رئيس التحرير
عصام كامل

انتهى إعلام السوقة والعملاء.. انتهى!


يجوز اعتباري من طائفة المطبلين في حب مصر، بل أعترف بكل قوة وبأعلى صوت حتى آخر رمق في حياتي أني واحد من الهاتفة قلوبهم بعشق هذا الوطن.. حلو أو وحش.. غنى أو فقير.. فيه ظلم فيه عدل.. هو وطني أعشقه وأصلي من أجله أن يحفظه الله وأن يصلح حاله.


وجاء علينا حين من الدهر عد فيه حب الوطن عبادة وثنية، والحق أن طائفة المنافقين دخلت على نطاق الهاتفة قلوبهم بحب الوطن، فأسرفوا على أنفسهم وباتوا يطرحون نوعا من الصوفية السياسية المغشوشة، تزلفا للرئيس، وهو منها بريء.. بل لعله يتابع هذا الطلق الاصطناعي لإعلامي مقزز يسيء وينفر بقدر ما أساء إعلاميون وصحفيون قوميون وغير قوميين لنظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك.

الرئيس السيسي نفسه يتصدر صفوف الهاتفة قلوبهم بحب مصر، ولا ينتظر تصفيقا ولا تبريرا ولا تمريرا، ومن ثم فإن من ينافقون هم حفنة من مطربي اللحن الواحد. يبعثون على الملل، والنفور.

والحق أن المرء يقرأ كثيرا عن تضييق للدولة المصرية، عبر أجهزتها، على حرية التعبير. وهذه في الحقيقة مسألة شائكة. من ناحية أساسية فإنه لا يوجد ولا ينبغي أن يوجد صحفي أو كاتب حقيقي يعادي حرية التعبير، أو يقاومها أو يناصر أعداء الحرية. لكن لا بد أيضا أن تتساءل قبل أن تخرج مقاتلا عن حرية مهنة الحق والحقيقة: أية حرية هذه؟ حرية التعبير الكاذب؟ حرية أن تفتري بالكذب على الناس؟ حرية إشعال الحرائق في البلد؟ حرية عرض القاذورات التي لا تخلو منها حتى أوروبا وأمريكا والتركيز عليها بوصفها مصر؟

حرية السباب وتبادل الضرب بـ"الشباشب والأحذية"؟ حرية التشكيك واستضافة العناصر العميلة والإرهابية والخضوع واللين في مساءلتها وإتاحة الوقت الكافي لعرض مبرراتها الإجرامية؟

هم حفنة من الضالين وطنيا، الواعين ماديا حرضوا وسخطوا، بتشديد الخاء، الناس وثوروا الشارع بدعاوى التغيير السلمي، وكانوا جزءا من خطة إسقاط الدولة، بوعي وتدريب، ومنهم من انساق أو وجد نفسه مستفيدا، بل منهم من صار بطلا وزعيما وداعية سياسيا!!

آه يا مصر كم رأيت من "الرخائص والوساخات"!

صعد الانتهازيون والسطحيون والعملاء إلى صدارة المشهد وبقيت لهم فلول، تتصدى لهم الدولة التي شاركوا في جهود حميمة حثيثة لهدمها، فإذا بأصحاب الرأي والفكر الاعزاء المناصرين للحرية يدعون لإبقاء مشعلي الحرائق.. الناس ينامون ليلهم الآن بدون اكتئاب وتنغيص وتكدير.. كفاية طلة وجوهم العكرة السوداوية!

لا تتباكوا على إعلام كاذب مزيف يزيف الحقيقة.. إعلام النصابين يهدم الوطن ويبني النصاب ويعلي بنيانه.. ندافع عن الإعلام الذي يدافع عن الوطن، ولا يقوله الحاكم ولا يبرر أخطاءه، فيعميه ويورطه.. بل يكشفها دون ضغينة ودون تحميل ودون بنزين!

لم يحدث يوما في تاريخ كتاباتي، في أي عصر، أن أوقف أحد من المسئولين حرفا واحدا لي مما أكتب في كل الجرائد والصحف التي أنشأتها أو شاركت في إنشائها والتي رأست تحريرها.. قلت كل ما اعتقدت أنه الحق ولمصلحة بلدي.. قلت ذلك في الوطني اليوم جورنال الحزب وقلت إن هناك لصوصا كبارا واحتقانا سياسيا وقت رأست تحريره، وقلته في نهضة مصر وقت رأست تحريرها، وفي الميدان المستقلة كانت لنا جولات وصولات، وأمن الدولة كان في أوجه، لكن لم يهاتفني أحد منهم زجرا أو نهيا أو تهديدا أو طلبا.

لماذا؟

لماذا قلت في عصر الإرهابي الجاسوس إن الشعب اختار أول جاسوس مدني منتخب، وهذا المقال منشور هنا في فيتو، على هذا الموقع المستقل المحترم!

توقعت السجن وقتها.. لكن الدولة العميقة كانت تعرف كيف تميز بين الطاهرة أقلامهم والنجسة دوافعهم!.. أني أنتقد النظام الحالي للرئيس السيسي وأصحح واطلب وأعدل وأعبر، حبا في وطني وممارسة لدوري في تقديم النصح والرأي لصانع القرار، دون ابتذال ومزايدات ووضاعة وقلة أدب!

انتهى إعلام السوقة والعملاء انتهى! الحرية لمن يقدس حرمة الوطن والأعراض وقول الحق.. فقط لا غير!

الجريدة الرسمية