أنور أحمد يروي حكم القاضي في صراع القطايف والفالوذج
في مجلة "المجتمع العربي" عام 1959 كتب الفنان أنور أحمد ــــ الذي أدى دور الزعيم مصطفى كامل في فيلم عن حياته ـــــ مقالا رمضانيا، قال فيه:
يقول أمير الشعراء أحمد شوقي يصف الصوم في قصيدة من الشعر المنثور:
حرمان مشروع..وتأديب بالجوع
وخشوع لله وخضوع..لكل فريضة حكمة
وهذا الحكم ظاهره العذاب، وباطنه الرحمة، ويستثير الشفقة
ويحض على الصدمة، يكسر الكبر، يعلم الصبر ويسن خلاله البر
حتى إذا جاع من ألف الشبع، وحرم المترف أسباب المتع
عرف الحرمان كيف يقع، والجوع كيف ألمه إذا لذع.
ومن طريف ما قرأت عن رمضان وطعام رمضان، أن رجلا جلس يتناول إفطاره على مائدة يزيد بن عبد الملك، فقدمت له الفالوذج فجعل يأكل منه بشراهة، فقال له يزيد:
أرفق بنفسك فإن الاكثار منها يقتل.
فقال الرجل: إن منزلي على طريق المقابر، وما رأيت جنازة قط قيل لي إن صاحبها مات من أكل الفالوذج.
وجلس أعرابي إلى مائدة سليمان بن عبد الملك، فلما جاءت الفالوذج أخذ الأعرابي يأكل بسرعة، فسأله الخليفة: أتدرى ماذا تأكل يا أعرابي؟
فقال الأعرابي: يا أمير المؤمنين إني لا أجد ريقا هينا ولا أكلا لينا، وأظنه الصراط المستقيم الذي ذكره الله في كتابه.
ضحك سليمان، وقال: أزيدك يا أعرابي، فإنهم يذكرون أنه يزيد من حجم الدماغ.
قال الأعرابي: لا تصدق، لو كان الأمر كذلك لصارت رأسك مثل رأس البغل.
ويروى أن هارون الرشيد وزوجته زبيدة اختلفا بين الفالوذج والقطائف، وأيهما أطيب.
واحتكما إلى القاضي أبو يوسف، فقال: كيف أحكم بين غائبين، فإذا حضر الخصمان حكمت بينهما.
فقال هاون: أحضروا إليه طبقا من كل منهما.
فجعل القاضي يأكل من هنا لقمة ومن هناك لقمة حتى أتى عليهما، فقال له الرشيد: احكم ياقاضي.
فقال القاضي: والله يا أمير المؤمنين، كلما أردت أن أقضي لأحدهما جاء الآخر بحججه.
فضحك أمير المؤمنين، ومعذرة للصائمين.
