رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية المستشارة «فريـال قطب».. مع المحكمة العليا


شرط المصلحة هو شرط جوهري يتعين توافره ابتداء من إقامة الدعوى، كما واستمراره قائمًا حتى صدور حكم نهائي فيها، وعلى القاضي بما له من هيمنة إيجابية على إجراءات الخصومة الإدارية التحقق من مدى توافر شرط المصلحة في الدعوى وصفة الخصوم فيها وفقًا للأسباب التي بنيت عليها الطلبات، وتقدير مدى جواز الاستمرار في الخصومة في ضوء تغير المراكز القانونية لأطرافها.


يأتي ذلك حتى لا يشغل القضاء بخصومات لا طائل من ورائها، على اعتبار أن دعوى الإلغاء هي دعوى عينية تنصب على مشروعية القرار الإداري في ذاته، وتستهدف إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار المطلوب إلغاؤه ـ أو وقف تنفيذه، فإذا حال ذلك دون مانع قانوني أو فعلي لا يكون ثمة وجه للاستمرار في الدعوى ويتعين الحكم بعدم قبولها لزوال شرط المصلحة.

وبالطبع دعوى الإلغاء التي تنشئ لذي الشأن حقًا في الدعوى، أي طلب الحماية القضائية تستلزم أن يكون المدعي في مركز قانوني مسه القرار المطعون فيه، وهو أمر يختلف عن الحق في الشكوى، ذلك الحق المقرر دستوريًا الذي بمقتضاه يحق لذي الشأن مخاطبة السلطات العامة باسمه وتوقيعه لإحاطتها علمًا بأية وقائع أو ممارسات تمس الشأن العام أو الخاص وحثها على اتخاذ اللازم بشأنها في إطار الاختصاصات المعقودة لها قانونًا إعلاء لمبدأ سيادة القانون.

جاء ذلك في حكم المحكمة الإدارية العليا رقم 16093 لسنة 64 قضائية عليا بعدم قبول طعن أقامه أحد أعضاء النيابة الإدارية بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الجمهورية بتعيين المستشارة فريـال قطب رئيسًا لهيئة النيابة الإدارية.

وتضمن الحكم عدم قبول الطعن لرفعه على غير صفة بالنسبة للمطعون ضدهما البابا تواضروس بطريرك الكرازة المرقسية.. ورئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان وإخراجهما من الطعن، لان محور النزاع في الطعن يدور حول مشروعية قرار رئيس الجمهورية رقم 457 لسنة 2017 بتعيين المستشارة فريـال قطب رئيسًا لهيئة النيابة الإدارية مما يعني به إعدادًا وإصدارًا وتنفيذًا المطعون ضدهم رئيس الجمهورية ووزير العدل ورئيس هيئة النيابة الإدارية، دون بطريركية الكرازة المرقسية أو المجلس القومي لحقوق الإنسان، ومن ثم فإن اختصام الممثل القانوني لكل منهما في الطعن يغدو اختصامًا لغير ذي صفة.

وقالت المحكمة العليا أيضًا إن الطاعن بصفته مواطنًا مصريًا ـ وبما لا يتعارض مع واجبات وظيفته كعضو هيئة قضائية أو المساس بكرامتها أو الاحترام الواجب لها ـ حقًا في الشكوى وفقًا لحكم المادة 85 من الدستور، أي الحق في مخاطبة السلطات العامة كتابة وبتوقيعه وإبلاغها بما وصل إلى علمه من وقائع وممارسات يعتقد أنها تمثل فسادًا لتتولى هذه السلطات بدورها اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بشأنها في ضوء الاختصاصات المعقودة لكل منها قانونًا.

ونوهت المحكمة إلى أن الطاعن ليس في مركز قانوني يمنحه الحق في الدعوى أي طلب الحماية القضائية، إذ لم يكن في مركز قانوني مسه القرار الجمهوري المطعون فيه، ومن ثم تنتفي مصلحته القانونية وصفته في الطعن، وأنه ليس له من سبيل لإكراه المستشارة محاسن لوقا لممارسة حقها في التقاضي والدفاع عن حقوقها المكفولة دستوريًا أصالة عن نفسها أو بالوكالة بموجب نص المادتين 97 و98 من الدستور، بزعم أنها أسبق من المستشارة فريـال قطب في ترتيب الأقدمية بين نواب رئيس هيئة النيابة الإدارية والأحق منها في تولي رئاسة الهيئة متى ارتأت أن مصلحتها تكمن في العزوف عن ممارستها لأي إجراء.

النزاع يدور حول ما أثاره الطاعن عن مدى مشروعية قرار رئيس الجمهورية بتعيين المستشارة فريـال قطب، رئيسًا لهيئة النيابة الإدارية وأحقية المستشارة محاسن لوقا في تولي هذا المنصب بدلًا منها، ومطالبته بالتعويض لنفسه عن الأضرار التي لحقت به من جراء هذا القرار، الأمر الذي انتهت معه المحكمة إلى عدم قبوله انتفاء مصلحة الطاعن الشخصية المباشرة والقانونية فيها ومن ثم صفته.. وللـحـديـث بـقـيـة.
الجريدة الرسمية