رئيس التحرير
عصام كامل

عودة الحرب الباردة.. مخاطر إلغاء الاتفاقية النووية بين روسيا وأمريكا

الرئيس الأمريكي دونالد
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

حالة من الجدل أثارها تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من معاهدة السلاح النووي "القوى النووية متوسطة المدى" الموقعة مع روسيا، بسبب انتهاك الأخيرة لها.


وجاءت تصريحات ترامب في أعقاب تأكيد مدير إدارة شئون عدم الانتشار والرقابة على الأسلحة بوزارة الخارجية الروسية، فلاديمير يرماكوف، قيام الولايات المتحدة بنشر منصات إطلاق طراز "ام ك 41" على أراضي رومانيا وبولندا بما يتعارض مع الاتفاقية.

إلا أن الجانب الروسي علق على تهديدات ترامب، بوصفها أنها "خطيرة للغاية، وأكد نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف أن الرئيس الأمريكي يحلم "بعالم أحادي القطب".

وأضاف ريابكوف قائلا: "إذا واصل الأمريكيون الخروج من جانب واحد من الاتفاقيات والآليات الدولية المختلفة، والأمثلة تتضاعف - من خطة العمل الشاملة المشتركة حول إيران حتى الاتحاد البريدي العالمي - فلن يبقى لنا سوى أن نتخذ تدابير ذو طابع عسكري تقني.. لكننا لا نريد أن نصل لذلك".

تاريخ الاتفاقية
وبحسب مركز "كاتيخون" للدراسات والأبحاث السياسية فقد تم توقيع معاهدة الحد من الأسلحة النووية بين الاتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة بشأن إزالة الصواريخ النووية قصيرة المدى والصواريخ النووية متوسطة المدى في 8 ديسمبر 1987، ودخلت حيز التنفيذ في 1 يونيو 1988.

ووفقا لمعاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى، كان على كل طرف تصفية صواريخه الباليستية وصواريخ كروز البرية متوسطة المدى "1000-5500 كم" والقصيرة "500-1000 كم" في غضون السنوات الثلاث الأولى من إبرام الاتفاق.

وكانت الصواريخ الأمريكية الموجودة على أراضي دول الناتو الأوروبية خاضعة للتصفية كذلك في: بلجيكا، بريطانيا، إيطاليا، هولندا، وألمانيا.

ونتيجة لتنفيذ الاتحاد السوفييتي السابق للاتفاق، تم في 1 يونيو 1991، إزالة 1846 صاروخا منها 889 متوسطة المدى من الأنواع "654 RAR-10، 149 R-12، 6 R-14، و80 RK-55 من صواريخ كروز" و957 صاروخا قصيرة المدى من الأنواع "718 OTR-22 و239 OTR-23".

من جانبها قامت الولايات المتحدة بإزالة 846 صاروخا منها 677 صاروخا متوسطة المدى "234 "بيرشينج 2" و443 صاروخا من طراز توماهوك البحرية" و169 صاروخا قصير المدى "بيرشين-1 آ".

مخاطر الإلغاء
ونصت معاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى على العديد من آليات الرقابة بطريقة لا مثيل لها، بما ينذر بالعديد من الويلات في حال قررت إحدى الدولتين إلغائها، بما يسمح بتزايد الأنشطة التدريبية في مجال الأسلحة النووية متوسطة المدى.

عودة الحرب الباردة
وتعد من أكبر مخاطر إلغاء الاتفاقية بين البلدين عودة الحرب الباردة بينهما، التي كانت الاتفاقية سببا رئيسيا في إنهائها، بعدما كادت هذه الحرب تصل إلى مرحلة الاشتباك المباشر بين أقوى بلدين في العالم بعد "أزمة الصواريخ الكوبية"، التي كادت أن تشعل حربا عالمية ثالثة "نووية".

إلغاء الرقابة
وبإلغاء الاتفاقية، سيتم بالتبعية إلغاء الرقابة على ذلك النوع من الأسلحة وهي النص الأهم في الاتفاقية، الذي بموجبه حصلت أنشطة التفتيش على تسجيل قانوني، بما يؤدي إلى انتشارها بشكل واسع دون سيطرة.

وبهدف السيطرة الكاملة على تنفيذ الاتفاق، كان لكل طرف الحق، خلال 13 عاما من لحظة تنفيذ المعاهدة، تفقد أراضي الطرف الآخر وأراضي البلدان التي كانت تنتشر فيها مثل هذه الصواريخ.

ونصت الاتفاقية على استمرار عمليات التفتيش على إنتاج الصواريخ، مثل مصنع بناء الآلات "فوتكينسك" في الاتحاد السوفيتي السابق ومحطة "هرقل" في الولايات المتحدة في ماجنا، ولاية يوتا.

إلغاء مراكز تبادل المعلومات
ومن أجل تنفيذ معاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى، تم إنشاء هياكل تنظيمية خاصة لم تكن موجودة من قبل، ففي الاتحاد السوفيتي السابق، تم إنشاء المركز الوطني للحد من الخطر النووي وهو مركز لتبادل المعلومات في إطار المعاهدة وتم تخصيصه بهذه المهمة بمقتضى اتفاقات لاحقة، وفي حال إلغاء الاتفاقية يلغى أي تعاون في ذلك السياق.

بنود الإلغاء
ويوضح مركز "كاتيخون" للدراسات والأبحاث السياسية، أن معاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى هي معاهدة لأجل غير محدد.

ومع ذلك فإن لأي من الدول المعنية من خلال الحفاظ على السيادة، الحق في الخروج من المعاهدة إذا ما قررت ذلك في ظل ظروف استثنائية، كأن تكون محتويات المعاهدة تهدد المصالح العليا الخاصة بها.

وفي هذه الحالة فإن على الطرف الذي يرغب في إلغاء المعاهدة قبل ستة أشهر، أن يخبر الأطراف الأخرى بقراره، ويجب أن يحتوي الإشعار بيان عن الظروف الاستثنائية التي يعتبرها الطرف الذي يرغب بمغادرة المعاهدة مهددة له.
الجريدة الرسمية