رئيس التحرير
عصام كامل

بطولات بدو سيناء


سيناء العزيزة على قلب كل مصري، كانت محور الأحاديث والاحتفال بمرور ٤٥ عاما على انتصار أكتوبر العظيم سنة ١٩٧٣.
 
ومن بين البطولات الفذة التي سمعتها خلال هذا الشهر من أبطالها الحقيقيين، استوقفني الأداء البطولي لأهالي سيناء المعروفين ببدو سيناء.


شعرت أننا جميعا مدينون بالعرفان بالجميل بل والتقصير في حق بدو سيناء، لقد ظلمتهم بعض وسائل الإعلام عندما اتهمت أقلية منهم بعدم الولاء أو الاتجار بالمخدرات أو التعامل مع الإسرائليين، وأخيرا اتهمنا بعضهم بالتشدد والتطرف والإرهاب، وهذا غير حقيقي، فالواقع أن الغالبية العظمى ممن قاموا بهذه الأعمال هم من خارج سيناء.

التاريخ البطولي لبدو سيناء بدأ بعد احتلال إسرائيل لها في يونيو ١٩٦٧، وشرعت إسرائيل في عزل سيناء عن مصر وإعلانها دولة مستقلة، لكي تقطع على مصر المطالبة باستردادها، وخطط لذلك وزير الدفاع الإسرائيلي موشي ديان وأعد لمؤتمر دولي يوم ٥ نوفمبر ١٩٦٨ بمدينة الحسنة بوسط سيناء، لكن المخابرات العامة المصرية بالتنسيق مع بدو سيناء أجهضت هذه الخطة الجهنمية.

وتم تفويض الشيخ سالم الهرش من قبيلة البياضية للحديث  أمام الوفود  والصحافة الدولية حيث قال:

إن سيناء مصرية وقطعة من مصر ولا نرضى بديلا عن مصر وما أنتم إلا احتلال ونرفض التدويل وأمر سيناء في يد مصر، سيناء مصرية مائة في المائة ولا نملك فيها شبرا واحدًا يمكننا التفريط فيه، ومن يريد الحديث عن سيناء يتكلم مع زعيم مصر جمال عبد الناصر.

وأثناء حرب الاستنزاف كانت لبدو سيناء مواقف بطولية وتعاون عظيم مع المخابرات العامة المصرية لإلحاق أكبر الخسائر للقوات الإسرائيلية المحتلة.

وأثناء معركة أكتوبر العظيمة، كان لأهل سيناء بطولات فذة وقدموا خدمات جليلة للمخابرات المصرية خلف قوات العدو وفي قلب سيناء، كما جاء على لسان أبطال المخابرات المصرية أنفسهم، لقد قدموا المعلومات والإعاشة والحماية لرجال المخابرات المصرية مما كان له عظيم الأثر في نصر أكتوبر العظيم.

وبعد عودة سيناء كاملة لمصر بالحرب والسلم والتحكيم الدولي حول طابا، كانت توقعات بدو سيناء أكبر من إمكانيات مصر، لكن التنمية تأخرت كثيرا هناك، وعانى أهلها من التهميش وسوء المعاملة ونقص الخدمات خاصة الصحية، إلى أن حدثت ثورة يناير ٢٠١١، وحكم الإخوان، وانهارت الحدود، وجاء الإرهابيون والهاربون من كل حدب وصوب، وكان الغرض هو عزل سيناء مرة أخرى وإنشاء إمارة إسلامية عليها، وكأن التاريخ يعود مرة أخرى إلى ٥ نوفمبر ١٩٦٨ ومؤتمر الحسنة.

ومع تولي الرئيس السيسي فترته الأولى، بدأ أكبر حركة تعمير في سيناء، وأنشأ أنفاقا تحت القناة، لربط سيناء بالوادي والدلتا، وبدأت حركة العمران واستصلاح الأراضي، وحدث اهتمام بالخدمات وتحسين أحوال المعيشة للمواطن السيناوي ومحاربة الإرهاب من خلال العملية الشاملة سيناء 2018 وهي أكبر عملية عسكرية واسعة النطاق تشهدها سيناء وتواكب حركة تنمية غير مسبوقة.

ولقد شرفت بزيارة سيناء مع وفد الأطباء من الجامعات المصرية، ورأيت بنفسي مستشفيات كاملة التجهيز في شمال ووسط سيناء، وبروتوكولات تعاون مع كليات الطب المصرية لتقديم خدمات صحية لأهالي سيناء.

وأتمنى أن تستمر الحكومة في تحسين الأحوال المعيشية لأهالي سيناء وتحقيق التنمية المستدامة والاهتمام بالتعليم والصحة وإيجاد فرص عمل للشباب ووضع سيناء على خريطة الاستثمار الدولي ودحر الإرهاب، سيناء هي المدافع الأول عن البوابة الشرقية لمصر، والمواطن السيناوي هو أقوى سلاح في  مكافحة الإرهاب وفي حركة التعمير والتنمية.
الجريدة الرسمية