رئيس التحرير
عصام كامل

الزي المدرسي الموحد.. والبعد عن «السبوبة»


الكثير من دول العالم تقتنع تماما أن الزى المدرسي الموحد هو أول طريق الانضباط، فتعود فكرة الزي المدرسي الموحد إلى القرن الـ16 في بريطانيا، حيث تم فرضه على الأطفال في دور الأيتام هناك بهدف تمييز التلاميذ عن بعضهم، وفى القرن الـ19 بدأت تنتشر الفكرة في كافة مدارس بريطانيا وانتقل من المدارس الخاصة إلى الحكومية، ونقلت بريطانيا هذا الزى إلى مستعمراتها في ذات الوقت، والتي كانت من بينهم مصر، ومن هنا عرفت مصر فكرة الزى المدرسي الموحد.


بعدها بعشرات السنين وظهور طبقات اقتصادية مختلفة في مصر بدأ الزي المدرسي الموحد خاصة في المدارس الحكومية في الاختفاء، وبدأت حرية الزى المدرسي وفقا للحالة الاقتصادية للأسرة والذي كان له مردود سلبى جدا على كل من الطالب والمجتمع حيث ظهرت في الآونة الأخيرة بما يسمى ظاهرة “كرنفال الألوان" في الزى المدرسي، فضلا عن عزوف الكثير من الطلاب عن استكمال دراستهم بسبب المعاناة النفسية عند المقارنة بأقرانهم.

من هنا لماذا لا تقوم الوزارة بتعميم فكرة "الزى المدرسي الموحد" على كل مدارس مصر بالطبع أقصد المدارس الحكومية، فعلى الوزارة عندما تنتوى تطبيق فكرة "الزى المدرسي الموحد" على المدارس الحكومية أي تطبيقه على ما يقارب من 17 مليون تلميذ أن توضع مجموعة من التصميمات الموحدة للزى المدرسي بحيث تكون جميلة ووقورة لتناسب الموقف التعليمي وللحد من ظاهرة "كرنفالات الألوان" والأزياء داخل المدارس وحفاظا على مشاعر الطلاب الفقراء وعدم دفعهم للانحراف والعنف بسبب الغيرة التي قد تنشأ من عدم قدرتهم على شراء الملابس الغالية التي يرتديها زملائهم الميسورين.

ويجب أن يصنع هذا الزى بمعرفة كل محافظة طبقا لمجموعة التصميمات والألوان التي من المفترض أن تحددها الوزارة لكل محافظة معبرة عن روح البيئة التعليمية، ومتماشية مع ما يرتبط بها من أصول تربوية وضوابط، ومناسبة في أشكالها وألوانها لكل مرحلة دراسية وعمرية، ومنسجمة في الوقت ذاته مع المظهر الحضاري رفيع المستوى للمدرسة المصرية.

الاهم وحتى لا نضع انفسنا محلا للشبهات على الوزارة أن تبتعد تماما عن كبار رجال الأعمال وكبار الشركات المتخصصة في بيع وتصنيع هذا الزى وحتى لا تكون "سبوبة" جديدة لضعاف النفوس وباب جديد في الفساد المالي والإداري، وابتزاز واستنزاف أولياء الأمور والذين بالطبع من الطبقات الفقيرة لذلك يجب أن تقوم كل محافظة بتصنيع الأزياء المدرسية من خلال أصحاب المشروعات الصناعية الصغيرة والمتناهية الصغر وليست الشركات والمصانع الكبيرة ويوزع الزى على الطلاب بسعر التكلفة من خلال المجمعات بالمحافظة وبالتقسيط لغير القادرين والأيتام.

أما لو لا قدر الله حدث عكس ذلك عند تطبيق الزى المدرسي الموحد على المدارس الحكومية، سنصبح أمام "سبوبة" جديدة سيدفع ثمنها أولياء أمور 17 مليون تلميذ وستكون الوزارة وضعت أولياء الأمور على طبق من ذهب لجشع كبار رجال الأعمال والتجار.
الجريدة الرسمية