رئيس التحرير
عصام كامل

دعم مدبولي في مواجهة الجمود


لم يكن منطقيًّا أن يغضب بعض وزراء الحكومة من لقاء رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي مع عدد من المستثمرين، لينصت إلى بعض معاناتهم في غيبة هؤلاء الوزراء، ربما أراد مدبولي أن يتحدث الجميع بشفافية ودون إحراج حول مشاكلهم التي تسببت في توقف عدد من المشروعات المهمة التي يقومون بها، وربما أدرك الدكتور مدبولي أن الوزراء لو قاموا بعملهم بشكل جيد لما وصلت تلك المشروعات إلى التوقف والمعاناة مع روتين عقيم، الدكتور مدبولي في هذا الملف يحتاج إلى الدعم من الجميع.


تحرك مصطفى مدبولي جيد، والطريقة التي تناول بها النقاش توحى بصدقه فيما ينتوي أن يفعله من أجل حل تلك المشكلات، والمعلومات المتوافرة حول الاجتماع تؤكد حيوية اللقاء، وتحركه المباشر لاقتحام مشكلات الاستثمار، خاصة وأن بعض الوزراء يؤدون عملهم بشكل وظيفي، يخلو من فكرة المسئولية التي تفرض على الوزير أن يتحرك بشكل فعال، للوصول إلى الهدف الذي من أجله جاء إلى الوزارة.

تظن الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار أن دورها ينحصر في الدفع بالقوانين التي تسهل على المستثمرين، فلا تتحرك أبعد من النص النظري دون أن تدرس وتتدارس مع زملائها في الحكومة الواقع الذي أفرزه القانون، والعوائق التي تحول دون الوصول إلى الهدف، فهي التي جاهدت من أجل قانون جديد أكثر تأثيرًا، وبذلت جهودًا كبيرة في هذا الأمر، غير أنها تعرف جيدا على سبيل المثال أن السادة المحافظين لا ينفذون قرارات لجنة فض المنازعات الوزارية، وبذلك يصبح قانونها مجرد حبر على ورق.

أكثر من وزير يرون أن دورهم ينحصر في الورق والنصوص والقرارات دون العبور إلى منطق الواقع الفعلي، فلم يكن أمام رئيس الوزراء إلا أن يحرك ساكنا بما فعل، ويستمع إلى أصحاب الشأن، وهو تحرك محمود قد يؤدي بمتابعته إلى حراك حقيقي في الاستثمار، بعد أن أصبح الوضع ينذر بمخاطر كبيرة بسبب جموده، مع نشوء أسواق أخرى عربية وأفريقية أكثر نجاحا منا للأسف الشديد.

مشكلات الاستثمار في مصر لا تخرج عن دائرة الإرادة الحقيقية، والرغبة الخالصة في تحريك هذا الملف، إذ إن آفاتنا أن قرارات الحكومة ليست إلا حبرا على ورق، وعادة ما يسكن الخبث روح النص القانوني أو القرار الوزاري، وتُترك مساحة كبيرة لاجتهاد الموظف الذي يعتبر مطاردته للمستثمر جهادا ضد الباطل، والمستثمر بالطبع هو الباطل، إما ينظر إليه على أنه لص جاء ليحقق أرباحا لا يجب أن يحصل عليها، أو أنه واحد يمتلك أموالا يجب أن يدفع أكثر مما يأخذ.

على أن التقاء أصحاب المشكلات ليس هدفا في حد ذاته، وإنما هو وسيلة للوصول إلى حلول، ولا يجب أن يتحول كما كان يفعل المهندس إبراهيم محلب الذي أجاد الإنصات والتحرك في كل المواقع، دون أن تتعدى حركته حدود كاميرات التصوير ومانشيتات الصحف، فكانت حركته ضجيجا بلا طحن، دون أن أنكر على الرجل أنه سعى في بعض المشكلات دون متابعة جيدة، لو كان قد فعلها لصنع لنفسه وبلاده تاريخا مختلفا.

الأمر الآن على مكتب رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ونأمل أن يتابع الفريق المعاون له نتائج هذه اللقاءات، ليحقق شيئا ملموسا في ملف الاستثمار الغامض، الذي أصبح هاجسا يطارد أحلامنا في بناء قاعدة استثمارية حقيقية تنهض بالبلاد، وتحقق ما لم يتحقق على مدى سنوات طويلة مضت.
الجريدة الرسمية