابتعاد عن الآخرين والبحث عن وسيلة تؤكد الظلم الكوني الذي يحياه.

مؤخرا، ومع المراجعات الكثيرة، بدأت الكثير من الأصوات تطالب الإخوان بترك خطاب المظلومية لأنه يحض على التصالح مع السجون والخطاب العنيف ورفض الحياة، وآخر من طالب الجماعة بذلك كان الصحفي الراحل جمال خاشقجي، الذي كتب مقالا مطولا شرح فيه خطورة هذه الأناشيد والأبيات التي تدعو لتوسيع خطاب المظلومية، وتحبيب القواعد في المحن، والتغزل فيها.

طوال الخمس سنوات الماضية، وخاصة في البلدان الغربية بات واضحا، أن الكثير من المنتمين للجماعة، أصبحوا يهجرون بشكل واضح الأدبيات القديمة للجماعة، وأكثر ما يؤيد ذلك لجوء قنوات «مكملين، الشرق، الحوار»، للابتعاد الكامل عن الأناشيد الإخوانية، ورفض مزجها بخلفيات الأحداث كما كانت تفعل الفضائيات الإخوانية فما بعد فض رابعة، وتستخدم حاليا مقطوعات موسيقية وأغاني عامة، للمرة الأولى على الثقافة الإخوانية، التي طالما ابتعدت عن الفن وأهله، وكانت تأخذ منه موقفا مريبا طوال تاريخها، في محاولة من هذه الفضائيات لمغازلة المصريين كافة، وليس طائفة بعينها.

يوثق موقع ويكيبيديا الإخوان المسلمين، النظرة التآمرية الإخوانية التاريخية تجاه الفن، ويكشف كيف رفضت أرقى أنواع الفنون التي قدمت طوال تاريخ الفن المصري في فترة الثلاثينيات والأربعينيات، لدرجة أن قيادتها كانت ترفض الحضور في كلِ المناسبات، حتى أصبحت سمة معروفة عنهم قبل دعوتهم لأي احتفال، ولم يكتفوا بذلك بل نصبوا أنفسهم وكلاء للفضيلة، لدرجة أنهم أرسلوا خطاب تهديدي لنادي الطيران الملكي لإلغاء حفل لأم كلثوم والفنانة بديعة مصابني، وجاءهم الرد قاسيا من محمد طاهر باشا رئيس النادي، الذي أرسل لهم تذكرتين لحضور الحفل باسم الإخوان بالبريد المستعجل.

كان حسن البنا نفسه، يرفض حضور أي حفل يعلم مسبقًا أن به غناء، لدرجة أنه كان يرفض حضور الذكرى السنوية لتولي الملك فاروق سلطاته الدستورية عام 1938 وكان يومًا وطنيًا وقتها، تحتفل به البلاد وتعطل فيه المصالح، واعتاد ضباط الجيش في مصر الاحتفال بهذه الذكرى، وكذلك رفضوا حتى دعم القضية الفلسطينية بالحفلات الغنائية لكبار المطربين العرب، وفي النهاية وبعد كل هذه العقود، لم يعد أمامها حل إلا التخلي عن ثقافتها الظلامية "طوعا" للنجاة من شبح الفناء.
الجريدة الرسمية