رئيس التحرير
عصام كامل

الشباب والمهرجانات السينمائية


يقام في مصر نحو 9 مهرجانات سينمائية يسعى منظموها للوصول بهذه المهرجانات إلى أفضل المستويات، ودائما ما تعقد المقارنات بين ما يحدث في مهرجاناتنا وما يحدث في المهرجانات العالمية مثل كان وبرلين وفينسيا وتورنتو واسكار.. وغيرها من المهرجانات العالمية، ونضع دائما نصب أعيننا أهداف تلك المهرجانات العالمية ومقاصدها كهدف نسعى إلى الوصول إليه وننسي أو نتناسى دائمًا أننا في بلد لا يتمتع بالرفاهية الثقافية أو الفنية أو حتى الاقتصادية والتي تتمتع بها هذه البلدان واننا في مثل هذا الوضع يجب أن تكون لدينا أهداف أخرى لمهرجاناتنا.. أهداف أساسية ترمي إلى التنمية البشرية من خلال المهرجانات..


فلدينا قاعدة عريضة من الشباب المهتمين والمتابعين للفن السابع، ولا يوجه إليه أي خدمات ثقافية من أي نوع، وأبسط الواجبات والأهداف التي يجب أن نتبناها في تنظيم مهرجاناتنا السينمائية، هي بناء ذلك الجسر بين الصفوة والأقلية من الفنانين والفنيين والكتاب والنقاد، وتلك القاعدة العريضة من الشباب المهتم والدارس والموهوب بالفطرة من خلال ورش عمل تقام على هامش المهرجانات وتخصيص ندوات يديرها هؤلاء الشباب من أجل الارتقاء والنهوض بمستواهم الفني والثقافي، وإتاحة فرص لهم للالتقاء بالحضارات المختلفة وتوسيع نطاق معارفهم وإدراكهم، خاصة تحت وطأة هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي لا تسمح للشباب بالسفر أو بالاحتكاك بالثقافات المختلفة بشكل عملي وفعلي، أو حتى ممارسة هواياته أو موهبته من خلال قنوات شرعية على يد أستاذه نثق في قدرتهم..

إن هذه المهرجانات بهذا الشكل التنموي قادرة على أحداث اختلاف في القاعدة الفنية في مصر، فمن سيشارك من الشباب في هذه المهرجانات هو بالتأكيد اليوم مشارك وغدا قوة فاعلة تسهم في إيجاد كادر جديد من الشباب القادر على النهوض بالساحة الفنية مرة أخرى..

أن ما جعلني أوجه هذه الدعوة هو أن المشكلة الحقيقية التي تواجه مصر خاصة في مجال الفن والثقافة أن جيل الأساتذة والعمالقة الكبار، وتلك الشجرة العملاقة بدأت أوراقها تتساقط واحدة تلو الأخرى، فمن منا يستطيع إنكار أن بوفاة نور الشريف ومحمود عبد العزيز قد حرم عددا كبيرا من الشباب من الإسهامات الفعالية التي كان يقوم بها من أجل بناء كادر واعد من الفنانين الشباب، ومن منا يستطيع أن ينكر أن وفاة المخرج الكبير يوسف شاهين قد حرم عددا كبيرا من الشباب سواء في التمثيل أو الإخراج أو من خلال الأنشطة التي كان يواجهها بشكل شخصي ومبادرات لهؤلاء الشباب..

هؤلاء الكبار كانوا يدركون أن لديهم واجبا مجتمعيا تنمويا ودورا في تنمية هذا المجتمع، كانوا يقومون به على أكمل وجه دون تباهٍ أو تفاخر، حتى أننا لم نشعر بأهميتهم سوى بعد رحيلهم وانقطاع هذا المدد، كما أننا لا نستطيع إنكار أن هناك دورا كبيرا للنجوم الكبار أمثال عادل إمام ويحيي الفخراني وصلاح السعدني وأشرف عبد الباقي وغيرهم من النجوم والمخرجين والكتاب في دعم المواهب الشابة ووضعها على الطريق الصحيح، ولكن إلى متى سيظل الدور التنموي والمجتمعي قاصرًا على المجهودات الفردية للفنانين الذين يمتلكون هذا الوعي فقط..

أليس علينا دور كإعلاميين ومثقفين ونقاد وكتاب في أن نوجه مجهوداتنا وأنشطتنا الثقافية والفنية في اتجاه تنمية الشباب من أنشطة ممكن تجميع الشباب من خلالها وتوجيه تلك الخدمات الثقافية لهم، أقصى طموحاتي أن أرى المهرجانات الفنية في مصر يشارك في تنظيمها واستقبال ضيوفها طلبة الأكاديمية التي لا نوجه لهم أي اهتمام، هؤلاء الشباب الذين يدرسون الثقافة والفن بشكل حر من خلال المؤسسات الثقافية والفنية المختلفة..

أحلم بأن أرى مهرجانا سينمائيا يستقبل وفوده شباب الأكاديمية، ويصوره شباب المصورين الدارسين، فكما أننا ندعم الإعلاميين والصحفيين والنقاد من الشباب في تغطية المهرجان والمشاركة في ندواته يجب علينا أيضًا أن ندعم شباب الممثلين والمصورين والمخرجين وغيرهم من الفن السابع، وأن يشاركوا في هذه المهرجانات ويشعروا بأنهم أصحاب المهرجان الحقيقيين، شرفت بأنني كنت مديرا لمهرجان الإسكندرية السينمائي في أحلك الظروف التي مرت بها مصر، وعملنا جاهدين كفريق عمل على دعم الشباب السينمائي السكندري وتخصيص مسابقة خاصة لهم، ولكن مصر ليست الإسكندرية فقط..
الجريدة الرسمية