رئيس التحرير
عصام كامل

عفوا يا سادة.. «إتاحة» التعليم قبل «التطوير»


في الواقع وقبل التفكير في تطبيق نظام التعليم الجديد إن كتب الله له التطبيق في بداية العام الدراسى الجديد، فهناك نقطة انطلاق مهمة لابد أن نجتازها أولا، خاصة في مرحلة رياض الأطفال ألا وهى مشكلة "الإتاحة" بشقيها، سواء كانت استيعاب جميع الأطفال في سن الخامسة للالتحاق بمرحلة رياض الأطفال، أو إتاحة وتوفير مكان آدمى وفق المواصفات العالمية لكل طفل داخل قاعات رياض الأطفال.


في البداية وبمقارنة عدد الأطفال في عمر الخامسة هذا العام بعدد الأطفال الملتحقين برياض الأطفال، نستطيع أن نعرف أين نحن الآن من مشكلة "الإتاحة".. وما هي خطة الحكومة في وضع آليات تنفيذ حقيقية لحل تلك المشكلة، علما بأننا نستطيع بكل سهولة أن نعرف نسبة نجاحنا من عدمه في استيعاب الأطفال في سن الخامسة، والملتحقين بمرحلة رياض الأطفال هذا العام، عندما نقوم بمقارنة العدد الكلى للأطفال في سن الخامسة، بالذين التحقوا منهم بمرحلة رياض الأطفال، وقد يظهر ذلك واضحا عندما نقارنه أيضا بعدد الملتحقين بالصف الأول الابتدائى في العام بعد القادم.. فعدد الملتحقين بالصف الأول الابتدائى هذا العام، يوضح لنا نسبة الإتاحة في مرحلة رياض الأطفال في آخر عامين.

في الواقع وبكل آسف سوف نجد النسبة لا تزيد على 25%، إذن نحن الآن أمام مشكلة حقيقية وفى غاية الأهمية ألا وهى مشكلة "الإتاحة"..

 إننا بالطبع نامل أن تكون نسبة الإتاحة في مرحلة رياض الأطفال 100% وبجودة عالية ليس فقط مجرد توفير أماكن لجلوس هؤلاء الأطفال، أو بمعنى أدق "سجنهم" بين أربعة جدران داخل فصل قد يتخطى عدد الأطفال به 70 طفلا مع معلمة في أغلب الاحيان قد لا تملك الحد الأدنى من التعامل مع هذه الفئة العمرية الأكثر أهمية.

فتوفير مكان عال الجودة لكل طفل في سن الخامسة، والتوسع في فتح قاعات رياض الأطفال قد تكون الخطوة الأولى في التطوير الحقيقى للتعليم.. نحن نأمل أن ترتفع نسبة الإتاحة من 25% إلى 50% أو 60%، فالإتاحة تعتبر أولى الخطوات قبل التفكير في التطوير أو تطبيق النظام الجديد، والتي نص عليها الدستور صراحة، وأصبحت الحكومة ملزمة بتوفير تعليم مجانى وعالي الجودة لكل الأطفال في سن التعليم.

لذا فكان من أهم محاور إستراتيجية الوزارة 2014-2030 هو محور "الإتاحة" لتقليل الكثافة من ناحية، ولزيادة القدرة على استيعاب الطلب المتزايد على التعليم من ناحية أخرى، تم وقتها إنشاء عدد (1542) قاعة دراسية (تخدم تنفيذ الخطة) من إجمالى عدد (3000) قاعة كان مخططا تنفيذها في نفس العام، بالإضافة إلى تنفيذ مشروع البنك الدولي لإنشاء(750) قاعة دراسية، وتطوير واعتماد عدد (513) قاعة (حجرات ملحقة بالمدارس) تحت الإشراف الفنى والإدارى من قبل الإدارات والمديريات التعليمية.

البرامج التنفيذية للخطة استمرت في وضع الخطط غير التقليدية للتوسع في المدارس الرسمية للغات، بعدد (300) مدرسة سنويًا. من خلال تنفيذ عدد (100) مدرسة رسمية للغات (مرحلة رياض الأطفال) فتنمية الطفولة المبكرة ورفع معدلات القيد الإجمالي بمرحلة رياض الأطفال كان هو نقطة البداية الحقيقية لحل مشكلة "الإتاحة"، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من بروتوكولات التعاون والاتفاقيات والمنح مع البنك الدولي، جمعيات رجال الأعمال، منظمة اليونيسيف، هيئة إنقاذ الطفولة والجمعيات الأهلية لرفع معدلات القيد.

فلم ولن يحدث أي تطوير خاصة في مرحلة رياض الأطفال قبل أن نتخطى مشكلة "الإتاحة" في تلك المرحلة، وتوفير أماكن أولا قبل توفير تعليم عالي الجودة، مع العلم أن هناك نموا سنويا في عدد الأطفال في سن الخامسة بما يعادل 8% سنويا، فلا يعتبر إنجاز الزيادة العشوائية في فتح فصول رياض أطفال جديدة كل عام، ولكن لابد أن تسعى الحكومة أولا إلي التوسع في فتح فصول رياض الأطفال بما يتناسب مع تضخم عدد الأطفال سنويا، بالإضافة إلى نسبة 8% الزيادة السنوية على العدد الأصلى في أطفال "الخامسة"، من خلال التفكير في بدائل جديدة لضمان رفع معدلات القيد إلى ما فوق 60% على الأقل، من نسبة إجمالي أعداد الأطفال في سن الخامسة، بالإضافة إلى زيادة سنوية لهذه النسبة لنحو 10% كل عام عن العام الذي قبله، وهذا في اعتقادى قد يكون على محورين أساسيين.

المحور الأول كيفية إقناع المجتمع وأولياء الأمور لجذب هؤلاء الأطفال من المنازل، وغرس ثقافة أهمية تلك المرحلة للطفل عند أولياء الأمور، خاصة في المجتمعات والمحافظات الفقيرة، ولا ننسى أن هناك نسبة غير قليلة من الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، والتي تحتاج لقدرات ومجهودا خاصا لاستيعابهم بما يتناسب مع قدراتهم، مع الأخذ في الاعتبار توفير أماكن خاصة لهم أيضا، بما يتناسب مع مستوى قدراتهم، ونوع الإعاقة سواء من الناحية المادية المتمثلة في القاعات والأثاث، أو من ناحية شكل المبنى من مداخل وحمامات وجميع وسائل الأمن والسلامة لتلك الفئة.

المحور الثانى التفكير في بدائل جديدة للتوسع في فتح قاعات رياض الأطفال لاستيعاب الأطفال، مع وضع برنامج للحفاظ على استمرارهم، وعدم تسربهم مرة أخرى، وتحفيزهم سواء من خلال تغذية مدرسية محترمة للطفل، أو إعفاء غير القادرين من المصروفات، أو تدريب وتجهيز معلمات ذات طبيعة خاصة، أو غيرها من البدائل التي أرى أنه يجب التفكير فيها بكل جدية أولا قبل نحاول تطبيق أي تطوير في تلك المرحلة.. فتجهيز البيئة الفيزيقية أولا قد يكون شرطا حاكما لنجاح أي تطوير من عدمه.. وللحديث بقية.

Tarek_yas64@yahoo.com
الجريدة الرسمية