رئيس التحرير
عصام كامل

يمنيون على طريق أوروبا وآخرون لاجئون: «العالم نسينا»

فيتو

وسط استمرار العنف والأوضاع الإنسانية الصعبة في اليمن، يسعى يمنيون للجوء إلى الدول الأوروبية، لكنهم يرون أن الطرق مسدودة أمامهم، ويخشون أن العالم قد "نسي اليمن السعيد".

"الأوضاع مأساوية والحرب العبثية مستمرة، ولا توجد أي سبل للعيش"، هكذا يصف عبدالرحمن ص، الأوضاع في بلده اليمن الذي يشهد "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، على لسان مصادر في الأمم المتحدة. وبسبب هذه الأوضاع فإن الشاب الذي يبلغ الرابعة والعشرين من العمر يبحث عن أيّ وسيلة لمغادرة مدينته صنعاء، عاصمة البلد الذي كان يوصف بـ"اليمن السعيد".

يقول عبد الرحمن لمهاجر نيوز: "فقدنا الأمن وإمكانية تأمين سبل العيش، ويعاني الناس من انتشار الفقر والمجاعة والأوبئة بسبب الغلاء الجنوني للأسعار".

وتشهد مدن يمنية مظاهرات احتجاجًا على الأوضاع الاقتصادية الصعبة، حيث تسبب ارتفاع الأسعار في حرمان كثير من اليمنيين من بعض السلع الأساسية. ويواجه البنك المركزي اليمني صعوبة في دفع رواتب العاملين في القطاع العام، والتي يعتمد عليها كثيرون، فضلا عن تراجع الاحتياطيات من العملات الأجنبية.

"دول العالم تركتنا لوحدنا"
سيطرت جماعة الحوثي المدعومة من إيران على صنعاء في عام 2014، بعد أن أطاحت بالحكومة المعترف بها دوليا بقيادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وفي العام التالي تدخل تحالف بقيادة السعودية تدعمه الولايات المتحدة لإعادة رئيس الدولة وحكومته إلى العاصمة.

يقول عبد الرحمن الحاصل على إجازة في اللغة الإنجليزية: "ما يزيد الأوضاع سوءًا هو أنه ليس لدينا أي شكل من أشكال الدولة لتسيير الأمور، وإنما ميليشيات".

ويتابع: "كما أننا لا نملك حرية التعبير عن الرأي فنحن معرضون لدخول السجن في أيّ وقت".

ويرى الشاب اليمني أن "دول العالم تركت" اليمنيين لوحدهم، مشددًا على أنهم لا يريدون سوى توفر الأمن وسبل العيش الكريم.

وتوافقه في ذلك اللاجئة اليمنية في مصر "قبول ع"، والتي مازالت تعاني، كما تقول، بالرغم من أنها استطاعت مغادرة اليمن بسبب تعرضها لـ"تهديدات".

تقول قبول (31 عامًا) لمهاجر نيوز: "قتلت الميليشيات أخي الصحفي والذي كان يعد تحقيقًا عن تهريبهم النفط، كما قتلوا أبي، وداهموا منزلنا"، مضيفة أنه ليس لم يبقَ لها أحد سوى أختان، وهما يعيشان معها في مصر الآن.

وتتهم منظمة العفو الدولية الحوثيين بملاحقة النشطاء السياسيين والصحفيين والناشطين والبهائيين والأقليات الأخرى. ففي منتصف شهر سبتمبر 2018 تم اعتقال 20 بهائيا بتهمة نشر الدين البهائي في اليمن والتجسس.

ومن الناشطين اليمنيين البهائيين الذين اضطروا للخروج من اليمن بسبب ما تتعرض له الأقلية البهائية من اضطهاد، نديم السقاف الذين يقيم الآن في إحدى الدول الأوروبية، والذي كان اعتقل في اليمن ثلاث مرات.

يقول السقاف لمهاجر نيوز: "ما يتعرض له البهائيون في اليمن من اضطهاد هو سياسة إيرانية ممنهجة منذ سنوات، ورغم أن البعض يضطر للخروج من اليمن، إلا أن بهائيي اليمن متمسكون بأرضهم". وبالإضافة إلى الناشطين البهائيين فإن العديد من الصحفيين أيضًا لجأوا إلى أوروبا هربًا من الاضطهاد في اليمن، ومنهم الصحفي غمدان اليوسفي.

يقول اليوسفي لمهاجر نيوز إن العديد من الصحفيين اليمنيين "يتمنون الحصول على فرصة" للوصول إلى أوروبا لكنه يشير إلى أن السبل متقطعة بهم.

ويتابع: "ما يزال صحفيون في اليمن في السجون بينما قتل 30 صحفيًا خلال 3 أعوام، كما توزع المئات بين مصر والأردن وتركيا والسعودية وغيرها".

ويشير الصحفي، الذي يعمل بالصحافة منذ أكثر من 17 عامًا، إلى أن "مشكلة اليمنيين هي الموقع الجغرافي الذي يحرمهم من التحرك باتجاه بلدان اللجوء وإلا فإنك ستجد مئات الآلاف يطرقون أبواب أوروبا".

ولا تخفي قبول، اللاجئة اليمنية في مصر، رغبتها بالسعي لمغادرة مصر إلى أوروبا، وتتابع: "نواجه صعوبات كبيرة، خصوصًا وأننا فتيات نعيش لوحدنا"، مشيرة إلى أنها تجد صعوبة بالغة في إيجاد عمل رغم أنها حاصلة على إجازة في اللغة الفرنسية ودبلوم في إدارة الأعمال وقد عملت في مجال مراقبة ومتابعة عمل المنظمات الإنسانية في اليمن.

وقد قدّمت اللاجئة اليمنية طلبًا لإعادة التوطين لدى المفوضية العليا للاجئين في مصر، إلا أن ذلك يستغرق شهورًا طويلة. وتعتقد قبول أن دول العالم لا تولي الاهتمام الضروري للاجئين اليمنيين، خصوصًا بعد موجة اللجوء المليونية إلى أوروبا، مضيفة أنه يتم التركيز على لاجئين من دول أخرى رغم أن الأوضاع في اليمن أسوأ منها.

وترجع اللاجئة اليمنية صعوبة خروج اليمنيين إلى "بلد آمن" إلى عدة أسباب أخرى أيضًا، وتوضح: "للأسف فإن دول الخليج المجاورة لنا تقفل أبوابها أمامنا وتمنعنا حتى من العبور"، مشيرة إلى أن "الكثير من الناس في اليمن ليسوا أصحاب شهادات أو خبرات حتى يستطيعوا الهجرة إلى دول أخرى على أساس العمل".

وتقوم قبول، التي عملت مع منظمات للمجتمع المدني، بمراسلة العديد من المنظمات من أجل الوصول إلى إحدى الدول الأوروبية، وتقول: "لا حل لي إلا باللجوء إلى دولة ديمقراطية فقط لنعيش بأمان بعد كل هذا العذاب". لكن رحلة التخلص من هذا "العذاب"، قد تكون صعبة وخطيرة، لعل آخرها ما تعرض له لاجئون يمنيون في السجون المغربية من تعذيب وإهانات.

يقول اليوسفي: "بالإضافة إلى ما حصل في المغرب فإن هناك مخيمات منسية لليمنيين في جيبوتي والصومال"، ويضيف: "لك أن تتخيل مقدار معاناة شخص عندما يضطر للجوء إلى الصومال".

محيي الدين حسين- مهاجر نيوز

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية