رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

استراحات أصحاب «البالطو الأبيض» في «الإنعاش».. جولة في أربع محافظات تكشف «كوارث».. أطباء الدقهلية يسددون فواتير «تجهيز أماكنهم» و«الشقق المفروشة» تنقذ

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

«استراحات الأطباء».. من الوهلة الأولى تتصور أنها تكاد تكون قريبة الشبه بـ«الغرف الفندقية» ذات خدمات عالية الجودة، ومتوافرة بشكل دائم، غير إن رحلة واحدة إلى عدد من الاستراحات تلك، وتحديدًا في المحافظات، ستكشف حجم المأساة التي يعاني منها أصحاب «البالطو الأبيض»، ما بين استراحات غير أدمية، وتجهيزات أولية لا يتم توفيرها، ومن يعترض عليه أن «يدفع لتجهيز استراحته» أو أن يظل حبيسًا في المكان الموحش هذا.


الدقهلية
4 محافظات مختلفة.. تجولت «فيتو» بين استراحات الأطباء في عدد من مستشفياتها.. والبداية كانت من محافظة الدقهلية، حيث اضطر أطباء غالبية المستشفيات هناك إلى تحمل نفقات تجهيز الاستراحات الخاصة بهم، بعدما تركتهم الوزارة بلا أية تجهيزات تليق بهم.

بداية قال الدكتور محمد البهي، طبيب في مستشفى دكرنس العام: «استراحة الأطباء في المستشفى تخلو من كل أنواع الترفيه، ولا توجد بها سوى مرتبة صغيرة ودولاب لوضع به ملابس الأطباء، وفي الغالب يتم تجهيز الاستراحات على نفقة الأطباء ليتمكنوا من البقاء داخلها».

في السياق.. الدكتور حمدي خالد، طبيب مستشفى دكرنس: «الاستراحة مكان تجمع الأطباء مع بعضهم أحيانا، وتم الحديث مع بعضهم البعض، ولم تكن مجهزة بكامل الأجهزة التي تساعد الأطباء أثناء البقاء داخلها، وتكتفي مديرية الصحة بتجهيزها بأجهزة بدائية، ولهذا يلجأ الأطباء إلى الاعتماد على أنفسهم في تجهيزها بمتطلباتهم، التي تتيح لهم المكوث داخلها ساعات طويلة تصل أحيانا إلى 24 ساعة متواصلة».

على الجانب الآخر.. قال الدكتور سعد مكي، وكيل وزارة الصحة بالدقهلية: «استراحات الأطباء في المستشفيات تكون غرفا مجهزة داخل المستشفيات من أجل راحتهم، ويتم تجهيزها بأشياء تساعدهم على النوم في فترة الراحة الخاصة بهم، مع الأخذ في الاعتبار أنهم يقضون داخلها ساعات قليلة، وفيما يتعلق بالاستراحات التي يجهزها الأطباء فهذا الأمر يرجع إلى أنهم يمكثون فيها ساعات طويلة».

الشرقية
الوضع في محافظات الشرقية كان أكثر سوءا، فاستراحات الأطباء عبارة عن أبنية قديمة وغرف ضيقة أشبه بالزنازين، وحمامات غير آدمية ومهملة، وتنذر بكارثة إنسانية مستقبلا، وبلا أدنى إمكانيات يسكن أطباء مستشفيات الشرقية المغتربين، ما يجعل الحياة بالنسبة لهم مهينة وقاسية وأشبه بالجحيم حسب وصف أحدهم.

أحد الأطباء بمستشفى «أبو حماد المركزي»، تحفظ على ذكر اسمه، أكد أن المكان الذي يقيم فيه برفقة زملائه متهالك جدًا، والغرف قريبة الشبه بـ«المقابر»، إلى جانب الرائحة الكريهة والقاذورات المنتشرة في أرجاء المكان.

وأضاف: الاستراحات لا تتوافر بها أية تجهيزات من أجهزة تليفزيون أو مكيفات للهواء تساعدنا على العمل في أجواء طبيعية، وتحتوي على أسرة متهالكة ومفروشات ممزقة، علاوة على أن الحمامات الملحقة بها تمثل خطورة كبيرة جدا على حياة الأطباء، حيث أسلاك الكهرباء عارية وصنابير المياه أكلها الصدأ، وتتسرب منها كميات كبيرة من المياه.

