رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«ما أفسده الزمن» يصلحه أطباء الحضارة بالمتحف الكبير.. الاعتماد على الغازات الخاملة في اكتشاف الإصابة الحشرية للكنوز.. 19 معملا لترميم 100 ألف قطعة.. وترميم النسيج والبردي بأحدث الطرق العلمية

فيتو

«ما أفسده الزمن يصلحه أطباء الحضارة».. هذا ما ينطبق على كل قطعة أثرية يتم ترميمها حاليا، أو انتهى أخصائي الترميم بمعامل ترميم المتحف الكبير من ترميمها وإعادتها إلى شكلها الطبيعي بأحدث الطرق العلمية الحديثة، استعدادا لعرضها بالمتحف ضمن 100 ألف قطعة مقرر عرضها في الافتتاح عام 2020، ولكل واحدة منهم قصة كبيرة وجهد وعرق العشرات من المرممين والأثريين، لذا أجرت «فيتو» جولتها الثالثة داخل أكبر مراكز للترميم في العالم؛ لمتابعة سير أعمال الترميم ومعرفة آليات العمل بداخله.


معامل مركز الترميم
مركز الترميم بالمتحف المصري الكبير يضم 19 معملا، 7 معامل منهم متخصصة في ترميم الآثار الثقيلة ومقسم طبقا للمواد الأثرية، لكل خامة معملا فهناك ما هو للأخشاب والأحجار والآثار الثقيلة والعضوية وغير العضوية، إضافة للمومياوات والبقايا الأثرية، ويوجد معمل للفحوص والتحاليل وتشخيص مظاهر التلف.

آثار توت عنخ آمون
وكشف الدكتور حسين محمد كمال، المدير العام للشئون الفنية للترميم أن بعض القطع الأثرية التي تم اكتشافها بمقبرة الملك توت عنخ آمون عام 1922 كانت في حالة سيئة؛ لذا لم يتم عرضها في المتحف المصري بالتحرير، بل تم نقلها لمخازن المتحف، ونظرا لسياسة المتحف المصري الكبير التي تقوم على عرض مقتنيات الملك توت عنخ آمون كاملة، والتي يبلغ عددها نحو 5000 قطعة أثرية، فكان من الضروري إعداد تلك القطع بالشكل المناسب.

وأضاف «كمال» لـ«فيتو» أنه تم إعداد خطة عمل لإعادة تلك القطع للحياة مرة أخرى حتى تصلح للعرض المتحفي، ومن تلك القطع مسند القدم أو الوسادة، وهي قطعة فريدة من نوعها مطرزة بالخرز، صنعت من حشو داخلي من نخالة الشعير، وتمت تغطيتها بطبقة من الجلد تليها طبقة من النسيج ثم طرزت بحبات صغيرة من الخرز لتشكيل مجموعة من العناصر والرسومات، تعرضت هذه القطعة للتشوه الكامل، وأصبحت في حالة سيئة للغاية؛ مما جعلها غير صالحة للعرض المتحفي إلى أن تم نقلها في 2014 إلى مركز ترميم الآثار لتقييم حالتها وترميمها وإعدادها للعرض للزائرين للمرة الأولى، تضمنت خطة العلاج تثبيت حالة المسند وإعادة بناء الشكل مرة أخرى بناء على دلائل أثرية مؤكدة، وعلى التوثيق الذي تم للقطعة وقت الاكتشاف عام 1922.

ترميم البردي
وأكد «كمال»: «يمثل البردي الذي يتم ترميمه داخل معمل الآثار العضوية النسبة العظمى، والتي تصل إلى 60% من مجمل الآثار داخل المعمل، وتعتمد عملية ترميم البردى على استخدام أحدث الطرق العلمية والعالمية في أساليب الفحص والتوثيق والعلاج، حيث تبدأ عملية الترميم بالتوثيق الأثري والفوتوغرافى، بجانب طرق الفحص والتحليل الحديثة للتعرف على طبيعة الأحبار والمواد الملونة المستخدمة في الكتابات والرسوم القديمة قبل الشروع في عملية العلاج، وذلك للتعرف على أهم مظاهر التلف لتحديد خطة العلاج والصيانة المناسبة، وفقًا للفكر السائد في مجال الترميم عالميًا، من حيث إن أفضل ترميم يتم بأقل تدخل ممكن.

وأوضح المدير العام للشئون الفنية للترميم أن من أهم البرديات التي تم ترميمها بالمعمل مجموعة برديات تعود لفترة العصر المتأخر، وبالتحديد تخص الملكة «حنت تاوى ست حتحور» عليها كتابات بالخط الهيروغليفي ورسومات بالحبر الأسود والأحمر، وكانت هذه المجموعة محفوظة في متحف بولاق سابقًا قبل نقلها للمتحف المصرى بالتحرير، قبل أن تستقر في المتحف المصري الكبير، وهي عبارة عن سبعة أجزاء تمثل بردية واحدة.

