رئيس التحرير
عصام كامل

طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية: لن يكون هناك قدس بحلول نوفمبر 2020 .. وانتظروا انتفاضة ثالثة

فيتو

  • ينبغي على عباس طلب وضع الأراضي العربية المحتلة تحت الحماية الدولية
  • إسرائيل ترغب في إغلاق المسجد الأقصى لممارسة الحفريات داخل ما يطلقون عليه (الهيكل)
  • دولة الاحتلال تحاول محو الهوية العربية من الأراضي المحتلة وتنفيذ مخططها الإرهابي
  • مطلوب عقد قمة عربية مصغرة لمواجهة ما يجرى في الأراضي المحتلة
  • القضية الفلسطينية دينية والعلاقات العربية الإسرائيلية غير محددة المعالم


تتزايد القضية الفلسطينية تعقيدًا، وتتداخل أطرافها في محاولة لنزع الهوية العربية، وتنفيذ المخطط الصهيونية للسيطرة على القدس، أمور متداخلة تحتاج لكثير من التوضيح والتفسير والوقوف على ملابساتها، لذلك أجرت "فيتو" حوارا مع "طارق فهمي"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، للتعرف على تطورات الموقف وتحركات ما وراء الستار.. وإلى التفاصيل:

*بداية هل القضية الفلسطينية دينية أم سياسية؟
القضية دينية وليس سياسية والانتفاضة دينية، اجتماع مجلس وزراء الخارجية في جامعة الدول العربية سيتم في سياق سياسي، ولكن تبقى القضية والأزمة الدينية متعلقة بالأبعاد الدينية، بانتفاضة المسلمين في الأراضي المحتلة والدول العربية لنصرة الأقصى لما له من مكانة دينية عن العرب والمسلمين، إذا فالحديث عن انتفاضة سياسية مثلما حدث في الانتفاضة الأولى والثانية، ممكن أن تتكرر اليوم في انتفاضة ثالثة ولكنها تبقى انتفاضة دينية لها أبعادها وتداعياتها التي يمكن أن تكون مؤثرة خلال الفترة المقبلة.

*هل تراجع إسرائيل سيخدم القضية؟
القرارات التي اتخذت لإعادة الوضع على ما هو عليه مجرد اجراءات للتهدئة، وخاصة بعد توجيه اتهامات داخلية في إسرائيل لبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيل، بأنه لم يتمكن من إدارة الأزمة بطريقة صحيحة، وأنه أساء التدابير والقرارات، مما تسبب عدة خسائر بتل أبيب، منها أدى لتوتر العلاقات الأردنية- الإسرائيلية، لذلك ننتظر جمعة غضب ثانية الأسبوع الحالي.

*ما سبب تراجع إسرائيل عن مباردتها؟
صفقة منعقدة بين الأردن وإسرائيل بإعادة قاتل الأردنيين في السفارة، مقابل تراجع إسرائيل، وخلال 60 يومًا سيعاد النظر في المنظومة الإلكترونية الكاملة للباحات والداخل الخاصة بأبواب الأقصى بما فيهم باب المغرب، لذلك نشرت كبري الصحف العربية أن الموقف أخطر مما يتصور البعض، وأنه ينبغي على نتنياهو أن يهدئ من روع الموقف، وإلا فالبدائل صعبة ومريرة، فبالفعل إسرائيل خائفة من الانتفاضة.

*ما سر عجز منظمات المجتمع المدني عن تقديم أي جديد في القضية الفلسطينية رغم أنها تنتقد انتهاكات المجتمعات العربية.. وهل لدى إسرائيل سيطرة على تلك المنظمات؟
دور منظمات المجتمع المدني تطوعية وليس سياسيا، ومن ثم تبقى في سياق تطوعي ولا تستطيع أن تمارس السياسة، فهي قوة ضغط مباشرة لتعليم السياسية والليبرالية وحقوق الإنسان، وليست أحزابا تهدف للوصول للسلطة.

