رئيس التحرير
عصام كامل

نورهان غنيم تكتب: حوادث الطرق.. نزيف لا يتوقف

نورهان غنيم
نورهان غنيم

من منا لم‮ يسمع عن حوادث الطرق سواء كانت سيارات أو قطارات فقد‮ أصبحت آفة اجتماعية أخطر مما‮ يمكن أن نتوقعه نظرا لما تخلفه من نتائج،‮ وللعامل البشري‮ دور كبير كونه المتسبب الرئيسي‮ لحدوثها ووقوعها‮.

لذا فقد حان الوقت لدق ناقوس الخطر عن هذا الإرهاب الصامت الذي‮ لا‮ يزال‮ يخلف لنا موتى،‮ معاقين،‮ أرامل ويتامى،‮ فهل من المعقول أن ننافس الدول على المراتب الأولى في‮ عدد قتلى الطرقات‮.‬

أرقام مفزعة لضحايا حوادث الطرق، نزيف الأسفلت لا يرحم أكثر من الإرهاب الذي يشهر بنادقه في الوجوه أو يسلط مواده المتفجرة قاصدًا أجسادنا، حوادث الموت على الطرق السريعة والسكك الحديدية تحصد الأرواح بلا هوادة؛ فحينما ينشغل الإرهاب ويدير ظهره للمصريين، تتربص بهم المنية القابعة على الطرق المتعرجة أو المفارق المظلمة يوميًا فلا تستطيع التفريق بين أشلاء ضحية عملية إرهابية وبقايا شخص في حوادث الطرق بصفة عامة.

وفى الوقت ذاته ما زال مسئولي الطرق يتهربون من مسئولية الحوادث ويتهمون السائقين بأنهم السبب الرئيسى فيها، في الوقت الذي أصبحت مصر فيه رقم واحد على مستوى العالم في حوادث الطرق، وأصبحت تفقد سنويًا نحو 20 ألف مواطن بسبب حوادث الطرق.

وهنا أشير إلى نقطة هامة وهى أن الإهمال لا يقل خطرًا عن الإرهاب.. كلاهما يحصد أرواح الأبرياء وكلاهما يقتل بلا رحمة والإهمال أشد فتكًا، فهو يقضي على أي ثمار للتنمية المنشودة وإذا كانت مصر تخوض حربا ضد الإرهاب فعليها أيضًا مسئولية وواجب الحرب ضد الإهمال، والذي أصبح ظاهرة وآفة المسئولية في مصر المتهاونين بأرواح الأبرياء إذ يكتفون بعد كل كارثة أو حادثة بالتعويضات الفورية والبحث عن كبش فداء والعمل على تهدئة الرأي العام دون الكشف عن الأسباب الحقيقية ومعالجتها والتأكيد على أن الإهمال هو الجرثومة وأداة القتل العنيفة، وأنه إذا كان هناك المئات يقتلون بسبب الإرهاب فهناك الآلاف أيضًا يتساقطون بدم بارد بسبب الإهمال وأن على الدولة إعلان الحرب على الإهمال لأنه لا يقل خطورة عن الإرهاب وألا تترك الإرهاب والإهمال يدا واحدة!!

ترجع زيادة معدلات هذه الحوادث بسبب التراخي في أعمال المتابعة والمراقبة المستمرة لأداء العمالة الفنية إلى جانب عدم الالتزام بقواعد التشغيل التي تحقق الأمان والسلامة لحركة القطارات، فمصر فقدت خلال الـ ٢٥ عاما الماضية عددا كبيرا من الأرواح في حوادث الطرق والقطارات لم تفقدها خلال سنوات الحرب مع إسرائيل.

وللحد من أخطاء العنصر البشري لا بد من التطبيق الصارم والعادل لمبدأ الثواب والعقاب وربط ترقى العاملين بتقييم أدائهم ونشر ثقافة السلامة وإعداد برامج تحفيزية مادية ومعنوية لتشجيع العاملين في مجال السلامة.

الخلاصة.... أن قطارات مصر في الفترة الأخيرة تصطحبك إلى الجنة، فعليك فقط الذهاب لمحطة القطار وقطع تذكرتك إلى الآخرة وحجز مقعدك، وعليك أن تكتب وصيتك قبل السفر بسبب حوادث القطارات المستمرة، فقطار يخرج عن القضبان وعربة تنفصل عن العربة الأخرى وقطار آخر يصطدم بسيارة أو قطار.
ويبقى السؤال متكررا.. هل تصبح تذكرة القطار بصفة خاصة تأشيرة خروج من الدنيا بسبب إهمال المسئولين؟.
Advertisements
الجريدة الرسمية