رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements

رجال الظل


تجدهم في السياسة، وفي الاقتصاد، وفي الإعلام، وفي شتى المجالات، يتحركون في تلك المساحة الصغيرة المسماة بالكواليس، ورغم ذلك هم الأكثر فاعلية وتأثيرًا، فمن الكواليس تنطلق أفكار تبني أوطانًا، وبمؤامرات تحاك فيها تهدم أوطانًا، ومنها سقطت أنظمة، وبها نجحت أنظمة أخرى، وطالما توقف التاريخ أمام أدوار رجال الظل الذين يعشقون الحياة في هذه المساحة الصغيرة..


على مدار يومين قضيت نهارهما في قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة.. حيث فعاليات المؤتمر الوطني السادس للشباب.. شاهدت نماذج عدة من رجال الظل، أبرزها كان النموذج الذي أعد للمؤتمر، الذي انعكس إبداعه على كل التفاصيل، بداية من المحاور المطروحة للنقاش وانتهاء بالتوصيات التي أتمنى أن تدخل حيز التنفيذ على وجه السرعة، مرورًا بالمشاركين من شباب الجامعات سواء بشكل مباشر أو من خلال وسيط.

الانبهار بهذا النموذج استمر مع كل الفعاليات، حتى الإطالة في سرد إنجازات المؤتمرات السابقة لم تؤثر عليه، ويكفيك أن تنظر إلى وجوه الشباب المنظم لتعيش مع ابتسامتهم فرحة النجاح بما أعدوا وأنجزوا، شباب التف حول هدف واحد هو إنجاح المهمة، ومن أجل ذلك اخترع لغةً للإشارة، يتعامل بها مع بعضه البعض، وتدرب على الصبر ليتحمل تجاوزات بعض الحضور، بل إن من أطل منهم على المسرح متحدثًا كشف عورات العديد من المذيعين.

ثم يأتي الرئيس ليتوج مجهود رجال الظل بتفاعله مع كل القضايا التي تشغل أذهان المصريين، بداية من (الكيكي) وانتهاء بصفقة القرن، لتكتمل عناصر نجاح المؤتمر.

وبصرف النظر عن اختلاف البعض حول سياسات معينة أو أولويات.. إلا أن الرئيس استمر في المكاشفة والمصارحة، والتأكيد على أنه لا تقدم ولا إصلاح إلا بتكاتف الشعب مع كل قطاعات الدولة، أما الاهتمام بصحة المواطنين من خلال الاستمرار في القضاء على فيروس سي وعلى طوابير العمليات الجراحية المؤجلة فكان تأكيدًا على إعلان الرئيس أن فترة ولايته الثانية سيكون التركيز فيها على ملفي الصحة والتعليم، وفي الملف الثاني كان الحديث على تطوير المنظومة أهم ما جاء في المؤتمر.

وفي قاعة احتفالات جامعة القاهرة شاهدت نموذجًا آخر من رجال الظل، يظهرون ما لا يبطنون، ويتعاملون بأكثر من وجه، رأيتهم يهتفون للرئيس، وهم من كانوا يهتفون ضده، ثم يهتفون للجيش، وكانوا يخيفون المحيطين بهم منه، رأيتهم يصفقون للرئيس، وكنت أراهم يصفقون للنظامين السابق والأسبق، وسوف يصفقون للأنظمة المقبلة، فعلى كل الموائد يأكلون، ومع كل نظام يتلونون.

أما النموذج الثالث الذي يعيش في الظل.. فهو الذي يدعي كذبًا قربه من النظام ليُحقق أكبر استفادة لنفسه، وهؤلاء يوجودون في بعض القنوات، يبتزون أصحابها، أو القائمين عليها، بعضهم انكشف أمره وتم استبعاده، والبعض الآخر ما زال يختبئ في الكواليس، لكنه سينكشف لا محالة حتى لو بعد حين، هذا النموذج هو السبب في الوضع المتردي الذي آل إليه الإعلام، وربما كان سببًا في نزيف الميزانيات المخصصة لبعض القنوات التي اضطر القائمون عليها إلى إغلاقها.
basher_hassan@hotmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية