رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عنان والإبراهيمي وميستورا.. ثلاثة مبعوثين لسوريا دون إنجاز

كوفي عنان
كوفي عنان

رفع الرجل السبعيني «ستافان دي ميستورا»، الراية البيضاء في مسرح الحرب المدمرة، لتتوافق مع لون شعره الأبيض، ويعلن انسحابه من معركة الأمم المتحدة الخاسرة في دولة الصراعات الإقليمية والدولية، وتنتظر سوريا الممزقة، رسولا جديدا من المؤسسة الدولية من أجل محاولة صناعة «معجزة» تفاوضية تنهي 7 سنوات من الدماء، ولعل الأيام القادمة تكون مبشرة بالسلام الغائب عن أرض الشام الأبية.


ثلاثة رسل
الأربعاء 17 أكتوبر 2018، أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، إنه سيتنحى عن منصبه نهاية شهر نوفمبر 2018، قائلا: «سوف أغادر مهمتي في الأسبوع الأخير من نوفمبر لظروف شخصية»، ليحلق برفيقيه الأمين العام السابق للأمم المتّحدة الراحل كوفي عنان، ووزير الخارجية الجزائري الأسبق، الأخضر الإبراهيمي، لتنتهي رحلة ثلاثة رسل إلى جحيم سوريا، بالخروج بخفي حنين وتسليم الراية منتكسة دون نجاح يذكر في الصرع أكثر من 360 ألف شخص، بينما نزح أكثر من نصف السكان أو اضطروا إلى مغادرة البلاد.

العسكرة
فشل «عنان» و«الإبراهيمي» و«ميستورا» في تحقيق إنجاز يذكر على أرض الواقع حيث بقيت الكلمة الأكبر للسلاح.
ورحل كوفي عنان قبل أن يعم السلام في أرجاء سوريا الغارق في الدماء والتي أصبحت بيتا لكل تجار الحروب، والذي كشف في تصريحات تنحيه عن منصب المبعوث الأممي إلى سوريا حقيقة اللعبة التي تعيشها أرض الحياة، قائلا: «لقد بذلت قصارى جهدي»، لكنّ «العسكرة المتزايدة على الأرض والافتقار الواضح للوحدة داخل مجلس الأمن غيّرت بشكل جذري ظروف ممارسة مهامي بشكل فعّال».

لعنة الفيتو
لم أنكر أن الثلاثة المبعوثين إلى سوريا لم ينجوا وبذلوا جهودا كبيرة لإنهاء الصراع الآن ولكن التوافقات الإقليمية والدولية كانت أكبر من رسل الأمم المتحدة، ويأتي في مقدمة هذه الأسباب حق النقض «الفيتو»، وهو الذي استخدم فأبقى الصراع قائما حتى اليوم، ويبقى السلاح صاحب الكلمة الأولى في سوريا، حتى إشعار آخر.

وصدق «عنان» في تقدير الأمر، ولكن تصريح الآخر هو الكاشف عن لماذا لم تنجح مفاوضات حل الصراع السوري، قائلا: «لم أتلقّ كل الدعم الذي تستحقّه القضيّة، هناك انقسامات داخل المجتمع الدولي»، مشيرًا ضمنًا إلى ثلاثة قرارات بشأن سوريا منذ بداية الأزمة استخدمت فيها موسكو وبكين حق النقض لوأدها، كانت تصريحات المبعوث الأممي لسوريا في أغسطس 2012 بعد استقالته من منصبه.

وقد استخدمت روسيا 12 مرة حق النقض في الأمم المتحدة لحماية حليفها السوري من الغرب، وهو ما يكشف حجم لعنة «الفيتو» على سوريا.

التشدد
أما وزير الخارجية الجزائري الأسبق، الأخضر الإبراهيمي، فقد أنهى مهام منصبه بتصريحاته التي كشف فيها بوضوح ما يحدث داخل سوريا، ولماذا تفشل جهود الحل السياسي فيما تبقى الكلمة لأصحاب الزناد، لافتا إلى أن التشدد في أطراف الصراع الحكومة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد، والمعارضة لعب دورا في استمرار الصراع والحرب، مناشدا السوريين «سواء كانوا مقاتلين أو كان الرئيس أو كانوا مسئولين.. أي تنازل (يتم تقديمه) لن يكون خسارة لكي ينتهي هذا الوضع».

تنصل الدول الكبرى
والأسباب الأخرى التي كشفتها تصريحات الإبراهيمي هي تنصل الدول الكبرى من مسئوليتها تجاه سوريا واستمرار دعم أطراف النزاع بالسلاح، قائلا: «ليست هناك دولة تقول إن ما يجري في سوريا يجب أن يستمر، والجميع يقول إن ما يحصل خطر، لكن الكل يحمّل الطرف الآخر مسئولية ما يجري».

وطالب الإبراهيمي كل الدول التي تزود الأطراف بالسلاح، بأن تتوقف، مضيفا «نتعامل مع المشكلة السورية، العويصة، على أساس الأفكار المتعددة الموجودة خاصة ما تركه عنان واتفاق جنيف، ونتكلم مع جميع الأطراف لوقف نزيف الدم ثم بناء مشروع للسوريين ومنهم لحل مشاكلهم».

ويرى مراقبون أن فشل المبعوثين الأمميين إلى سوريا يعود إلى صراع الدول الكبرى وأيضا اللاعبين الإقليميين في منطقة الشرق الأوسط، فهذه الأطراف ليست لديها نية لإنهاء الصراع بل الأزمة قد تطول سنوات أخرى في ظل عدم التوافق بين الدول الكبرى واستمرار صراع النفوذ بين اللاعبين الإقليميين.

من يحمل الراية؟
كان كثير مرشحين لخلافة دي ميستورا في منصب رسول السلام إلى أرض الحرب، في مقدمتهم مبعوث الأمم المتحدة إلى العراق يان كوبيش، ووزير خارجية الجزائر السابق رمطان لعمامرة، ومبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف.

السبعيني يبشر بانتهاء المعجزات
دي ميستورا، وبعد تجربة لنحو عامين ونصف العام في القضية السورية، اختصر ما يحدث في سوريا بأنه "كابوس" بالنسبة للشعب السوري، وذلك في تصريحات سابقة له، ثم زاد ليعبر عن رؤيته قائلًا: "لا أتوقع معجزات"، في إشارة منه إلى المباحثات الأخيرة بين الأطراف السورية.
Advertisements
الجريدة الرسمية