وقال طبيب ثان بمستشفى الأحرار التعليمي بمدينة الزقازيق: «الحالة السيئة للاستراحات دفعت عددا منا لتأجير شقق مفروشة بمبالغ باهظة، لكي يتمكن من العمل في ظروف أفضل بالرغم من قلة الرواتب، حيث إن أقصى راتب ممكن أن يصل إليه الطبيب حتى بلوغه المعاش 4800 جنيه تقريبا.. وبعد ذلك يطالبنا المسئولون والمواطنون بالعمل المتواصل لساعات طويلة في ظل ظروف عمل قاسية وألا نخطئ».

في حين أكد الدكتور (أحمد. ع)، طبيب يعمل بمستشفى الزقازيق الجامعي، أن جميع الأطباء المغتربين يواجهون مشكلات عديدة منها السكن والطعام غير الآدمي الذي يقدم إليهم، ويعتمدون على أنفسهم في كل شيء، لافتًا إلى أن وزارة الصحة تقتطع جزءا من رواتبهم شهريا يبلغ نحو 120 جنيها، مقابل وجبة لا تتناسب مع ما يقدمه الطبيب من خدمات وتضحيات تجاه المرضى.

وتابع: «مئات الأطباء المتميزون هاجروا خارج البلد بسبب الأوضاع السيئة التي يمر بها الطبيب المصري، وعدم تقديره سواء ماديًا أو معنويًا، وتوفير الجو الملائم للعمل، والطبيب مطحون ليل نهار داخل المستشفيات، ويعمل في جميع التخصصات نظرا لقلة الأطباء، ويتحمل الإهانة ولا يشعر بنا أحد سواء من المواطنين أو الإعلام الذي يحملنا دائما الأخطاء بسبب أو دون سبب».

من جانبه، رفض الدكتور هشام شوقي مسعود، وكيل وزارة الصحة بالشرقية، التعليق على شكاوى الأطباء، واكتفى بالقول: «الوزارة أبلغتنا بعدم التحدث تجاه ما يحدث في المستشفيات، والدكتور خالد مجاهد هو المتحدث الرسمي باسم الوزارة فقط».

القليوبية
ومن الأوضاع السيئة التي يعاني منها أطباء الشرقية، إلى الساعات الطويلة التي يقضيها أطباء محافظة القليوبية داخل استراحاتهم وسط القطط والفئران، وعدم توافر التجهيزات الأولية التي تتيح لهم ساعات قليلة من الراحة.

من جانبه أكد الدكتور محمد حفني، طبيب بمستشفى بنها التعليمي، أن السكن لديهم يتنقل من مكان سيئ إلى مكان آخر أكثر سوءا، وذلك بسبب أعمال تطوير المستشفى التي تتم منذ سنوات طويلة.

وأضاف: استراحتنا حاليا تقع في الدور الخامس، ولا يوجد أمن عليه، حتى سكن الطبيبات المقابل لنا في نفس الدور يعاني من نفس الأزمة، إضافة إلى أن المكان يفتقر إلى التجهيزات الأولية المفترض توافرها، وهناك كمية كبيرة من المراتب المكهنة والسرائر البالية التي تمثل خطورة على حياة الأطباء في حال وجود حرائق، ساعدت في انتشار الفئران والقطط داخل المكان.

وتابع: «الاستراحة يوجد بها سرير واحد، وهو ما يدفع بقية الأطباء للنوم على الأرض، ويبدو أن وزارة الصحة دائما تحرص على اختيار سكن الأطباء في المستشفيات الأكثر سوءا».

في حين قالت الدكتورة هند نوح، طبيبة بالمستشفى ذاته: «لا يوجد حمام داخل السكن، ومن يريد استخدام الحمام ينزل إلى الدور الأرضي ويستخدم حمامات المرضى».

من جهتها أوضحت الدكتورة نجوى سند، طبيبة بمستشفى الخانكة المركزي، أن المستشفى حاليا يعمل داخل الوحدة الصحية بأبو زعبل، بسبب أعمال التطوير التي يخضع لها المستشفى، منوهة إلى سكن الأطباء الذي يقع في الدور الثاني عبارة عن غرفة واحدة فقط وليس بها حمام مخصص، والأطباء يستخدمون حماما عموميا سيئا للغاية ولا يتم تنظيفه.

