رئيس التحرير
عصام كامل

المخزنجى.. زهرة علماء عصرنا!


أعترف بأنى لم أكن من قراء كتابات الدكتور العالم محمد المخزنجى، إلى أن التقيته، ولا أدعى أننى كنت قد خططت للقاء فقد جاء صدفة، على متن طائرة من القاهرة إلى "أبوظبى".


المخزنجى لمن ظلموا ثقافتهم بعدم معرفته هو أحد أهم رموز هذا الوطن الطيبة وهو حاصل على درجة الاختصاص العالى فى الطب النفسى وعلى دبلوم إضافى فى "الطب البديل" من أوكرانيا. هجر الممارسة الطبية وعمل محررا علميا لمجلة العربى الكويتية، فمستشارا لتحريرها فى القاهرة ثم كاتبا لمقال أسبوعى فى جريدة الشروق منذ صدورها الأول عام 2009، إضافة لكونه أديبا مرموقا له سبعة كتب قصصية ورواية وريبورتاج عن كارثة تشير نوبل، وكتب للأطفال ولقاء أسبوعى على قناة النهار مع الإعلامى محمود سعد.

هذا العالم لم ننصفه بعد، ولم يأخذ حقه من هذا الوطن، وفى ظنى أنه لم يستفد من علمه الغزير، فى مناح كثيرة كعلم الحيوان والنبات والطب البديل والطب النفسى، ولا أبالغ إن قلت إنه يمتلك شفرات ثقافات كثيرة يمكن أن يستفاد منه فيها.

ومشكلة المخزنجى التى قالها فى عبارة أثناء حديثى معه أنه غير متكلم، وهى مشكلة علماء كثيرين ممن لا يتاجرون بعلمهم، ولا يروجون له عبر وسائل كثيرة بل يكتفى العالم من هؤلاء بمحاضراته ولقاءاته وقلمه وكتبه كوسائل لتوصيل علمه.

فى "أبوظبى" كانت له محاضرة عن العلم والأدب، تحدث فى وقت ضيق عن زهرة اللوتس، مشيرا إلى أهميتها وسرد بعض فوائدها وكيف أنها زهرة نظيفة لا تحب أن تتراكم على أوراقها القاذورات..

هو مهتم بالبيئة وبما يحدث لنا من صدامات معها، وكيف أننا نهزم كل يوم من جراء أفعالنا الضارة، وجهلنا بكيفية وأهمية الحفاظ عليها، ومن لا يعرفون المخزنجى قد يكون لهم عذرهم كون أننا نعيش فى دوامة صنعناها لأنفسنا ففقدنا الوعى بقيمة رموزنا ولم نبحث عنهم لنستفيد منهم، فقدنا الإحساس بالعلم الحقيقى بحاجتنا إلى مفردات جديدة صادقة من رجل يحب هذا الوطن ويتمنى لو يعطى كل ما عنده دون مقابل، فهو رجل دمث الخلق، تحب أن تجلس إليه لساعات دون أن تمل، تقرأ فى كلماته تفاصيل الوطن وتشعر فى سرده للحكايات بصدق انتمائه لمصر.

لقد لمت نفسى كثيرا لأننى لم ألتق عالما مثل المخزنجى، وأظن أن كثيرين سيلومون أنفسهم مثلى لأنهم لم يقرءوا له، وحتى لو كانت كلماتى هى دعوة للبحث عن سطوره المكتوبة فى الصحف أو كتبه أو برنامجه الأسبوعى فقد يكون تكفيرا عن ذنب عدم معرفتى له.

ظلمنا أنفسنا قبل أن نظلم علماءنا، انشغلنا بأشياء كثيرة بحروب وصدامات يومية مع ضعاف النفوس ومرضى الكراسى والمناصب، ولم نمنح لأنفسنا فرصة البحث عن معلم بقيمة المخزنجى!
الجريدة الرسمية