رئيس التحرير
عصام كامل

هل يحكم الإعلام العالم؟


أفرزت ثورات الربيع العربي العديد من السلبيات والإيجابيات في مجتمعاتنا، وكان أبرز السلبيات حالة السيولة الإعلامية التي انتشرت عبر مواقع وصحف كثيرة توظف ما يقال عبر السوشيال ميديا وتروجه دون النظر لمصداقيته ومدى تأثيره على المجتمع، وصولا لخلق حالة من اللامعلوماتية الحقيقية، والوعي بقيمة المعلومة ودور المعرفة في بناء وتنمية الأوطان، حتى أصبحت الشائعات وأحيانا النكات أخبارا تتداول عبر صحف ومواقع مجهولة..


تروج لها صفحات السوشيال ميديا، مما خلق حالة من عدم الشفافية والوضوح لدى المواطن العربي، وتطورت صناعة إعلام الجهل وتم توظيفه سياسيا في الصراعات بين دول العالم، وأصبح المواطن ضحية منابر إعلامية مأجورة سياسيا تهدف لتفكيك الأوطان وتحقيق أهدافها الإستراتيجية.

الرئيس السيسي في خطابه الأخير تحدث عن دور الوعي بقيمة الدولة وعمليات التنمية وما تواجهه الدولة من حرب شرسة عبر آلاف الشائعات المتداولة، لفقدان المواطنين الثقة في كل إنجازات الدولة، وطبقا للعرف من السهل إطلاق شائعة لكن الصعوبة هو نفيها بنفس قدرة الوصول والترويج لذلك..

نحن في معركة حقيقية وإرهاب من نوع جديد تخطى حروب الجيل الرابع والخامس وأصبح الإعلام الأقوى والحاكم الفعلي في العالم.

أظهرت قضية مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" الوجه القبيح للإعلام الموجه سياسيا ودوره في خلق حالة من الضغط على الدول، فعلى الرغم من الاعتراف السعودي بمقتله داخل السفارة بتركيا لكننا أمام ظاهرة حقيقية فتوحشت وسائل الإعلام في نشر معلومات مغلوطة وتسريبات مجهولة ومصادر غير معلومة..

وأصبح العالم يموج في غيبوبة من الشائعات ما بين منتقد أو متعاطف أو من يوظف الأحداث لطموحاته السياسية في سباق قيادة العالم العربي.

أسئلة كثيرة طرحتها التغطية الإعلامية لمقتل "خاشقجي" أين الحيادية والمصداقية فالإعلام العربي ما بين صامت ومحايد وما بين المدافع والمنكر للأمر دفاعا عن السعودية، فلم نر تعاطيا موضوعيا حقيقيا عبر معلومات ورؤى تعكس قدر الأزمة التي ستكون لها تبعات كبرى الأيام المقبلة، من حيث مستقبل الدولة السعودية ودورها الإقليمي وعلاقتها بتركيا بعد جفاء سياسي كبير، وهل ستستمر السعودية في محاربة الإرهاب.

أغرقت التسريبات وسائل الإعلام الموجهة مثل قنوات الجزيرة والصحف القطرية والتركية والأمريكية العالم العربي بموجة من صناعة التضليل وغياب الحياد والموضوعية، عبر تسريبات مثل ساعة الأيفون والمنشار وتقطيع الجثة وغيرها وغيرها لخلق حالة من تضخيم القضية، وفي المواجهة سقطت بعض وسائل الإعلام العربية في اتهامات لـ"خاشقجي" بالعمالة لتركيا وأنه صهيوني وعميل وخائن وغيرها من قوائم الاتهامات الجاهزة في كل القضايا..

وللأسف سقط المواطن العربي وتحديدا السعودي في غياهب الجب، أصبح لا يعرف الحقيقة، فحتى الاعتراف بمقتل خاشقجي أصبح مجالا كبيرا للتساؤلات والاشاعات.

أحداث كثيرة استثمرتها القوى المسيطرة على الإعلام في السنوات الماضية وأصبح وسيلة ضغط كبرى على الشعوب، وأحيانا وسيلة لتفكيك الشعوب وإدخالها في حروب داخلية، وتغيير أنظمة وانهيار اقتصادي، فنُحذر وندعوا لوقفة كبرى لصناعة إعلام حقيقي يدعم الحيادية والمصداقية وصناعة الرأي الحر، وإخراج الإعلام من صراعات التوظيف السياسي وهو الأخطر على مستقبل العالم.
dreemstars@gmail.com
الجريدة الرسمية