رئيس التحرير
عصام كامل

إنهم يغتالون فرحة المصريين!


اعتدنا على ألا يترك الإرهابيون، فرصة متاحة لاغتيال فرحة المصريين.. دون انتهازها سواء كانت تلك الفرصة تتمثل في الاحتفال بمناسبة وطنية، تجمع كل المصريين.. وتوحد فيما بينهم أو دينية يشارك الجميع الاحتفال بها.. بصرف النظر عن اختلاف الأديان.

مع اقتراب موسم الأعياد.. كان المصريون يضعون أياديهم على قلوبهم تحسبًا لوقوع جرائم إرهابية تفسد عليهم فرحة الاحتفال بالمناسبة السعيدة، وإن كانوا لا يعرفون أين ستقع الجريمة، ولا الموعد الذي اختير لارتكابها ولا كيفية الإعداد لها.

صدق توقع المصريين اختيار الإرهاب كنيسة «مارمينا» بحلوان لارتكاب الجريمة النكراء، وحددوا الإجازة «الجمعة» حيث تكون الشوارع خالية، موعدا للهجوم الغادر.. وأشير هنا إلى عدة «ملاحظات» لابد من ذكرها والتأكيد عليها.

إن دماء أي شهيد من المصريين في حادث كنيسة حلوان.. غالية على كل مصري، ولا يفرق هنا إن كانت الأعداد محدودة لا تقارن بأحداث سابقة استهدف خلالها المصلون.. سواء في الكنائس والمساجد وهم يتعبدون إلى الله.. الدم المصري غال حتى لو كان الضحية واحدًا فقط.

إن المقارنة بين عدد الضحايا في الحوادث السابقة، والحادث الأخير ليس الهدف منه التقليل من بشاعة ما جرى، إنما إدراك أن الإرهابيين فشلوا في تحقيق أهدافهم في اقتحام الكنيسة.. وأن يصل عدد الشهداء إلى المئات في وقت الاحتشاد للصلاة، وهو ما لم يتحقق سواء لتصدي الشرطة لهم أو لوعي المصريين.. ومشاركتهم الإيجابية..

إن الأداء الشرطي كان على مستوى عال، تجلى في إغلاق أبواب الكنيسة ومنع الإرهابيين من اقتحامها والتعامل مع الإرهابي وإصابته مما حال دون هروبه، وقد تحدثت الصحف والمتابعات التليفزيونية عن شجاعة مأمور القسم وأمين الشرطة الشهيد، وفرد المباحث.. بالإضافة إلى المواطن الذي هاجم الإرهابي عقب إصابته.

إن المشاركة الشعبية في التصدي للإرهابي، والتي شاهدنا نماذج منها عبر برامج الفضائيات تدل على أن المواطن أدرك أن الإرهاب يستهدف مصر كلها، لا يفرق بين مصري مسيحي.. وآخر مسلم، وأن مسئولية المواجهة لا تقع على الأجهزة الأمنية وحدها، إنما يتحملها الجميع.

لقد أعاد حادث كنيسة حلوان الاعتبار إلى ما كان يطلق على المصريين من اتهامات بالسلبية.. وغياب الروح الجماعية حينما هاجم المواطنون الإرهابي وهم يدركون أنه يحمل قنابل يدوية، وربما حزامًا ناسفًا يمكن أن يفجرها لتقتل كل من يقترب منه، ورغم ذلك هاجموه وكادوا يفتكون به لولا حرص الشرطة على أن يقبض عليه حيًا حتى تحصل على المعلومات عن أفراد العصابة ومن يمولهم.. وكيف يتم تدريبهم وعشرات التساؤلات التي مازالت تحتاج إلى إجابات!

أثبت حادث الكنيسة أن التلاحم بين المصريين، أقوى بكثير مما يتوقع أعداء الوطن، الذين فشلت كل خططهم لإشعال الفتن الطائفية، التي تستهدف تدمير الوطن، ثم فوجئوا بأن المواطنين المسلمين كانوا بجوار أشقائهم المصريين المسيحيين يواجهون معًا الإرهاب الجبان.

إن الموقف الوطني للكنيسة المصرية، صاحبة التاريخ الناصع في الوطنية أفشل المخططات الخارجية التي تستهدف تدمير مصر، وليس حماية المصريين الأقباط كما يدعي بعض نواب الكونجرس الأمريكي وحل مشاكلهم، ولا أحد ينكر أن هناك مشكلات للمصريين الأقباط لم يعد قبولها ممكنًا، ولا يمكن أن تجد حلولا سوى بالقوانين التي تؤكد المواطنة وحق جميع المصريين في إقامة دور العبادة التي يحتاجونها وغيرها من الأمور التي لم تعد خافية على أحد.. حل تلك المشكلات لا يأتي من الخارج وإنما من داخل الوطن.

عقب كل حادث إرهابي يتجدد الحديث عن أن الأمن وحده لا يستطيع أن يقضي على الإرهاب، وإنما تضافر المجتمع كله في المواجهة، هناك مسئولية تقع على وزارات التعليم والثقافة وأخرى يجب أن يتصدى لها الإعلام، وهناك دور جاد لمشيخة الأزهر ومدارسه وكلياته، وتتحمل وزارة الأوقاف مسئولية إعداد الدعاة.. والأهم التحرك السياسي داخل المجتمع لحماية الشباب من الانحراف نحو التطرف.. وهي مهمة مازالت غائبة لضعف الأحزاب السياسية المؤيدة أو المعارضة!
الجريدة الرسمية