رئيس التحرير
عصام كامل

أجبرونا أن نلهث إلى الخلف!

18 حجم الخط

أصعب ما فى الحياة أن تظل كما أنت محاطا بكل ما يحول دون خروجك من سجن هذه الحياة، أن تظل تتحدث عن مساوئ الأوضاع التى نعيشها من حكومة تعمل بريموت كنترول صينى مثل الريموتات التى تباع على أسوار شارع رمسيس أو الجلاء، بسبعة جنيهات، تنتهى صلاحيتها عند أول قناة فلا تسمح لك بأن "تقلب" عن برنامج توك شوز ممل يرفع الضغط كبرنامج للإعلامى سيد على أو محمود سعد أو حتى لميس الحديدى، فالكل يسبح فى بركة مياة متوقفة، فلم تعد الرياح تحرك لها ساكنا، لا مظاهرات ولا صحافة ولا إعلام ولا حتى على رأى المثل أن عملت ليها "الللّى".

إن أردت أن تشاهد كيف نعيش وكيف تتحرك بنا سيارة هذا الوطن الشبيهة بسيارات الأجرة التى تعمل فى الأرياف، متعطلة متهالكة، فاخرج إلى أى مكان آخر خارج مصر، وانظر إلى حالنا وما يحدث حاليا من سخافات حول تغيير الحكومة وما يتردد على مواقع التواصل الاجتماعى، انظر إلى صورة حكومتنا الحالية وأزمة استقالة وزير العدل وعودته، انظر إلى علاقاتنا بالخارج، ولا تذهب بعيدا، اجلس إلى مقهى شعبى فى إمارة أبو ظبى مثلا التى زرتها لمتابعة مهرجان أبو ظبى الدولى الأول للأفلام، ستكتشف أننا نلهث إلى الخلف بطريقة سخيفة، والعالم من حولنا لا يكلف نفسه أن يلتفت إلينا لأن التفاتته إلينا ستكلفه أن ينظر إلى الوراء، فيشاهدنا ونحن نتصارع ونضرب كما يقال "أخماسا فى أسداس"، وهو مستغن عن أن يوجع دماغه بخلافات ورغى وكلام مش هودى ولا يجيب.

أنت تحتاج كى تعرف كيف نعيش حاليا أن تلقى بنظرة عابرة من نافذة أخرى إلى ما يحدث فينا، من جراء تكالب على كراسى، إن أردت أن تعرف صورة وزير مثل صلاح عبد المقصود وزير الإعلام وماذا وصل به الحال بعد أن جرجر صورة الإعلام إلى مفردات سخيفة كتلك التى بدرت منه فى الآونة الأخيرة، فانظر من نافذة بعيدة عن زحام القاهرة، ستكتشف أننا بالفعل نلهث إلى الخلف.

فى أبو ظبى شاهدت مع بعض الأصدقاء كيف تسير الحياة بهدوء، كيف تنطق الشوارع بكلمة نظام، كيف تأتى فكرة إقامة مهرجان دولى لأفلام البيئة، لتعبر عن معاناة الكرة الأرضية، كيف أوجدت إدارة هذا المهرجان فكرة أن تكون سجادته خضراء لا حمراء وهو ما تناوله الصديق طارق الشناوى فى مقال بارع عن هذه السجادة التى توحى إليك منذ أن تشاهدها أنك فى وطن أخضر، إنك تحتاج إلى تقوم بلغة الكمبيوتر بما يسمى "فورمات" لفلاشة دماغك، وأن تستعيد نفسك بذاكرة "فريش" ليس فيها ضجيج التوك شوز المصرى ولا صراعات أعضاء الحرية والعدالة على كحكة وطن نبكيه كل لحظة. 
الجريدة الرسمية