رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

العيد في الصعيد


حال كنا صغار كان الاستعداد للعيد على قدم وساق لإعداد البسكويت والكحك، كانت ماكينات البسكويت تعلو هامات الطبالي "مفردها طبلية" ويتم التزاحم بين الأخوة وأبناء العمومة لتشغيلها في جو مبهج بحضور الأمهات والأقارب من السيدات ومن فم ماكينة البسكويت إلى الصواني الصاج إلى الفرن البلدي.


كانت الأيام الأخيرة من شهر رمضان أشبه باحتفالات للخبز فكانت الأفران البلدية لا تهدأ ولا تطفئ لها نيران، كان يتم تجهيز ملابس العيد والأحذية الجديدة ويبيت الأطفال حالمين بيوم العيد.

كنا نَستهل يوم العيد بالذهاب المبكر للمسجد للتكبير والصلاة يعقبه الانطلاق لتبادل التهاني مع الأقارب والجيران، وكان الكثير يذهبون للمقابر لزيارتها، كان العيد فرصة للصفح والتسامح والتقارب.

كنا حريصين على تجميع العيدية من الأقارب، كنا نلهو ونتسوق ونتسامر وفي العصر ننتظر الفيلم الهندي لاميتاب باتشان، يلهو الأطفال حتى مغيب الشمس، ثم يقوم البعض بألعاب نارية، لم يكن للتكنولوجيا وجود.

ما زالت حريصا كغيري من أبناء الصعيد على الذهاب لبلدي فليس هناك طعم للعيد دون أن نكون وسط أهالينا ونتمتع بصلة الأرحام.
العيد فرصة لننقي أنفسنا من الشوائب والحقد وتعميق جسور التواصل مع الأهل والأصدقاء والزملاء القدامى، العيد فرصة لنعيد حسابات علاقاتنا ونقيمها وفقا لأسس موضوعية.

في العيد كان ينتشر بائعو الحلوى والآيس كريم والسوداني والجلاب والطرابيش، كنت أحتفظ لسنوات طويلة بمسدس البارود وأطلال الألعاب، كثيرا ما كنا نستبدل ملابس العيد بملابس أخرى لنمارس هوايتنا المفضلة في لعب الكرة بالشارع.

كان يتردد مُقرء القرآن على المنازل لتلاوة القرآن الكريم فكان الناس أكثر ترابطا وتماسكا وتفاعلا في الخير، هناك كان يحرص الناس على التجمع والتسامر وتبادل الزيارات، وكان الجلوس على المصاطب والدكك خارج المنازل أو الجلوس في المنادر بالنسبة للضيوف الأغراب.

نعم ما زال للعيد ذكريات كثيرة في جعبتنا وجعبتكم، للعيد رونق ولذكرياته دلالات تعكس كيف كانت حياة الناس بسيطة وعميقة، كيف كانت الحياة بالفطرة دون إفراط أو تفريط.

رأينا الناس تقطع مسافات طويلة قبل عصر النت لتبادل التهاني وجها لوجه، رأينا الخير والبركة في التجمع والوصال وتقبل الآخر.

علينا أن ننتهز الأيام الأخيرة في شهر رمضان بالتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة... بالتصدق بالصفح، بتبادل الزيارات، بالعطف على الأيتام وزيارة المرضى، لا بد أن ينعكس صيام رمضان على سلوكياتنا وأفعالنا والتقرب إلى الله.

نختتم أيام رمضان متمنيا أن يغفر الله لنا خطايانا وأن يفتح بيننا وبين قومنا بالحق وكل عام وأنتم بخير.

Advertisements
الجريدة الرسمية