رئيس التحرير
عصام كامل

حُلم تنظيم المونديال.. المغرب يصطدم بعوائق ومنافسة شرسة

فيتو

في حلمه لتنظيم مونديال 2026، لا يصطدم المغرب فقط بملف منافس قوي، بل كذلك بمعايير التقييم الخاصة بالفيفا، إذ أكد المغرب اعتراضه عليها. فهل دخل الحلم نفقا مظلما؟ وهل هناك انحياز من «فيفا» ضد المغرب؟ أم أن حظوظه قائمة؟ في تاريخ تنظيم نهائيات كأس العالم، يعدّ المغرب البلد الوحيد الذي ترّشح أربع مرات دون أن يتمكن من الفوز بالتنظيم ولو لمرة واحدة. أما المرة الخامسة فيريدها المغاربة ثابتة، واليوم يظهر ملفهم قويًا مقارنة مع الملفات المغربية في سباق تنظيم نهائيات 1994 و1998 و2006 و2010، إذ يتضمن الملف المغربي 14 ملعبًا في 12 مدينة، منها ما هو قائم بالفعل ويحتاج فقط لبعض التطوير، ويرصد المغرب عمومًا 15.8 مليار دولار لتنظيم هذا الحدث.


وينتظر المتتبعون زيارة لجنة تقنية من الاتحاد الدولي لكرة القدم ( فيفا) للبلدان المعنية بالسباق، إذ يمكن لهذه اللجنة أن تقصي أيّ ملف لا يستجيب لمعايير «فيفا». وبعد ذلك، تأتي مرحلة الحسم، حيث ستدلي جميع الدول الأعضاء في الاتحاد، باستثناء المرّشحين، بأصواتها لتحديد اسم الملف الفائز يوم 13 يونيو/ حزيران 2018، أي قبل يوم من انطلاق مونديال روسيا.

جدل بين المغرب والفيفا

لكن الرسالة التي أرسلتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (الاتحاد المحلي) إلى «فيفا» قبل أيام، أقلقت المغاربة من ضياع الفرصة مجددًا، إذ أشارت إلى اعتراض الجامعة على نظام التقييم الخاص باللجنة التقنية للفيفا. الرسالة قالت إن المغرب لم يصله نظام التقييم، إلّا قبل أقل من 24 ساعة من تقديمه ملفه الرسمي، ونحو 48 ساعة من انتهاء الموعد الرسمي لتلقي طلبات الترشح، علمًا بأنه طلب الحصول على شروط التنظيم منذ مدة. وتابعت الرسالة أن هناك شروطًا تقنية لم توضع منذ البداية ضمن المتطلبات، فضلًا عن تعديل شروط أخرى، منها ما يتعلّق بالطاقة الاستيعابية للمطارات وحجم المدن المستضيفة. وتحدثت الرسالة عن أن هذه الشروط غير منصفة وتتعارض مع مبدأ الشفافية.

«فيفا» ردَّ من جهته على اعتراض المغرب، وقال في تصريح صحفي، حصلت عليه DW عربية، إن الغرض من نظام التقييم التقني للعروض هو معرفة هل تستجيب ملفات الدول الراغبة في الترشيح للحدود الأدنى من المتطلبات في البنى التحتية والاستثمارات والعائدات المالية، متحدثة عن أن جلّ العناصر في هذا النظام التقييمي ليست شروطًا تؤدي إلى استبعاد ملف ما.

وتابع «فيفا» أنه أرسل النظام التقييمي إلى المرشحين بعد المصادقة عليه من لدن الجهة المختصة، متحدثًا عن أن أساس تحضير الملف الخاص بالتنظيم لا يجب أن يكون النظام التقييمي، بل المتطلبات التي أرسلها «فيفا» سابقًا، والتي تمسّ عدة جوانب منها البنى التحتية. وقد كان لافتًا أن الـ«فيفا»، الذي قال في رده إن متطلبات التنظيم لم تتغير عما توصل به المغرب عام 2017، استخدم عبارة "الفِيَلَة البيضاء"، وهي تعبير إنجليزي يعني عدم رغبة شخص ما بحيازة شيء ما، لكن من الصعب عليه أن يتخلص منه.

وقد اتصلت DW عربية بمسؤولين داخل الجامعة المغربية لأجل التعليق، غير أنهم أشاروا إلى أن ذلك غير ممكن إلّا بعد إرسالهم ردًا رسميًا على جواب الـ«فيفا». من جهته، قال مولاي حفيظ العلمي، رئيس لجنة ترشيح المغرب لتنظيم كأس العالم 2026، في تصريح لـقناة "ARD" الألمانية، إن ترشح المغرب لاستضافة المونديال ليس ترشحًا صوريًا، وأضاف "نحن لسنا مجرّد رقم في سباق التنافس" موضحًا أن المغرب "سوف يقدم" (ملفًا محترمًا)، ومشيرًا إلى الموقع الجغرافي للمغرب وأنه يملك تجربة في تنظيم المنافسات الكروية مثل كأس العالم للأندية وكأس أمم أفريقيا. وأضاف العلمي، وهو وزير في الحكومة المغربية، أن مباريات كأس العالم ستنطلق في مواعيد تناسب السوق الأوروبي، أهم سوق لكرة القدم، دون أن يكون هناك فارق زمني.

