رئيس التحرير
عصام كامل

أسباب انتداب «قضاة مجلس الدولة» للجهات الإدارية


أجاز المُشرع ندب قضاة مجلس الدولة كل الوقت أو في غير أوقات العمل الرسمية للوزارات ومصالحها للقيام بأعمال قضائية أو قانونية بها بقصد تيسير استعانة هذه الجهات بخبراتهم القانونية، وهي بصدد مباشرة مهامها لوضع المبادئ التي يرسيها مجلس الدولة في هذا الإطار موضع تطبيق عملي مستقر ومستمر.


بالطبع حدد المُشرع الجهات التي يجوز الندب إليها على سبيل الحصر، لا على سبيل المثال بالنظر إلى ما يتوافر فيها من مقومات تتفق مع مقتضيات الوظيفة القضائية التي يضطلع قضاة مجلس الدولة أساسًا بأعبائها، وبالطبع علاقة المستشار القانوني بالجهة المنتدب إليها لا تدخل تحت وصف العلاقة اللائحية أو العقدية، إنما هي علاقة خاصة ومؤقتة يؤدي بمقتضاها أعمال الخبرة القانونية، ويظل فيها تابعًا لجهة عمله "القضائية" الأصلية تحدد بداية ونهاية انتدابه.

كما أتاح المشرع للهيئات والمؤسسات العامة في سبيل تحقيق الدور المنوط بها الاستعانة بخبرات قضاة مجلس الدولة، القضائية والقانونية في المجالات المتصلة بعملها، وذلك عن طريق طلب ندب قاض أو أكثر للعمل بالهيئة كل الوقت أو في غير أوقات العمل الرسمية، وتقديرًا من المشرع في الوقت ذاته لأهمية الدور الذي تضطلع به الإدارات القانونية بالهيئات العامة في معاونتها على تحقيق أهدافها، والقيام بأداء الأعمال القانونية اللازمة لحسن سير الإنتاج والخدمات والحفاظ على الملكية العامة.

ووفقًا للقانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات والهيئات العامة والوحدات التابعة لها حرص المشرع من خلاله على تهيئة المناخ المناسب لمباشرة أعضاء هذه الإدارات لواجباتهم وكفالة استقلالهم في مباشرة الاختصاصات الفنية، ومن ذلك المرافعة ومباشرة الدعاوى أمام المحاكم وفحص الشكاوى وإجراءات التحقيقات وإبداء الآراء القانونية في المسائل التي تحال إليهم من رئيس مجلس الإدارة أو من يفوضه، حيث لا يخضع هؤلاء الأعضاء لدى ممارسة تلك الاختصاصات لغير رؤسائهم المتدرجين على نحو يحول دون التدخل في عملهم الفني واستقلالهم.

إلا أن القانون رقم 47 لسنة 1973 لم يشأ أن يجعل من هذا الاستقلال قيدًا يعوق ممارسة رئيس مجلس الإدارة اختصاصه الأصيل في الإشراف على جميع الإدارات بالهيئة ومن بينها الإدارة القانونية، وله أن يستعين في ذلك بانتداب أحد قضاة مجلس الدولة، الذي لا يباشر في حقيقة الأمر دورًا إشرافيًا تنفيذيًا مباشرًا أو دورًا رقابيًا على أعضاء الإدارة القانونية بالهيئة، إنما يؤدي دوره من خلال رئيس مجلس الإدارة بما يبديه له من آراء وتوصيات فنية استشارية في الموضوعات المحالة إليه من السلطة المختصة.

ولم يترك المشرع أمر تقدير مقابل العمل القضائي أو القانوني للجهة المنتدب إليها، حيث أسند إلى المجلس الخاص للشئون الإدارية بمجلس الدولة دون غيره ولاية تحديد هذا المقابل بنسبة مقدارها 60% من المرتب الشامل، دون تدخل من الجهة المنتدب إليها حتى لو تعارض ذلك مع ما هو مقرر في لوائحها الحاكمة للعاملين لديها، باعتبار أن نص المادة 88 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة والمعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1948، وهو النص الخاص الذي يحكم هذه المسألة، مع مراعاة ألا يخل ذلك بأحقية المستشار المنتدب في الحصول على ما قد تقرره الجهة المنتدب إليها من مكافآت للجان التي يشارك فيها، شأنه شأن غيره من أعضاء تلك اللجان.. وللحـديـث بـقـيـة.
الجريدة الرسمية