رئيس التحرير
عصام كامل

«كعب داير» من الإسكان للصناعة!


عشر سنوات لم تشفع للمهندس عيد كامل لترخيص مصنعه بالمنطقة الصناعية بمدينة 6 أكتوبر لإنتاج الأثاث المنزلي والمكتبي والفندقي، والذي أنشأه طبقًا للمواصفات العالمية وأنفق عليه كل ما يملك واستوفى جميع الإجراءات المطلوبة وتمضي السنوات وهو حائر بين هيئتي التنمية الصناعية (وزارة الصناعة) والمجتمعات العمرانية (وزارة الإسكان) حتى يتمكن من تشغيل المصنع وتوظيف 200 شاب وفتح أبواب رزق لأسرهم والمساهمة في الإنتاج الذي يقلل من الاستيراد وتوفير العملة الصعبة، ولكن واضح أن أصحاب المصالح (مافيا الاستيراد) مازالوا يتحكمون في البلد وفي تدمير أي فرصة لصناعة تؤثر فى مصالحهم حتى لو كانت أثاثا منزليا.

المهندس عيد بعد أن انتهى من جميع الإجراءات فوجئ بأنهم يطلبون منه موافقة هيئة الطيران المدني (بعد سداد 10 آلاف جنيه رسوم وانتظار شهرين للمعاينة) علمًا بأن ارتفاع المصنع دورين فقط ويبعد 50 كيلو عن أقرب مطار والمفترض أيضًا أن وزارة الصناعة قد حصلت على جميع الموافقات قبل طرح المناطق الصناعية للمستثمرين.

تلقيت شكوى الرجل فأرسلتها على الفور إلى الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، التي تعاملت معها بمنتهى الجدية والسرعة رغم أن الموضوع لا يخصها وخلال ساعات معدودة كان صاحب الشكوى في مكتب اللواء أحمد رزق، مساعد الوزيرة والمستشار محمد عبدالوهاب، نائب رئيس هيئة الاستثمار، وبمساعدتهما انتهت معاناة عشر سنوات لمستثمر يأس من حياته تمامًا وكل هذا لم يستغرق 24 ساعة، فالرجل ما زال غير مستوعب ما حدث وكأنه يحلُم وهذا يؤكد أن مصر يوجد فيها شرفاء كثيرون ويعملون بإخلاص وبدون صخب أو ضجيج وفيها أيضًا مسئولون يعوقون الاستثمار ويدمرون الصناعة الوطنية وهم أخطر عليها من الإرهابيين الذين يستهدفون أبطالنا في الجيش والشرطة.

هؤلاء الموظفين يستحقون الإعدام في ميدان عام لأن الرئيس السيسي يبذل قصارى جهده لتشجيع المستثمرين وكذلك وزيرة الاستثمار ولكن صغار المسئولين والموظفين يُفشلون هذه الجهود لأنهم فقدوا ضمائرهم وإنسانيتهم ولا يرون سوى مصلحتهم الشخصية وإذا تعارضت مع مصلحة الوطن فليذهب الوطن كله إلى الجحيم، يجب الاستفادة من تجارب الدول التي حققت طفرات اقتصادية هائلة فهي تحمل رجال الصناعة والاستثمار على الرءوس والأعناق.

وتقدم لهم كل التسهيلات التي لا يمكن أن يتخيلها بشر منها مثلا منحهم الأراضي مجانا والدعم المادي في حالة قيامهم بإنتاج سلع استراتيجية أو توفير عدد معين من فرص العمل أما بالنسبة للإجراءات فحدث عنها ولا حرج بعض الدول تُنهي للمستثمر إجراءاته وهو ما زال في بلده أو في الطائرة أو تمنحه الأرض مجانا وتطلب منه بناء مصنعه وتشغيله ثم ترسل له مندوبا ينهي إجراءات التراخيص وهو جالس في مصنعه.

تلك هي الدول التي انطلقت بعضها كان أكثر منا فقرا وتخلفا ولكنها تسطر حاليا تجارب اقتصادية تُدرس مثل دولة غانا والتي تعتبر المستثمر الشخصية "رقم واحد" في المجتمع، فأحد المستثمرين المصريين هناك حصل على 100 ألف فدان في مايو الماضي واستصلح منها مزرعة استرشادية ثم زرعها وحصدها في حضور رئيس الدولة شخصيا، فعل كل ذلك في خمسة أشهر فقط وهي مدة لا تكفيه لاستخراج قيد عائلي من مصلحة الأحوال المدنية بالقاهرة، لماذا نفعل ذلك في أنفسنا؟ ولماذا لا نتعلم من تجارب الآخرين؟ أي مستثمر مصري كان أو أجنبي أمامه 140 دولة ترحب به وتفتح ذراعيها له وتقدم كل الدعم والمساندة والتسهيلات لماذا إذن يستثمر في دولة قد يصاب فيها بالأمراض بسبب فساد وجهل وغباء بعض موظفيها وقد تنتهي حياته قبل إنهاء تراخيصه؟

مؤخرًا وافق مجلس الوزراء على اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار، وبالتالي أصبح نافذًا وفيه حوافز وضمانات كثيرة تفتح باب الأمل في مستقبل أفضل، ولكن هذا يتوقف على الجهاز الإداري المعني بتطبيق القانون والتعامل مع المستثمرين فقد يجعله حبرًا على ورق.

يجب على المهندس طارق قابيل، وزير الصناعة، والدكتور مصطفى مدبولي، وزير الإسكان، إجراء تحقيق سريع في هذا الموضوع ومجازاة المتسببين في تأخير تشغيل المصنع وإقالتهم أو استبعادهم عن مناصبهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم الذين يدمرون الاستثمار ويُفشلون جهود رئيس الجمهورية، فالمهندس عيد كامل هو نموذج لمئات المستثمرين والصناع يحاول الجهاز الإداري إحباطهم حتى يهربوا بأموالهم واستثماراتهم خارج البلاد.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية