عز الدين ذو الفقار يكتب: خدعتنى الصحافة

في مجلة "أهل الفن" عام 1955 كتب المخرج عز الدين ذو الفقار (رحل عام 1963) مقالا قال فيه: "ثلاثة أفلام عملتها مع محمد عبد الجواد الذي كان يعمل مساعدا للمخرج كمال سليم وهى "الدنيا بخير، أزهار وأشواك، وعادت إلى قواعدها" وكانت أفلاما هابطة ولم تنجح، شجعنى فشل تلك الأفلام على أن أشعر بأننى أستطيع وحدى أن أعمل كل شيء وأن علي أن اعتمد على نفسى لتحقيق أحلامى، فكتبت سيناريو فيلم "أسير الظلام " وأخرجته فخرجت الصحف تنتقد الفيلم.

مدحتنى الصحافة كثيرا، وأطلقت على لقب "العبقرى" والنابغة الذي لم يسبق له مثيل، وأصبت بسبب هذا المدح بأضرار بالغة لأننى كنت مبتدئا، وقد جعلنى هذا المدح أشعر بكثير من الغرور والشطط، وبدأت أتصور أننى عبقرى زمانه فأخرجت أفلاما تهاونت فيها من الناحية المادية.

فمثلا إذا قال لى المنتج إنه ليس معه مال لإكمال تصوير الفيلم أعطف على المنتج، واكتفى بما تم تصويره من الفيلم واتصرف في باقى الفيلم على هذا الأساس بنظام "الكروتة" رحمة بالمنتج، وقد نجم عن ذلك فشل مادى وأدبى في أفلامى وفى سمعتى كمخرج.

جاء ذلك بعد نجاح كان من الممكن أن يدوم، لولا مدح الصحف والصحفيين الكثير مما جعلنى أسقط إلى هاوية الغرور، وأحاول بعد ذلك البدء من جديد.

أخرجت فيلم "أنا الماضى" ومنه بدأت أحافظ على مستواى ومركزى، وتعلمت أن السينما كلما اعمل فيها يوما أكثر أعرف أكثر، وأن السينما تجارب،لا دراسة، فالتجارب لها قيمة أكثر من الدراسة النظرية، ومهما وصلت في السينما فكل يوم أتعلم فيه جديدا.

إن عمل الفنان هو شاهده ولن يستطيع أشطر أو اخطر صحفى أن يطمس نجاح فنان أو يرفع مغمورا فاشلا إلى الأضواء.