رئيس التحرير
عصام كامل

«أشرف عبد الباقي» والسباحة ضد التيار


قد نختلف أو نتفق على "مسرح مصر" الذي يقدمه الفنان أشرف عبد الباقي، وقد يدعي البعض أنه يقدم شكلا مسرحيا أميل إلى البرنامج الكوميدى منه إلى المسرح.. ولكن لا يمكن أن يختلف أحد على أن "مسرح مصر" يقدم محتوى أخلاقيا لا يمكن تجاهله، بعد أن أصبحت الإفيهات المسرحية والبرامج الكوميدية بشكل عام تحتوي على مجموعة من الألفاظ البذيئة التي تخدش حياء المشاهدين..


والأكثر من ذلك أنه أتى أجيال جديدة من الشباب أصبحت لا تضحك إلا على الإفيهات البذيئة، وأصبحت كلمة كوميدي هي مرادف إلى كلمة فج أو مبتذل أو قد يذهب البعض إلى أن الإفيهات الجنسية هي الشيء الوحيد الذي يُضحك الجمهور..

وفي ظل هذا الجو العام من الكساد الفكري كان لأشرف عبد الباقي السبق في تقديم أعمال مسرحية لوجوه شابة بفكر راقٍ، وكوميديا يجتمع عليها كل أفراد الأسرة، وكل هذا تم بإمكانيات متواضعة لا تضاهي الإمكانيات التي تتوافر لأي برنامج تليفزيوني مسف أو مبتذل، وبالرغم من كل المعوقات أثبت "تياترو مصر" ثم بعد ذلك "مسرح مصر" أن الجمهور المصري جمهور راق..

وقد تساءل البعض ما هو سر التفاف الجمهور حول ما يقدمه أشرف عبد الباقي وجيل من الشباب المبدع بهذه الكثافة.. وقد حاول البعض إعادة التجربة بإمكانيات أعلى وممثلين أكثر احترافا ولم تحقق هذه التجارب نجاح مسرح أشرف عبد الباقي الشهير حاليا بمسرح مصر.. والإجابة كانت دائما أمام الجميع ومعروف ولكن لم يلاحظه أحد بسبب ما يعاني منه موجة الفن السائدة من الانحطاط في الأخلاق.

والسبب الرئيسي هو أنه ابتعد عن الإفيهات الجنسية والمبتذلة التي تخدش حياء المشاهدين واعتمد على العمل بشكل جاد وتوظيف جميع الأساليب الفنية والتكنيكات المتعارف عليها لرسم البسمة على شفاه المشاهدين.. فقد اعتمد فقط على الفن وحده ووظف هو ومجموعة الشباب العاملين معه كل ما تعلموه سواء من الأكاديمية أو من تجاربهم ليقدموا تلك الخلطة الراقية التي نشاهدها، وينقل أشرف تلك التجربة الناجحة إلى السعودية وتكوين مسرح من الشباب السعودي.

وأيضا تجربته الرائعة في الإذاعة مع برنامج إذاعي خفيف وجميل بعنوان "يحكي أن" الذي يقدمه مع حفيده ويعتمد أشرف في هذا البرنامج على تقديم الكوميديا النابعة من المفارقات بين الماضي والحاضر.

وإذا كنا سوف نحيي "أشرف عبد الباقي" على شيء فإننا نحييه على رقيه وانتصاره للأخلاق الراقية في وقت أصبح فيه مثل هذه الأشياء حلم بعيد المنال أو سباحة ضد التيار.
الجريدة الرسمية