وتشمل عمليات الترميم التي أجريت لها نزعها من خلفية من الكرتون استخدمت في ترميم قديم كحامل للبردية، وكانت أحد عوامل تدهورها، ثم يتم عمل طبقة تبطين من الورق الياباني لتجميع أجزاء البردية لإعادتها لسابق عهدها كبردية واحدة باستخدام أسلوب حديث في ترميم البردى يجمع بين الأسلوب المصري والياباني، بدلا من الطرق المعتادة والمتبعة حاليًا في حفظ البردى بين ألواح زجاجية، مما لا يتناسب مع حالة هذه البردية.

ترميم الأسهم
وأشار المدير العام للشئون الفنية للترميم إلى أن من أهم الآثار التي تم ترميمها في معمل الآثار العضوية الأسهم الخاصة بالملك الذهبى توت عنخ أمون، وتعود أهمية هذه المجموعة إلى أنها المجموعة الوحيدة الكاملة من مجموعات الأسهم التي تم اكتشافها، وتعود إلى العصور الفرعونية القديمة.

وتم إجراء أولى عمليات الترميم أثناء اكتشافها من قبل فريق اكتشاف المقبرة برئاسة كارتر سنة 1922 باستخدام شمع البرافين، وتم ترميمها بمعمل الآثار العضوية، وفقًا لأحدث الأساليب المتبعة في مراكز الترميم العالمية، من حيث التوثيق والفحص وطرق التنظيف الميكانيكي والكيميائي لإزالة مواد الترميم السابقة وإعادة تجميع الأجزاء المنفصلة.

ترميم النسيج
وكشف الدكتور حسين كمال أن منهجية العمل في النسيج نظرًا لحساسيته تستلزم ثلاث مبادئ رئيسية، وهي أدنى حد من التدخل بحيث يتم تثبيت حالة القطعة والحفاظ عليها لأطول فترة ممكنة، واختيار المواد المناسبة سواء كانت مواد مستخدمة في الحفظ أو التخزين بحيث لا تؤثر بالضرر المستقبلى على الأثر، إمكانية تمييز المواد المستخدمة في الترميم والحفظ عن مادة الأثر الأصلية.

وأكد «كمال» أنه تم العثور على عدد هائل من المنسوجات داخل مقبرة الملك توت عنخ آمون أكثر من 740 قطعة ما بين شارات وأغطية التماثيل والقفازات والجوارب ونسيج خاص بالكفن ومساند القدم والوسادات، وتم نقل جزء من هذه المجموعة (قدر 115 رقم وعدد القطع 364 قطعة)، وتم نقل هذه القطع على ثلاث مراحل فكانت كل مرحلة كالتالي: 87 قطعة، 37 قطعة، 240 قطعة، وكلها كانت محفوظة داخل مخازن المتحف المصرى بالتحرير رقم 55، وعند استلام القطع الاثرية تم إجراء عمليات التعقيم الأزمة للقضاء على الإصابات الحشرية وذلك بأحدث الطرق المستخدمة دوليا باستخدام الغازات الخاملة.


ترميم المومياء
ويعتمد أسلوب الترميم في المعمل على الصيانة الوقائية والتي تعتمد على أقل تدخل لوقف عوامل التلف، وهي الإستراتيجية التي تعتبر من الأسس التي يعتمد مركز ترميم الآثار بالمتحف المصرى الكبير عليها.

وتبدأ مرحلة الترميم بالتعقيم في معمل التعقيم بالغازات الخاملة حتى يتم التأكد من عدم وجود أي إصابة حشرية أو ميكروبيولوجية قد تصيب المومياء، بعد ذلك يتم توثيق المومياء باستخدام الطرق الحديثة من تصوير فوتوغرافى بأحدث الكاميرات وبرامج الكمبيوتر مثل الاوتوكاد والفوتوشوب، ثم البدء في عمليات التنظيف سواء تنظيف كيميائى باستخدام الفرش الناعمة، أو التنظيف الكيميائي باستخدام المواد الكيميائية المختلفة، وتثبيت قطع النسيج المنفصلة عن المومياء.

الأوانى الكانوبية
تعتبر الأوانى الكانوبية من أهم المواد الأثرية التي تم اكتشافها في المقابر، والتي تحتوي على أحشاء المومياء، والتي يتعامل معها معمل المومياوات من حيث التنظيف والتقوية، وعمليا الصيانة المختلفة، وتختلف تلك الأوانى الكانوبية في مادة الصناعة، فمنها ما يصنع من الحجر الجيرى أو الفخار أو الألبستر، وتختلف طبقا للعصور المختلفة.
Advertisements
الجريدة الرسمية