رئيس التحرير
عصام كامل

لا تنصروا الأزهر على مصر


في ظل الهجمة الشرسة من جانب التنظيم السري للإخوان ضد الأزهر، لا يجب أن ندعمه ونقويه إلي الدرجة التي تجعله سلطة فوق السلطات، لأننا لو فعلنا، فنحن في الحقيقة نناصر مشروع الدولة الدينية الذي يحلم به الإخوان ومناصروهم، وإذا كنا نفعل ذلك الآن لأن على رأس المؤسسة شيخ مستنير هو الدكتور أحمد الطيب، فغداً سوف يكون على رأسها شيخ من الإخوان أو السلفيين أو تابع لهما، وينفذ ما يرفضه اليوم شيخ الأزهر.


كما يعلم القارئ الكريم؛ فقد جعل الدستور الإخواني سلطة الأزهر فوق الدستور والقانون، فهو المرجعية لكل ما هو إسلامي، وذلك استناداً إلي المواد المشوهة التي تنص على أن دين الدولة هو الإسلام وأنه لا يجوز للقوانين مخالفة شريعته، وهذا بالمعنى الإخواني والسلفي الشأن الإسلامي يخص كل صغيرة وكبيرة في بلدنا، ومن ثم يصبح هو المتحكم الحقيقي في البلد.. وإذا كان رأي الأزهر اليوم استشاريا كما حدث في الصكوك، فغداً سيجعلون رأيه ملزماً للسلطة التشريعية، ونصبح مثل نموذج الملالي في إيران، حيث كل يحكم مجموعة من رجال الدين على رأسهم مرشد الثورة في كل المؤسسات وكل القوانين.

لعل القارئ الكريم يتذكر أن البرنامج السياسي المعلن قبل الثورة، للتنظيم السري للإخوان كان يطالب بوجود هيئة كبار العلماء، تكون سلطة فوق كل سلطات الدولة، بما فيها السلطة التشريعية والقضائية.. واذا كان ذلك في غاية الصعوبة بعد الثورة، ففضل الإخوان أن يتم ذلك عبر الأزهر، واذا كان اليوم ليس في يدينا، ففي الغد القريب سيكون في أيدينا، ولعل القارئ تابع تصريحات مفتي جماعة الإخوان الذي يريد الترشح للمنصب.

ليس معنى هذا أن نتركهم ينهشون لحم شيخ الأزهر، فلابد أن ندافع عنه، ولكن ليس على أرضية منحه ومنح مؤسسته سلطات فوق باقي سلطات الدولة، لكن على أرضية زحزحة كل المؤسسات الدينية ( إسلامية ومسيحية وغيرهما) خارج إدارة شئون الدولة وأن يخرج الدين من السياسة تماماً، وهذا بالضبط ضد المشروع الإخواني الذي يهدف إلى دولة دينية.

أتمنى أن نتذكر جيداً أننا ناضلنا لإزاحة الديكتاتور مبارك، ولكننا للأسف أتينا بمن هو أشد منه استبداداً، وإذا كنا نحلم اليوم بإسقاط الإخوان، فلا يجب أن نأتي بديكتاتور إن لم يكن أبشع منهم، فهو على الأقل يساويهم فيها.

الجريدة الرسمية