رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس لجنة إقرار قانون الإفلاس بالبرلمان : يمنع تشريد العمالة ويُنهي صداع المدين والدائن والقاضى

فيتو

  • تمت الموافقة على جميع المواد دون أي اعتراض على أي مادة بالقانون
  • يضمن تدابير عديدة لإنقاذ المدين المفلس.. ويأتى ضمن حزمة تشريعات للقضاء على الإفلاس

أقر مجلس النواب مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن الإفلاس والصلح الواقي وإعادة الهيكلة، وهو القانون الذي رحب به اقتصاديون ورجال أعمال واعتبروه خطوة إيجابية ومهمة تأخرت كثيرًا.
القانون - الذي يتضمن 264 مادة- يساعد في رفع تصنيف مصر في مؤشرات البنك الدولي، ويسهل عملية الدخول والخروج من السوق، كما يعطى للتاجر الحق في الاستمرار في العمل مادام لم يرتكب جرما أو يتحايل على القانون، فضلا عن تمكينه الشركات والمشروعات المتعثرة أو المتوقفة عن الدفع يساعد القانون من دخول السوق مرة أخرى، كما يحافظ على مصالح الدائنين ويحمى حقوقهم عند تعثر التاجر وتوقفه عن دفع ديونه التجارية... ورغم هذه الإيجابيات وغيرها، إلا أن هناك من لا يرون القانون مثاليا، ورصدوا فيه بعض النقائص، بل رأوا أنه سوف يفتح بابا جديدا للفساد والانحراف المالى.
وفى هذا الصدد قال المستشار حسن بسيونى، رئيس اللجنة الفرعية المشكلة من اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب لمناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن إعادة الهيكلة والصلح الواقى والإفلاس، والذي وافق عليه البرلمان الأسبوع الماضى: إن قانون الإفلاس يهدف لإنقاذ المدين المفلس من الوقوع في براثن الإفلاس.

وأوضح بسيونى أن القانون الجديد، عبارة عن أفكار جديدة لم يسبق طرحها، ويأتى ضمن حزمة التشريعات الاقتصادية التي أقرها البرلمان وتصب في تهيئة مناخ الاستثمار.

وتابع: إن القانون سيكون له أثر إيجابى على الاستثمار، بحيث لن يكون من السهل خروج الأموال من السوق وإشهار إفلاس المدين إلا في الحالات الصعب حلها.. وإلى نص الحوار


في البداية ما الداعى لإقرار قانون الإفلاس في التوقيت الحالى؟
القانون جاء ليحل المشكلات التي يعانى منها المدين والدائن والمجتمع بشكل عام، حيث يهدف للحفاظ على أموال المستثمرين قبل خروجها من السوق، حيث جاء القانون بأفكار جديدة، تساعد كل من المدين المفلس والدائن والمجتمع، بحل مشكلة الإفلاس، خاصة وأنها تمثل صداعا في رأس كل من المدين المفلس والدائن والقاضى الذي ينظر تلك الملفات، فقد كانت هناك عدد من المشكلات العملية التي تواجه ملف الإفلاس، وهى أن الإفلاس كان به معنى العقوبة، وكان ينتج عنه "إعدام تاجر"، بإذن من المحكمة، حيث يحرم التاجر المفلس من ممارسة الحقوق السياسية والنيابية والانضمام للاتحادات الرياضية والنوادى الرياضية والنقابات والغرف التجارية. وهذه المشكلات بالتالى كانت تسبب صداعا في رأس كل من المشرع والقاضى.

وهل هذه مشكلة تعانى منها مصر فقط أم دول العالم؟
هي بالفعل مشكلة عالمية، ولكن على المستوى الدولى هناك لجان متخصصة لمناقشة الإفلاس، فكل بلد فيها نظام مختلف بشأن قانون الإفلاس، وأشير هنا إلى أن كلمة "الإفلاس" مأخوذة من إيطاليا، وهى ترجمة لـ"بانكرابسى"، أي "كسر المائدة" بمعنى أن التاجر حال إفلاسه كانوا يكسرون المائدة التي كان يمارس التجارة عليها، وبالتالى يصبح التاجر غير صالح للتجارة، وفى مصر هي مشكلة قانونية قديمة منذ عام ١٩٨٣، حيث بدأنا في علاجها بإعداد قانون الإفلاس الذي تم اشتقاقه من القانون الفرنسى عام ١٩٨٣، ثم تم تعديله عام ١٩٩٩.

وماذا عن المحاكم الاقتصادية التي تم إنشاؤها من قبل لحل مثل تلك الأزمات؟
بالفعل جاء إنشاء المحاكم الاقتصادية، منذ عام ٢٠٠٨، لمواجهة مثل تلك الملفات، حيث تم إنشاء ٨ محاكم على مستوى الجمهورية وتختص بأمور محددة منها الإفلاس، ورغم أننا حققنا نتائج إيجابية من خلالها فإن المشكلة لم تحل، ومازالت هناك مشكلات، لأن المشكلة ليست في "الإفلاس" بقدر إنها في "إجراءات التفليسة"، وهناك فارق كبير بين الأمرين، حيث توجد عدد من الإجراءات لإنهاء التفليسة.

وماذا عن إيجابيات القانون الجديد؟
القانون الجديد، عبارة عن أفكار جديدة لم يسبق طرحها، فهو يأتى ضمن حزمة التشريعات الاقتصادية التي أقرها البرلمان وتصب في تهيئة مناخ الاستثمار، فهو يساعد على إعادة الهيكلة للمدين، وإنقاذه من الغرق في الإفلاس، فقبل وصول الأمر لمنصة المحكمة، يتم بحث مشكلته التي يعانى منها بشكل دقيق، عن طريق مجموعة من الخبراء في مختلف المجالات المالية والإدارية والفنية، لإيجاد الحلول المناسبة له وانتشاله من الوقوع في براثن الإفلاس، أيضا لأول مرة، نص القانون على "الوساطة"، والتي تعنى الاتفاق بين المدين والدائن، لحل المشكلة التي بينهما عن طريق وسيط يختارونه، وعند اتفاقهم عن طريق الوسيط يدون محضر ويعرض على القاضى، يوقع عليه، ويعد بمثابة سند تنفيذى، وتنتهى المشكلة قبل الوصول إلى مشكلة الإفلاس، بالإضافة إلى ذلك، أيضا نص القانون على " الصلح الواقى من الإفلاس"، والذي يعنى أنه حال تقدم الدائن بطلب لاشهار إفلاس المدين، يكون من حق المدين التقدم بطلب للصلح الواقى من الإفلاس وهو الأمر الذي سيديره قاضى الإفلاس دون الدخول في مرحلة الافلاس، ويتم ايقاف دعوى الافلاس حال رفعها لحين الفصل في طلب الصلح الواقى، وحال رفض الصلح أو تعذره، تبحث المحكمة مدى الاضطراب المالى للمدين، ومدى إمكانية إصلاحه، وحال التعذر في النهاية، تقضى بإشهار إفلاسه، وتبدأ المحكمة بإدارة التفليسة بحصر الحقوق وسداد الديون وبحث آلية توزيعها.


وما الفرق بين ذلك الصلح الواقى في القانون الجديد عن القانون السابق؟
رغم أن الصلح الواقى كان منصوصا عليه في القوانين السابقة ولكنه لم يكن مفعلا، بسبب حرص الدائن على الحصول على أمواله دون النظر لوضع المدين وما سيتعرض له، وهو الأمر الذي كان يؤدى لسرعة إشهار الإفلاس، وما ينتج عقب ذلك من خروج لقدر من الأموال من السوق، ما يشكل ضررا على السوق، ولكن في القانون الجديد عالجنا ذلك الأمر، من خلال النص على إيقاف الدعاوى لحين الفصل في طلب الصلح، بالإضافة إلى تولى المحكمة بحث المشكلة ومدى إصلاحها، وغيرها من التدابير، في النهاية يهدف القانون إلى منح المدين تدابير وخطوات عديدة تنفذه من الإفلاس.