*ما خطورة تحقيق الهدف الإسرائيلي في إعلان فلسطين بأكملها دولة يهودية؟
لا يمكن بأي شكل من الأشكال إعلان الأراضي المحتلة بأكملها دولة يهودية، الأساس في الفكرة أن يطغى على الدولة الإسرائيلية مصطلح الدولة اليهودية، ولكن الدولة الفلسطينية ستكون إسلامية للشعب الفلسطيني، كما أن عرب إسرائيل الموجودين في ربوع إسرائيل الحاصلين على الجنسية والهوية الإسرائيلية، فور إعلان يهودية الدولة الإسرائيلية، سيتم إجلاؤهم نهائيا من الأراضي الإسرائيلية إلى منطقة صحراء النقب، لتبقي الدولة يهودية نقية لا يوجد بها أعراق أو جنسيات سوى اليهود فقط.

*ما سبب إصرار الصحف العبرية والمسئولين الإسرائيليين على اتهام مصر بالتدخل في القضية؟
الأمر لم يكن الشكل المنظور، لاحظ الكثير بالفعل ذلك، ولكن ليس المقصود منه تدخل مصر بالمعني المفهوم، الجميع اعتاد على مشاركة مصر دائما في القضية، وبالفعل أنصف الجانب المصري ذلك المعتقد، وتمت مناقشة مشروع قرار مصري سويسري فرنسي، كما يستعرض الجانب المصري القضية في الأمم المتحدة، وبطبيعة الحال مصر معروفة بموقفها الإيجابي تجاه القضية الفلسطينية.

من طلبت منه إسرائيل بالفعل التدخل هي الأردن بسبب المصالح المشتركة، ووجود اتفاق ثلاثي بين الإسرائيليين والفلسطينيين والأردنيين، يعود إلى عام 2015، بالرغبة في فرض المراقبة الأمنية الأردنية على الأماكن المقدسة في الأراضي المحتلة، ومصر بطبيعة الحال دورها دبلوماسي.

*تقدمت مصر بأكثر من مبادرة تجاه القضية الفلسطينية في تقديرك ما نسبة نجاحها.. وما مصير صفقة القرن؟
بالفعل تقدمت مصر بأكثر من مبادرة ولكن الأمر الآن متوتر ولا يحتمل أي مبادرات أو عرض أفكار في هذا التوقيت، إلا بتهدئة الأمور التي ستظل كذلك طالما مازالت حالة الاستنفار في الشارع من مظاهرات بالأراضي المحتلة، فعندما تعود الأمور لطبيعتها من الممكن أن تستكمل مصر مسيرتها في عرض المبادرات.

*هل التحرك على الاراضي المحتلة حاليا محاولة من الليكود الإسرائيلي بتغيير الأوضاع في الأقصى لتأهيل الأمر لتصبح القدس عاصمة لإسرائيل؟
السفارة الأمريكية لم تنقل للقدس، ولم يتخذ قرار بذلك، لكن ينبغي علينا حفظ وضع القدس حاليا منعا لتهويد المنطقة، الإعلام يتناول قضايا ليس لها معني بنقل السفارة الأمريكية، والأمر أعقد من ذلك، ففي آخر زيارة لي للقدس قبل الانتفاضة بأسبوعين، لاحظت أن شوارع القدس الشرقية تم غلقها بالكامل، وخطة 2020 يتم تنفيذها على قدم وساق.

*ما توقعاتك لمستقبل العلاقات العربية الإسرائيلية بعد الصمت على الأقصى؟
العلاقات العربية الإسرائيلية غير محددة المعالم حتى الآن، لأن إسرائيل تقوم بأعمال غير مسبوقة على الأراضي المحتلة، فلا يمكن أن تقوم علاقات سلام مع العرب، إذا أرادت إسرائيل أن تقيم علاقات كاملة بينها وبين العرب وتنشر سفراءها بتمثيل سياسي ودبلوماسي في الدول العربية، عليها أن تخرج من الأراضي المحتلة وتعلن قيام الدولة الفلسطينية إذا وافقت على ذلك وفق مبادرة عربية، ستكون علاقتها جيدة بكل الدول العربية.