ويقول الكاتب الرياضي في مجلة فوربس، ستيف برايس، في تصريحات لـDW عربية، إن الكشف بشكل متأخر عن التعديلات، التي مست النظام التقييمي الخاص بلجنة الـ«فيفا» أمر مثير للجدل، خاصةً وأن بعض الشروط الجديدة غريبة، ومن ذلك أن تستطيع المطارات استعياب 60 مليون مسافر سنويًا، وهو رقم لا يتوافر حاليا إلّا في مطارات قليلة عبر العالم وفق قوله. ويتابع برايس أن الـ«فيفا» سيحرص على تجنب فضائح جديدة، لذلك سيكون مفاجئًا إذا ما قام بإقصاء المغرب، خاصةً وأن جياني إنفانتينو، رئيس الـ«فيفا»، عبّر سابقا عن أن المغرب قادر على تنظيم نهائيات كأس العالم.

مؤامرة أم شروط تقنية عادية؟
جزء من الصحافة المغربية أشار إلى إمكانية وقوع "مؤامرة" لإقصاء المغرب من لدن الـ«فيفا» قبل المرور لمرحلة التصويت. بدر الدين الإدريسي، رئيس تحرير جريدة المنتخب، تساءل في افتتاحية جديدة عن جدوى تمتع الأعضاء الـ211 داخل الـ«فيفا» بصلاحية التصويت، إذا كانت لجنة مشكلة من 5 أعضاء قادرة على إقصاء ملف معين. وتابع الإدريسي أن هناك مؤامرات تحاك في الكواليس، وأن مروجي الملف الأمريكي سبقوا أن طالبوا الـ«فيفا» قبل أشهر بالتصويت على ملفهم ربحًا للوقت، متحدثًا عن أن هناك من يريد منع الملف المغربي من الوصول إلى مرحلة التصويت.

(رئيس الجامعة المغربية في حملة البحث عن دعم ملف بلاده لتنظيم المونديال)
ويبقى الحديث عن المؤامرة في تنظيم كأس العالم أمرًا منتشرًا في الإعلام، ويعود السبب خاصة إلى فضائح الفساد والرشاوى، التي كُشفت في تنظيم عدد من النسخ السابقة، وهو ما أدى إلى محاكمة عدة مسؤولين في الـ«فيفا» والإطاحة بجوزيف بلاتر، الرئيس السابق للاتحاد. وقد كان المغرب معنيًا بهذا الجدل، خاصة وأن هناك اتهامات بأن الفساد ساهم بشكل كبير في نسخة 2010، التي فازت جنوب أفريقيا بتنظيمها، بفارق 4 أصوات عن المغرب. بيدَ أن الـ«فيفا» من جانبه يقول إنه حريص على نزاهة العملية هذه المرة، لذلك عمد إلى خيار تصويت الدول الأعضاء وليس اللجنة التنفيذية كما كان سابقًا.

يقول ستيف برايس إنه في حالة رفض الـ«فيفا» مرور المغرب إلى مرحلة التصويت، فسيمثل الأمر حرمانًا من التصويت، لما يقارب نصف اتحادات العالم، ويتحدث الكاتب عن أنه إن كان صحيحًا من الناحية النظرية وجود حظوظ كبيرة للملف الأمريكي الشمالي، فإن ذلك لا يعني أن المغرب خرج من السباق، خاصةً وأن الملف الذي قدمه يؤكد قدرته على التنظيم.

معالم القوة والضعف بين الملفين
بعيدًا عن نظرية المؤامرة، يواجه المغرب تحدي جاهزية الملف الأمريكي الشمالي المشترك، الذي يملك 16 مدينة كل ملاعبها موجودة حاليًا. وإذا كان المغرب سيستثمر 3 مليار دولار على الملاعب، فالملف الآخر يقول إنه لن يتجاوز 40 مليون دولار، مخصصة فقط للتحديث. كما يلعب لصالح الملف الأمريكي حجم العائدات المالية المقدرة بـ2.1 مليار دولار مقابل 785 مليون للمغرب، فضلًا عن أن فيفا ستربح 300 مليون دولار إضافية من الملف الأمريكي، على شكل عقود بث.

بيدَ أن المغرب يمتلك بدوره الكثير من عناصر القوة، كالقرب من أوروبا والجو الصحي والتوقيت المناسب ونجاحه الأمني في تفادي الضربات الإرهابية وتحديثه بنى الاستقبال وتطويره لكرة القدم المحلية، فضلًا عن رفض الـ«فيفا» للتنظيم المشترك لكأس العالم عامي 2010 و2018، وهو ما عبّر عنه جوزيف بلاتر، حيث كتب في تدوينة أن المغرب هو المنظم المنطقي لكأس العالم 2026.

إلّا أن ستيف برايس يعلّق بالقول إن هناك مشاريع مشتركة بين عدة دول لتنظيم نسختي المونديال عامي 2030 و2034، وإن الـ«فيفا» غيّر في قناعته مؤخرًا بخصوص التنظيم المشترك، بل إن هناك توجهًا لأن يكون التنظيم المنفرد لكأس العالم مستقبلًا أمرًا نادرًا، وفق قوله.

وأكبر نقطة قوة في الملف المغربي هو الدعم الدولي الذي يحظى به، إذ أشار تقرير لسام بوردن، على موقع ESPN، أن مسؤولًا رسميًا على تواصل دائم بالاتحادات القارية لكرة القدم، يتحدث عن أن المغرب يملك دعم جلّ اتحادات آسيا وأمريكا الجنوبية، فضلًا عن أصوات القارة الأفريقية، ممّا يعني أنه قد يصل إلى 104 صوتًا، وبالتالي ضمان الفوز في مرحلة التصويت. كما أشار التقرير إلى أن الملف الأمريكي يعاني من انتشار شعور عالمي بالاستياء من تصريحات سياسات الرئيس دونالد ترامب.
الجريدة الرسمية