رئيس التحرير
عصام كامل

فى ذكرى رحيله "جاهين" يداعب ذاكرة محبيه.. الأبنودى: أعطى لشعر العامية شرعية التواجد.. سامية جاهين: والدى باقٍ وتلاحم بأشعاره مع يناير.. تليمة: "جاهين" رسخ فلسفة الحياة عند العرب

فيتو

رغم مرور 27 عاما على رحيل الفنان والشاعر الكبير صلاح جاهين إلا أنه حاضر فى ذاكرة الوطن والتاريخ، وبين محبيه وعشاقه. حيث اعتبره أصدقاؤه فنانا شاملا ترك بصمته ليتوارثها جيل من بعد جيل، فكان متفردا فى الشعر حين أسس لحداثة الشعر العامى، وفيلسوفا رسخ لفلسفة الحياة لدى البسطاء عن طريق الفن والكاريكاتير، فضلا عن خبرته فى عالم الصحافة، عاش موهوبا وبسيطا وترك الدنيا فى سلام بعدما أخلص لوطنه وثورات الشعب.

قال الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى: إن أشعار صلاح جاهين بمثابة قناديل مضيئة تبعث الحياة للإنسانية ومدارس الإبداع من جيل لـجيل، طالبا من الله تعالى الرحمة والغفران لـ "جاهين" فى فى ذكرى رحيله الـ 27.

وأضاف الأبنودى: "إذا كان فؤاد حداد انتقل بالشعر العامى من مراحل الزجل ليرسو به فى أرض شعر العامية الحديث، فإن جاهين بحسه الاستماعى والإنشائى اقترب به من قلوب الناس وأعطاه شرعية التواجد والتكامل كنوع أدبى يحظى بالاحترام، وتخرج من عباءته شعراء لا حصر لهم". 

من جانبها، قالت الفنانة سامية جاهين، عضو فرقة إسكندريلا الموسيقية، وابنة الراحل "صلاح جاهين"، فى ذكرى رحيله الـ27: إنه باق ولم يتغيب لحظة واحدة، سواء عن مصر أو عشاقه ومحبيه، مؤكدة أن أباها خلد ثورات مصر بأشعاره، بداية من يوليو 1952 حتى ثورة يناير 2011. 

وأضافت: والدى عبر عن الثورة بأغان كانت أكثر من رائعة، وفى ثورة يناير كانت تسمع وكأنها مكتوبة اليوم ولهذه الثورة، مثل أغنية "ثوار" لأم كلثوم، ورائعة "بانوا بانوا" لسعاد حسنى.

وتابعت "جاهين": والدى كان لديه إيمان حقيقى بقدرات الشعب وقوته، مما جعله يدرك مدى ظلم السلطات وعدم احترامها لإرادة الشعوب، لذا رفض الاستسلام وفضّل الكتابة وتناول الوضع السياسى الاجتماعى بالقلم والريشة، إلى أن رحل عن عالمنا تاركًا للتاريخ ما يعبر عن الوطن وحال الناس.

فيما أكد الشاعر الكبير سيد حجاب، أن الشاعر والفنان الراحل صلاح جاهين يعد أحد الشعراء المؤسسين لشعر الحداثة والثقافة الوطنية المصرية الحديثة التى تتصل بالرؤية والتشكيل معًا.
وأضاف حجاب: إن جاهين جاء إضافة للشعراء أحمد شوقى وصلاح عبد الصبور، وفؤاد حداد وبيرم التونسى، مؤكدًا أنه على رأس المؤسسين الحقيقيين لفكر الحداثة فى الشعر المعاصر.

وأوضح: إن "جاهين" انتقل بالقصيدة المكتوبة بلغة الحياة اليومية من مرحلة الزجل إلى مرحلة جديدة تلامس الدراما الشعرية والروح الغنائية البسيطة عبر موروث شعبى هضمه كله بقدر ما أتاحته له ظروف التنقل بين أقاليم مصر المختلفة.

وفى سياق متصل، قال الناقد الأدبى عبد المنعم تليمة: إن الفنان والشاعر الراحل صلاح جاهين لا زال متصدرًا قوائم المبدعين المصريين والعرب منذ بداية الستينيات وإلى الآن. 

مضيفًا: إنه تعامل مع فن الكاريكاتير بأسلوب ساخر وفريد، وضع أعماله فى مكانة خاصة بوصفه رسامًا وفنانًا، أما فى الشعر فيرى تليمة أن أعمال "جاهين" الشعرية، خاصة الرباعيات، أدخلت فلسفة الحياة إلى الشعوب العربية بداية من الجوانب الإنسانية والمثل العليا، وانتهاء بتبسيط الموروث الشعبى لعامة الناس، إضافة إلى أعماله الدرامية التى جعلت منه فنانًا شاملًا من الدرجة الأولى.

وأضاف التشكيلى العالمى ورسام الكاريكاتير المشهور جورج بهجورى: إن الشاعر والفنان الراحل صلاح جاهين صاحب أفكار عظيمة فى مجال الكاريكاتير، واستعمل كلمات معبرة داخل الرسمة توازى رباعياته فى الشعر، معتبرًا ما كان يقدمه "جاهين" من رسومات كاريكاتيرية فى جريدة الأهرام يوازى المقال الرئيسى آنذاك.

واعترف بهجورى، قائلا: "رغم إننى بدأت العمل الفنى قبل "صلاح جاهين" إلا أنه تفوق علىّ لذكائه وسرعة حضور الفكرة لديه، ولكنه كان بطيئًا فى تنفيذها".
فى الوقت نفسه قال الشاعر بهاء جاهين، نجل الشاعر والفنان الراحل صلاح جاهين: إنه رغم مرور 27 عامًا على رحيل والده إلا أنه متواجد بروحه وأشعاره الخالدة بين الثورة والشعب.
وأضاف "جاهين" أن والده كان سيحزن كثيرًا على الثورة المصرية، لأنه لا يتحمل التطورات الدموية للأحداث بعد أن دخلت الثورة فى مراحل مؤلمة للغاية قاربت بينها وبين الضياع.

وأشار "جاهين" إلى أن الدولة رغم وجود جماعة الإخوان المسلمين فى الحكم لم تغفل ذكرى والده، بل كان الاحتفاء رسميًّا وشعبيًّا شمل العامة والخاصة.
وأوضح أن الأشعار الوطنية أو الاجتماعية التى كتبها والده فى مراحل الثورات وما قبلها وما بعدها كانت تخاطب جوهر الحياة المصرية، لذا لم تتأثر بالزمن وعلقت بذاكرة التاريخ على مدى 27 عامًا مرت على وفاته.

الجريدة الرسمية