*ما الحل الأمثل للقضية من وجهة نظرك؟
ينبغي على الرئيس محمود عباس التقدم للأمم المتحدة بطلب وضع الأراضي العربية المحتلة بأكملها سواء الإسلامية أو المسيحية تحت الحماية الدولية، وهو ما سيساعد على حل الأزمة، هذا مطروح بالفعل وعرضناها على الرئيس الفلسطيني أكثر من مرة، ولكن ربما يمنعه تحركات إسرائيلية أمريكية.

أما الجانب الثاني، فهو دور الأردن باعتبارها رئيسة القمة العربية، لابد من أن تقدم دعوة لعقد قمة عربية مصغرة لمواجهة ما يجرى في الأراضى المحتلة، والتعامل معه بصورة كبيرة، وهذا يتطلب جهدًا عربيًا من قبل الدول العربية المعنية.

المرحلة الثالثة هو المقاطعة الكاملة من قبل الدول العربية لإسرائيل، للضغط عليها للتوقف عن أفعالها الشنيعة تجاه الأقصى، بعد شعورها بالحصار من جميع الجهات، وخاصة أنها في قلب العالم العربي، فسرعان ما ستتأثر بتلك التحركات، ومن هنا ينتهي الاحتلال وتجبر إسرائيل على إعلان دولة فلسطين، حيث أن تحركات منظمات المجتمع المدني ومجلس الأمن لم يسفر عن تلك النتائج بشكل مجدي.

*هل الحديث عن تحركات محمد دحلان في وسائل الإعلام أسهم في تأجيج الأوضاع في الأقصى؟
بالطبع لا، التحركات الإسرائيلي بالتصعيد غير المسبوقة نابعة من 3 أهداف، أحدهما الرغبة في فرض الحقائق على الأراضي الفلسطينية، وتنفيذ خطة التهويد 2020، فالقضية ليست قضية فتح أو إغلاق المسجد الأقصى ووضع متاريس وبوابات إلكترونية، بل هي أكبر من ذلك بكثير، فهو المخطط المتكامل والموثق بالبيانات والخرائط، لتهويد القدس بأكملها، ففى نوفمبر 2020 لن يكون هناك قدس، وعلينا أن نكون صرحاء مع أنفسنا.

والهدف الثاني، رغبة إسرائيل في أن تغلق المسجد الأقصى بباحاته وأبوابه، لإتاحة الفرصة للمستوطنين والحاخامات الكبار في إسرائيل بالتنقيب وممارسة أعمال الحفريات داخل ما يطلقون عليه اسم (الهيكل)، وإتمام مشروع التهويد المتكامل، لذلك اصطنعت فكرة غلق المسجد ليتيح لها الفرصة لهذا بعيد عن جميع الأعين.

*ما سبب عدم تكافؤ الفرص بين الفلسطينيين والاحتلال رغم أن الموقف الفلسطيني أقوي؟ كيف أثر الصراع الداخلي بين فتح وحماس فى القضية؟
الاتحاد قوة، وقوة فلسطين منزوعة بسبب الصراع الداخلي بين فتح وحماس، الذي يعد السبب الأساسي في ضياع الحق الفلسطيني، وخاصة أن هذه النزاعات كانت سببا أساسيا في ضعف موقفهم، وعرقلة الحركة الفلسطينية في الأمم المتحدة، خاصة أن نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية، شكل لجنة من سفراء إسرائيل لإحباط كل التحركات الفلسطينية.

*سمعنا كثيرا عن جملة "الاعتراف بفلسطين في الأمم المتحدة كدولة بصفة مراقب.. ما العوائد المكتسبة هذا المصطلح؟
النتيجة واضحة والعوائد أوضح، دولة الاحتلال تحاول بكل ما تملك من قوة محو الهوية العربية من الأراضي المحتلة، وتنفيذ مخططاتها الإرهابية، بكل بشاعة ودون مراعاة أو قواعد لحقوق الإنسان.
الجريدة الرسمية