رئيس التحرير
عصام كامل

وكالة شينخوا الصينية: زيارة السيسي لبكين تاريخية.. مصر تتمتع بدور ريادي وثقل سياسي وحضاري في أفريقيا.. طفرة كبيرة في العلاقات الصينية المصرية.. وحجم التبادل التجاري 10.8 مليارات دولار في 2017

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

وصل الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الصينية بكين، اليوم السبت، في زيارة تستغرق أربعة أيام يجري خلالها مباحثات مهمة مع كبار المسئولين الصينيين ويشارك في قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي الذي يعقد يومي الثالث والرابع من سبتمبر المقبل.


شينخوا
وأبرزت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) زيارة الرئيس السيسي، لبكين لحضور قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي (فوكاك) المقرر عقدها يومي 3 و4 سبتمبر، التي ستشهد الارتقاء بشراكة التعاون الإستراتيجية الشاملة بين الصين وأفريقيا إلى مستوى جديد وتزيح الستار عن إجراءات جديدة لتعزيز التعاون بين الجانبين على نحو شامل.

ووصفت الوكالة في تقرير بثته، اليوم السبت، تزامنا مع وصول الرئيس السيسي إلى بكين لحضور قمة (فوكاك) وعقد مباحثات مع كبار المسئولين الصينيين وعلى رأسهم الرئيس "شي جين بينج" زيارة الرئيس السيسي للصين بالتاريخية.

وأضافت أن مشاركة الرئيس في القمة تكتسب أهمية كبيرة في ضوء ما تتمتع به مصر من دور ريادي وثقل سياسي وحضاري في قارة أفريقيا وسعيها إلى توسيع وتنويع مختلف أطر التعاون مع الصين وما يحمله التعاون الصيني الأفريقي من سمات تتضمن التأكيد على المنفعة المشتركة والتركيز على تقوية قدرة القارية على التنمية المستقلة.

وأكد عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني "وانج يي" على المكانة الكبيرة التي تحظى بها مصر لدى الصين وتطلع بلاده إلى مشاركة السيسي في هذا المنتدى المهم.

وقالت (شينخوا) إن عمق العلاقات الصينية - المصرية ليس وليد اللحظة، إنما هو نتاج تفاعلات تاريخية بدأت من تلاقي اثنتين من أقدم الحضارات في العالم، وهو ما أسس منذ قرون طويلة لعلاقات متميزة على صعيد التجارة والثقافة والفن بين البلدين، والمتتبع لمسيرة العلاقات وصولا إلى إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1956 التي صارت معها.

وأكدت الوكالة أن مصر أول بلد عربي وأفريقي يقيم علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية وما شهدته هذه العلاقات من تطور مستمر طوال السنين الماضية يجد أن الزيارات الرسمية واللقاءات المتعددة بين قيادتي البلدين في السنوات الأخيرة أسهمت في تعزيز مستوى التعاون والتنسيق الثنائي.

وأضاف المبعوث الصيني الخاص السابق للشرق الأوسط "وو سي كه" أن "طفرة كبيرة شهدتها العلاقات الصينية - المصرية مع تكرار تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، حيث قام الرئيس السيسي بزيارته الأولى للصين في ديسمبر 2014، وتخللها التوقيع على وثيقة الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى شراكة إستراتيجية شاملة.

وأشار إلى أنه في مطلع عام 2016 قام الرئيس الصيني شي جين بينج بزيارة مهمة لمصر وقع خلالها البلدان البرنامج التنفيذي لتعزيز العلاقات الثنائية للفترة من 2016 إلى 2021 الذي يجري تنفيذه بسلاسة".

زيارة السيسي
وأكد "داي شياو تشي" الباحث في مركز الدراسات العربية بجامعة الدراسات الدولية ببكين أن زيارة الرئيس السيسي هذه المرة تؤكد متانة العلاقات بين الصين ومصر وستعطي دفعة جديدة للتعاون بين البلدين.

وأشارت (شينخوا) إلى أن مصر تتميز بموقع إستراتيجي يربط بين قارتي أفريقيا وآسيا ما يجعلها البوابة الآسيوية لأفريقيا، وأيضا أحد البوابات الأفريقية لأوروبا عبر البحر المتوسط، وهو ما يؤهلها لتكون نقطة محورية في مبادرة الحزام والطريق التي يقول الخبراء الصينيون إن مصر لاعب رئيس فيها وضمن النقاط المضيئة في مشروعات التنمية المستدامة الخاصة بها.

وأبرزت الوكالة التعاون البارز بين مصر والصين، حيث أكدت أن الدولتين تتمتعان بتبادلات وثيقة رفيعة المستوى وتعاون براجماتي مثمر في شتى المجالات، فالصين شريك تجاري مهم لمصر حيث بلغ الحجم الإجمالي للتبادل التجاري بين الجانبين 10.8 مليارات دولار في عام 2017، ومن المتوقع أن يرتفع مستقبلا خاصة أن حجم الصادرات المصرية السلعية للسوق الصينية ارتفع بنسبة 60% خلال عام 2017 ليسجل 408 ملايين دولار مقابل نحو 255 مليون دولار خلال عام 2016.

التعاون الاقتصادي
كما من المتوقع أن يطرح التعاون الاقتصادي باعتباره مقوما مهما للتفاعل بين البلدين مزيدا من الثمار مستقبلا تعود بالفائدة على الجانبين وعلى القارة الأفريقية مع بلوغ إجمالي حجم الاستثمارات الصينية في مصر أكثر من 5 مليارات دولار في نهاية 2017، لتحتل الصين بذلك المرتبة الثالثة ضمن الدول الأكثر استثمارا بمصر.

وفي الوقت ذاته، تقوم شركات صينية عدة بأنشطة أعمال ناجحة في مصر وتساعد في التصنيع ونقل التكنولوجيا وتدريب الكوادر وخلق عشرات الآلاف من فرص العمل للمجتمعات المحلية وتحقيق التنمية المشتركة، ما يعد دليلا على حرص البلدين على تعزيز العلاقات الثنائية ذات المنفعة المتبادلة.

العلاقات الصينية المصرية
وقالت الوكالة الصينية إن تطور العلاقات الصينية المصرية انعكس كذلك في المشروعات القومية التنموية التي تنفذها مصر، ومنها تنمية منطقة قناة السويس التي توفر فرصا كبيرة أمام الشركات الصينية للاستفادة من الموقع الإستراتيجي لمصر كمحور للإنتاج والتصدير إلى دول العالم خاصة الأفريقية منها ولا سيما أن مصر تتمتع بمزايا نسبية في إطار الاتفاقيات التجارية الموقعة بينها وبين السوق الأفريقية وتفاعلها بشكل وثيق مع التجمعات الأفريقية الثلاثة "الكوميسا" و"السادك" و"شرق أفريقيا".

وأكدت (شينخوا) أن ثمة توافق في الرؤى تجاه أفريقيا بين الصين ومصر، فقد قال الرئيس الصيني "شي جين بينج" خلال رابع زيارة له لقارة أفريقيا في يوليو الماضي "في كل مرة أزور فيها أفريقيا أرى حيوية القارة وطموح شعوبها من أجل التنمية".

وأضافت أن الجانبين الصيني والأفريقي شريكان مخلصان على طريقهما للتنمية وأن التنمية في الصين ستحقق المزيد من الفرص لأفريقيا، فيما يضع الرئيس السيسي أفريقيا ضمن أولوياته في السعي لتحقيق التنمية المستدامة لدولها من خلال تعميق العلاقات المشتركة والعمل على إقامة المشروعات.

ومع نمو قوتها الاقتصادية وبروزها على الصعيد العالمي، تلعب الصين دورا أكثر حيوية في التنمية بالقارة الأفريقية وبدأت بلدان القارة تتجه إلى تعزيز علاقاتها مع الصين في شتى القطاعات وأخذت الاستثمارات الضخمة، التي تسهم بها الصين في أفريقيا، تشكل مفتاحا مهما لمعالجة النقص في البنية التحتية بالقارة، وتؤكد على صحة الحكمة الصينية القائلة إنه "مثلما تختبر المسافة قوة الخيل، يكشف الزمن عن إخلاص المرء" خاصة أن البنية التحتية تمثل السبيل الأساسي لتحقيق التنمية طويلة الأمد.

وأشارت الوكالة إلى أنه من خلال الجمع بين مبادرة الحزام والطريق - التي تعد مسارا للتنمية المشتركة عبر تحسين البنى التحتية وربط الاستراتيجيات التنموية - وبين أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 وأجندة الاتحاد الأفريقي 2063 وخطط التنمية الوطنية للدول الأفريقية، ستخلق قمة منتدى التعاون الصيني- أفريقيا أرضيات جديدة للتعاون في هذا الإطار الذي من المتوقع أن يدفعه أيضا تولي مصر للرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي عام 2019 في ضوء علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين.

ومع انعقاد قمة بكين 2018 لمنتدى "فوكاك" تحت عنوان "الصين وأفريقيا: "نحو مجتمع أقوى ذي مصير مشترك عن طريق التعاون المربح للجانبين"، تبدو أن هناك أحلاما متشابهة ومصيرا مشتركا يجمعان بين الصين وأفريقيا وتكمن المهمة الآن في تحقيق التلاحم من أجل التعاون متبادل المنفعة لجني مزيد من الثمار".
الجريدة الرسمية