وكيف ترى أثر تلك التدابير العديدة على مجال الاستثمار بالبلاد؟
بالطبع سيكون له أثر إيجابى على الاستثمار، بحيث لن يكون من السهل خروج الأموال من السوق، وإشهار إفلاس المدين إلا في الحالات الصعب حلها، وهنا أشير إلى أن حماية المستثمر والمجتمع من إجراءات ومخاطر الإفلاس، أمر مهم جدا، حيث وفقا للمعايير الدولية لقياس الإفلاس، فإن المدة التي يتم استغراقها في إنهاء إجراءات الإفلاس ثلاث أو أربع سنوات، بالإضافة إلى تكلفة الإفلاس العالية، والتي تشمل خبراء وإجراءات وغيرها، وكذلك حجم استرداد النقود بعد الإفلاس يكون أقل، فوفقا لإحصائية للبنك الدولى فإنه يتم استرداد ٣٣ سنتا عن كل دولار.


ومن هم القضاة الذين سيتولون الفصل في قضايا الإفلاس؟
تم إسناد جميع الدعاوى المتعلقة بالإفلاس للمحاكم الاقتصادية، في القانون الجديد، لتصبح كل الدعاوى أمامها، وذلك بخلاف ما كان متبعا من قبل، حيث كانت الدعاوى الجديدة منذ عام ٢٠٠٨ أمام المحاكم الاقتصادية، وما قبلها كان أمام المحاكم العادية.

وما أهمية ذلك من وجهة نظركم؟
أرى أن إسناد تلك الدعاوى للمحاكم الاقتصادية يسهل إجراءاتها، باعتبار أن بها قضاة متخصصين وذوى خبرة، بالإضافة إلى أن درجاتهم الوظيفية تكون مرتفعة، حيث يكونون رؤساء محاكم ونواب رؤساء محاكم، الأمر الذي يسهل الفصل في تلك القضايا.

وهل سيكون لذلك القانون أثر على سوق العمل؟
بالفعل سيكون له أثر إيجابي، حيث إنه بحل مشكلات المدين لن تصل الأمور إلى إشهار إفلاسه، وتشريد العمالة، بل سيكون هناك استمرار بالعمل.

وكيف ترى اعتراض أعضاء اللجنة الاقتصادية بالبرلمان على القانون بسبب عدم عرضه عليهم؟
مشروع القانون يأتى ضمن تخصص اللجنة الدستورية والتشريعية، في الأساس، نظرا لأنه عبارة عن إجراءات قضائية، وتختص اللجنة الاقتصادية بحزء فيه، وبالتالى في مثل تلك الحالات يتم تشكيل لجنة مشتركة من اللجنة الأساسية وهيئة مكتب اللجنة أو اللجان الأخرى، وهو ما حدث، حيث تم تشكيل لجنة فرعية من اللجنة التشريعية، لمناقشته وإعداد تقرير بشأنه.

وهل كانت هناك اعتراضات خلال مناقشات القانون؟
بالعكس، فقد تمت الموافقة على جميع المواد دون أي اعتراض على أي مادة بالقانون، حيث كان هناك حرص على الاستعانة بالأفكار الجديدة في ضوء النظم والقوانين المقارنة.

وإلى أي مدى ترى أن تطبيق القانون سيتم القضاء على مشكلات الإفلاس؟
القانون يساعد في حل العديد من المشكلات، ولكن التطبيق سيكشف عن مدى حله للمشكلات، وهل هناك مشكلات أخرى، بحيث يتم مواجهتها، كما أن مشكلات الإفلاس ليست مرتبطة بذلك القانون فقط، بل هناك حزمة من القوانين تساعد في الحد من الإفلاس على رأسها قانون الضمانات المنقولة الذي أقره المجلس بدور الانعقاد الأول ولم يتم تطبيقه حتى الآن.

ولماذا لم يتم تطبيقه رغم إقراره؟
تسأل عن ذلك الحكومة، فالبرلمان أقره منذ عام ٢٠١٥ ولم يفعل حتى الآن.

وما هدف ذلك القانون؟
قانون الضمانات المنقولة يؤدى إلى القضاء على فكرة الإفلاس، لأن المعاملات ستكون مضمونة بحق عينى مسجل، الأمر الذي يؤدى إلى رفض دعوى الإفلاس، وتفعيل القانون يتطلب إنشاء سجل يتم فيه تسجيل الضمانات المنقولة، في النهاية أوكد أنها مجموعة تشريعات مكملة لبعضها.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ"فيتو"
الجريدة الرسمية