ومن جانبه، يشير الدكتور عبد العاطي غنيم مدير مستشفى بنها التعليمي: المستشفى يخضع حاليا لعملية تطوير شاملة على مستوى الأقسام بعد حل أزمة المقاول، وإخلائه جبريا بالقانون، وتم إسناد أعمال تطوير المستشفى بالأمر المباشر إلى جهاز الخدمة الوطنية بتكلفة 32 مليون جنيه، ومسألة تطوير سكن الأطباء دخل ضمن خطة التطوير الحالية، حيث تم تخصيص مبلغ 123 مليون جنيه لتطويره وسيصبح 5 نجوم يليق بمستوى وكفاءة الأطباء.

الإسكندرية
لم يختلف الحال في مستشفيات العاصمة الثانية "الإسكندرية"، حيث إن طبيعة الحال لسكن الأطباء، «مكان غير آدمي» وهو ما أجمع عليه جميع الأطباء الذين تحدثت إليهم «فيتو».

من جانبه، قال الدكتور محمد فريد أحد الأطباء: «لا توجد أي أعمال للصيانة والتطوير داخل الاستراحات، ونتشاهد على أرواحنا لأننا نتعرض للموت بسبب الإهمال الذي وصل إلى أسلاك الكهرباء العارية تماما، وتهالك دوريات المياه وعدم وجود نظافة عليها، بجانب الطعام المقدم بمطبخ المستشفى غير الآدمي، ونلجأ إلى شراء جميع احتياجاتنا من الخارج».

من جهته، اكتفى الدكتور شوقي سعد، بالإشارة إلى أنهم قدموا شكاوى كثيرة للجهات المسئولة، عن الأوضاع المزرية التي أصبحت عليها استراحات الأطباء، ولم يتلقوا أي ردود على شكواهم تلك، موضحًا أنهم يتوقعون حدوث كوارث للأطباء داخل استراحاتهم خلال الفترة المقبلة.

في حين أكد الدكتور رفيق خليل نقيب الأطباء بالإسكندرية، أن هناك الكثير من الأزمات الكبرى التي يعاني منها الأطباء داخل سكن الاستراحات لهم، بسبب تدهور الخدمات به وسوء الرعاية والنظافة، وضعف الإمكانيات المتاحة داخل استراحات الأطباء، وهو ما يؤثر بالسلب على الطبيب خلال عمله.

وأضاف نقيب الأطباء: «المسئولون تجاهلوا ملف تطوير استراحات الأطباء وتوفير أجواء آدمية مناسبة لهم، مع الأخذ في الاعتبار أنه في حالة تطوير الاستراحات، وتوفير المستلزمات المطلوبة، سينعكس بالإيجاب على أداء الأطباء والخدمة التي تقدمها المستشفيات للمرضى».

في سياق متصل، أكد مصدر داخل مستشفى الميري، أن هناك الكثير من الشكاوى لدى الأطباء، من تكرار الأزمات التي تتجدد بداخل سكناهم، وما يتعرضون إليه من إهمال وتهالك في البنية التحتية، وانتشار الحيوانات والقطط، وعدم وجود حياة آدمية تسمح لهم مباشرة أعمالهم بالشكل المطلوب، إلى جانب الروائح الكريهة التي تنبعث بداخل سكن الأطباء بسبب غياب عامل التهوية، وعدم وجود خدمات تتوافر بالشكل السليم لهم خلال فترات الراحة، بالإضافة إلى عدم وجود أي أعمال للتطوير وتجديد لانتشال الاستراحات من الضياع، مما يلجأ البعض من أطباء المحافظات الأخرى إلى البحث عن بدائل أخرى للسكن، والتي تبعد كثيرا عن المستشفى التي يعمل من خلالها، وهو ما يشكل صعوبة كبيرة عليهم، ويحول دون إنقاذهم في بعض الأوقات للحالات الحرجة التي تصل إلى أماكن عملهم.

"نقلا عن العدد الورقي..."
Advertisements
الجريدة الرسمية