رئيس التحرير
عصام كامل

من «أم الدنيا» إلى «أم الفوضى»


تحولت مصر بعد 7 سنوات من ثورة يناير من "أم الدنيا" إلى "أم الفوضى".. المؤكد أن ثورة يناير بريئة من الفوضى التي نعيشها، ولكن هناك في أجهزة الدولة الرسمية من يتعمد –مع سبق الإصرار- الإبقاء عليها واستمرارها وإذكائها وإشعالها في الشوارع والمرور وكل مناحي حياتنا لتغييب الانضباط المجتمعى منذ قيامها عقابا لنا، وحتى نلعن اليوم الذي قامت فيه تلك الثورة، تحت شعار "خليهم ياكلوا بعض.. وآدينا بنتفرج".


لقد استعرض الرئيس السيسي منذ أيام إنجازات 4 سنوات قضاها في الحكم، وهى كثيرة ومتعددة ومتشعبة وملموسة وفى قطاعات حيوية بالفعل، لكنه لم يشر إلى وجود تحسن فيما أسميه "الأمن المجتمعى"، فالشرطة المجتمعية مازالت غائبة عن الشارع، ولا تقوم بدورها في فض الاشتباك وإنهاء الفوضى، ومازلنا نرى حوادث السطو المسلح على المحال وتثبيت الأشخاص في الشوارع وخطف شنط السيدات في وضح النهار وسرقة السيارات من أمام البيوت.

دعونا نتصارح بأن هناك "غصة" مازالت مستمرة في قلب بعض أفراد الشرطة منذ جمعة الغضب قبل 7 سنوات، جعلتهم يرفعون أيديهم أو يتعامون عن حالة الاشتباك المجتمعى والفوضى العارمة في الشارع، حتى صرنا دولة رخوة بلا سلطة، وأصبحنا نخاف من البلطجية ونعمل لهم ألف حساب، واصبح أي شخص يستطيع أن يؤذى الآخرين دون أن يجد من يردعه لأن دولة القانون غائبة.

وباعتبار أن كل المسئولين في مصر لا يهتمون ولا يتحركون ولا ينفذون استحقاقات مناصبهم إلا بتعليمات من الرئيس السيسي شخصيًا، فإننا ننتظر من الرئيس أن يأمر بإعادة الانضباط في غضون شهر، حتى يتحرك مسئولو الداخلية لإنهاء فوضى الشارع وفوضى المرور وفوضى الإشغالات وكل أوجه الفوضى الكثيرة في الشارع، فعودة الانضباط إلى الشارع المصرى استحقاق لا يقل في أهميته عن كل الاستحقاقات التي تم إنجازها خلال السنوات الأربع الماضية.

من سوء حظ ثورة يناير أن يختطفها الإخوان، وليست جريمتها أن يسطو عليها فصيل لحساب مصالحه، وتحتاج من الرئيس السيسي أن يرد لها الاعتبار، بعد أن طفح إلى سطح الحياة السياسية من قامت ضدهم ليشوهون صورتها ويتهمونها بأنها لم تكن أكثر من "مؤامرة"، فصارت في الخطاب الرسمى الذي يستحوذ عليه رموز نظام المخلوع مبارك مشوهة و"بنت البطة السوداء" المغضوب عليها دون الموجة الثانية منها وهي 30 يونيو، حتى صرنا لا نسمع في ذكراها سوى صخب وضجيج الاحتفالات بعيد الشرطة التي قامت الثورة ضدها في الأساس.

لا تستحق ثورة يناير في ذكراها السابعة أن تكون مجرد جملة استهلالية في خطاب رسمى يهتم بكونها اختطفت من جماعة إرهابية أكثر من اهتمامه بأهدافها النبيلة التي قامت من أجلها، وكأن الاختطاف صار هو الحدث الوحيد الذي يخص ثورة عظيمة أطاحت بواحد من أكثر الحكام فسادًا في التاريخ.

اقتراح وجيه
*أحد أصدقائى اقترح تغيير موعد عيد الشرطة، بحيث يكون في يوم آخر غير 25 يناير، باعتبار أن ذلك المقترح سيفض الاشتباك مع ثورة يناير؟

بالمناسبة اختيار 25 يناير جاء تخليدًا لذكرى موقعة الإسماعيلية عام 1952 وراح ضحيتها 50 شهيدًا و80 جريحًا من رجال الشرطة المصرية رفضوا تسليم سلاحهم وإخلاء مبنى المحافظة لقوات الاحتلال الإنجليزي.

نقطة نظام
*أكبر دليل على أن الفساد "معشش" في بلدنا أن ملايين الشقق التي تم بناؤها بالمخالفة للقانون تتمتع بتوصيل الكهرباء والمياه والغاز والصرف الصحى لها.

لو أننا في دولة قانون وعرف كل هؤلاء المخالفين أن شققهم المخالفة التي سيبنوها ستصبح خاوية كالخرابة بدون أي مرافق، ولو تم حبس كل فاسد ومرتشي يتواطأ في توصيل المرافق للمخالفين، ما رأينا شقة واحدة مخالفة.

بالمناسبة قانون التصالح في مخالفات البناء الذي سيقره البرلمان قريبا لن يجلب للبلد مليمًا واحدًا من غرامة التصالح وليس كما يزعمون 200 مليار جنيه، ببساطة لأن كل المرافق تم توصيلها لمساكنهم المخالفة.. فما الذي سيجبرهم على الدفع إذن؟

لن يتحقق الانضباط في بلدنا طالما أن سياسة "الطبطبة" وتنحية القانون وإلقائه في سلة المهملات أصبحت منهجًا في التعامل مع المخالفين، كل المخالفين، وكأنها ترسى شعار "خالف وادفع".
الجريدة الرسمية