رئيس التحرير
عصام كامل

كليات القمة.. المسمى والأثر


نترك أحيانا بكلماتنا آثارا لا نتوقعها، تخلق التفرقة بين الناس، لتجعل منهم من في القمة والباقي كأنه في القاع، وهذا بالطبع لا يتفق مع الحكمة التي خلق الله الناس عليها، إذ هم سواسية وليس لأحد فضل على أحد سوى بالتقوى والعمل الصالح، وهى التي جعل الله بها درجات للناس، وليس طبقية مغرضة مرفوضة من الأساس.. ولقد تساوت الأعمال عند الله لإعمار الأرض، وعلى إنسان أن يعمل مهما كان تقديره لعمله، فالمهم أن يجد نتيجة عمله على الحياة خيرا للناس أولا وله في المقابل.


لماذا نخلق الطبقية التي تدمر المجتمع، لماذا نزرع في عقول أبنائنا أن مستقبلهم كله في كليات سميت كليات القمة، ولذلك وجدنا الإحباط يصيب كل من لم يحالفه الحظ في الدخول لهذه الكليات، ونعلم تماما مخرجات التعليم على أرض الواقع التي يتساوى فيها الجميع، وغالبا يعمل الخريجون في غير تخصصاتهم إلى أن يجدوا ما يناسب تخصصاتهم أو ينتظرون.

لا شك أن التعليم منذ الصغر تماما مثل النقش على الحجر، وهو الذي يخلق الإدراك في المستقبل، وأرجو أن نعمل جميعا من أجل إعادة القدسية المفقودة إلى العمل الذي نعانى من إهدار قيمته لدى بعض شبابنا ونظرتهم الدونية، لبعض الأعمال، ولذلك لم تكتمل حلقة العمل والنتيجة هي التدهور.

إن من يريد خيرا لمصر عليه أن يرجع قيمة العمل إلى ما كانت عليه في الماضي، وكما هو الحال في الدول التي تقدمت علينا في الحضارة، مع ما تمتعت به مصر من ماضٍ يذخر بحضارة عظيمة أنارت للعالم الطريق، وما زلنا نفتخر بها وهى التي صنعها أجداد الأجداد ونعيش على آثارها إلى الآن، ولم نستطع إلى الآن أن نحقق ما حققوه باحترام قدسية العمل.

القمة الحقيقية هي قمة الضمير في الصناعة والزراعة والتجارة والخدمات، وهي القمة التي نريد أن نرى فيها شبابنا يعملون بما يرضى الخالق في عمار الأرض ورخائها، وأن من الضار للمجتمع أن نخلق بأيدينا طبقية بغيضة نقسم فيه بيئة العمل إلى طبقتين الأعلى والأسفل.

 إن كل من يساهم بعمل له احترامه مهما كانت وظيفته، وإن مقياس احترام الناس هو احترام أعمالهم، فكلنا نحتاج لبعض، لأنه لا يمكن لاحد أن يقوم بكل الأعمال في وقت واحد، بل كان التكامل بين الخلق هو أساس الحياة.

أرجو أن نتدارك ما نقول، ونركز في المعاني التي تخلق للأسف التفرقة بين الناس، لتعطى قيمة لشيء دون الآخر لنخلق الإحباط بين الطلبة، ليس هذا فقط بل وسيعيشون على ندم ما فاتهم من الالتحاق بكليات القمة طوال العمر في يأس وملل، ولهذا فلن يعمل أحد، ولن يشعر بقيمة عمله مهما كان دخله، بل ستظل له نظرة غير لائقة لما يقوم به من أعمال.
الجريدة الرسمية