«مراكز إجراءات العبور» في ألمانيا ومدى توافقها مع القانون
ينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين أطراف الائتلاف الحكومي (الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي) على إنشاء "مراكز إجراءات العبور" على الحدود البرية تشابه إلى حد كبير المراكز المقامة في المطارات الكبرى، مثل مطار ميونيخ، الذي يوجد فيه "مركز إجراءات المطار" ضمن منطقة "الترانزيت- العبور".
في هذه المراكز التي افتتحت ولاية بافاريا أول واحد منها على الحدود الألمانية النمساوية، سيعتبر المهاجرون أنهم لم يدخلوا ألمانيا مثلما المسافرون بمناطق الترانزيت في المطارات، لكن هل يعتبر هذا الإجراء و"مركزا إجراءات العبور" بحد ذاتها متوافقة مع القانون؟
وفي حديث مع الإذاعة الألمانية قال، توماس جروس، أستاذ القانون خبير شئون اللجوء بجامعة أوسنابروك "على مدى 20 عامًا لم تعد القيود المفروضة على الحدود الخارجية صالحة للحدود الداخلية"، فعلى سبيل المثال، منطقة العبور بين المجر وصربيا لا يمكن أن تكون نموذجًا لألمانيا والنمسا، لأن صربيا ليست عضوًا في الاتحاد الأوروبي.
علاوة على ذلك، "مراكز إجراءات العبور" ومناطق الترانزيت- العبور في المطارات، ليس خارج ولاية القانون الدولي، فهي لا تزال تخضع لاتفاقات دولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951، هندريك كريمر، الخبير القانوني بالمعهد الألماني لحقوق الإنسان قال خلال لقاء صحفي في برلين "في القانون، لا يوجد شيء اسمه منطقة مشاع".
سيتمكن طالبو اللجوء من التحرك داخل المركز لكن لن يكون بإمكانهم الدخول والخروج كما يشتهون، وزير الداخلية هورست زيهوفر قال أمام البرلمان الاتحادي (البوندستاغ) إن هذا لا يجعل المنشآت مغلقة لأن الأشخاص المحتجزين يبقى لديهم خيار العودة إلى البلدان التي أتوا منها.
وفقًا للمادة 104 من الدستور الألماني، لا يمكن احتجاز أي شخص دون أمر قضائي لأكثر من 48 ساعة، وقد أقر كل من ميركل وزيهوفر بهذا الأمر، ما يعني أنه يجب أن تتم دراسة وضع طالب اللجوء خلال هذه المدة، وإلا وجب نقله إلى أماكن أخرى مع ضمان قدر معين من حرية الحركة له في المنطقة المحيطة بمكان إقامته.
وفقًا لمعايير اتفاقية دبلن، لدى دراسة طلب اللجوء يجب بحث عدة أمور، أولًا، يجب تحديد الدولة المسئولة عن طلب اللجوء، إذ إن تحديد أول دولة من أطراف اتفاقية دبلن وصل إليها طالب اللجوء يعتبر أحد أهم المعايير، بالإضافة إلى أمور أخرى يجب مراعاتها في طلب اللجوء، ويُمثل القصر القادمون بدون صحبة ذويهم حالة خاصة، وكذلك العائلات التي لديها أطفال، بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن إعادة اللاجئين إلى بلدان تعتبر فيها الظروف غير إنسانية.
بمجرد تحديد الدولة المسئولة عن دراسة الطلب، يجب التوصل إلى اتفاق بين الدولتين حول ترحيل طالب اللجوء، الذي له الحق في استئناف قرار ترحيله والاستعانة بمحام، ويتساءل الخبراء عما إذا كان يمكن تحقيق كل ذلك في غضون 48 ساعة، وهي المدة المسموح بها لاحتجاز طالب اللجوء دون مذكرة قضائية!
أستاذ القانون توماس جروس يقول "إن هذا الإجراءات تستغرق وقتًا أطول ولا يمكن استكمالها في مثل هذا التوقيت المتاح"، فيما يقول هندريك كريمر "لا أستطيع تصور أنه سيكون من الممكن القيام بكل ذلك في هذه الفترة الزمنية. لا أعرف كيف سيتم تطبيق ذلك عمليا وبشكل يتوافق مع مبادئ القانون والنظام".
حتى الآن لن تقيم الحكومة الألمانية "مراكز إجراءات العبور" في جميع أنحاء البلاد، وتقضي الفكرة بإقامة ثلاثة مراكز في ولاية بافاريا على الحدود مع النمسا. وقال آرمين لاشيت، رئيس وزراء ولاية نشمال الراين-ويستفاليا، إنه لا يريد أي مراكز على طول حدود ولايته مع بلجيكا وهولندا.
من الناحية الإحصائية، تبدو مشكلة الهجرة الثانوية، وهي حالة تنقل المهاجرين من غير مواطني دول الاتحاد الأوروبي من بلد إلى آخر داخل الاتحاد لأسباب اقتصادية أو لتحسين فرصهم في الحصول على اللجوء، أصغر بكثير مما صوره السياسيون في وسائل الإعلام مؤخرًا.
وردًا على سؤال من صحيفة "راينشه بوست"، قالت الشرطة الاتحادية الألمانية إنه في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2018، بلغ عدد الذين دخلوا ألمانيا عبر حدود ولاية بافاريا مع النمسا 4935 شخصًا من إجمالي 18024 شخصًا دخلوا ألمانيا دون إذن، أي ما نسبته 27 بالمائة تقريبًا.
والفرق بين مراكز "إجراءات العبور" ومراكز "الإرساء أنه تشير كلمة "الإرساء Anker" إلى "مراكز الوافدين واتخاذ القرار والإعادة". ستكون "مراكز الإرساء" كبيرة بحيث يمكن توفير مكان لإقامة طالبي اللجوء خلال فترة دراسة طلباتهم دون التقيد بالمدة الزمنية القصيرة المحددة لـ "مراكز إجراءات العبور"، لكن بما لا يتجاوز 18 شهرا كحد أقصى. لكن ورغم ذلك تثير هذه المراكز الجدل، ففي بعض الولايات الألمانية ومنها برلين، تعتبر هذه المراكز غير ضرورية. ولم يقدم وزير الداخلية الاتحادي زيهوفر حتى الآن الكثير من التفاصيل حول مراكز الإرساء المزمع إقامتها.
يمكن للاتفاقات الثنائية، على سبيل المثال بين ألمانيا والنمسا، أن تساعد في تسريع عمليات الترحيل من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية، لكن هناك حدود لما يمكن تحقيقه. فالقانون الأوروبي، بما في ذلك اتفاقية دبلن، له الأولوية على القانون الوطني وعلى أي اتفاقية ثنائية بين دول الاتحاد الأوروبي.
2018
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل
