رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

بالفيديو.. دار كسوة الكعبة تتحول إلى مخزن لوزارة الأوقاف.. «تقرير»

فيتو

عندما تنتهي من السير في ميدان باب الشعرية، تقودك قدماك إلى الأحياء المحيطة به، وتنعطف يسارًا ناحية حي الخرنفش، لتجد نفسك أصبحت أحد أبطال روايات نجيب محفوظ، وتظل سائرًا حتى نهاية حارة اليهود، لتجد على يمينك مبنى تآكلت جدرانه، تراكم الغبار على نوافذه الحديدية العملاقة، وتهدم جزءه العلوي بشكل أفقي متساوٍ.


البوابة الخضراء
بوابة حديدية خضراء عليها قفل ذهبي كبير، أشبه ببوابات سجن "أبو غريب"، كما أطلق عليها "ملاك"، صاحب أحد المحال المحيطة بالمنطقة، تغمرها لافتات الدعاية الانتخابية الممزقة، وإعلانات لمصانع أحذية، حيث تعلو البوابة لافتة صدئة مكسرة، لتطمس آخر دليل يرشدك إلى هوية ذلك المبنى.

إنها دار كسوة الكعبة بمنطقة "الخرنفش" بحي الجمالية في مصر القديمة، والتي تشهد على أسبقية مصر في صناعة هذا العمل المقدس لدى جموع المسلمين في الدول العربية.

مخزن الأوقاف
والغريب أن أغلب سكان المنطقة، ليس لديهم معلومات عن المكان، وكل ما يعرفونه عنه أن موظفًا من وزارة الأوقاف يأتي إليه في الصباح الباكر، ويفتحه ليضع أدوات خاصة بالوزارة من سجاد ومكيفات، ثم يغلقه ويرحل، وهو ما جعل أهالي المنطقة يعتقدون أنه مخزن لوزارة الأوقاف ولم يكن يوما دارا لصناعة "كسوة الكعبة".

إهمال متعمد
وفي جولة فوق أحد أسطح البنايات المجاورة للدار، رصدت «فيتو» أكوام القمامة وبقايا مواد البناء المتناثرة حول الساحة الداخلية للدار، فضلًا عن زجاج العنابر التي كانت قديمًا تحوي أكثر من 90 موظفًا وعاملًا يحيكون 14 مترًا من قماش الكسوة الشريفة، وقد تكسر جميعه وبات المكان مظلما وموحشا كأنه بيت مهجور منذ عشرات السنين.

تاريخ طويل
ويقول محمد حارس الدار المتقاعد، والذي ورث مهنة حراسة الدار منذ عهد الملكية، حتى آخر كسوة حملت إلى السعودية قبل تأزم العلاقات بين مصر والمملكة في مطلع الستينيات، وتوقف القاهرة عن صناعتها، "كان بيقعد هنا أكتر من 90 موظف ومعاهم المناسج والإبر والمخايش، والمكان كان نضيف وبيطلع أحلى شغل في العالم، لكن دلوقتي خلاص الله يرحم الموظفين وينتقم من اللي عملوا كدة".

ومنذ خمس سنوات سلم "محمد" المفاتيح للوزارة، وأغلقت المكان نهائيًا ومنعت الناس من دخوله ليبدو كما لو كان أثرا خربا.

ذكريات السكان مع الدار
قليلون هم من احتفظوا بذكريات هذا المكان حين كان دارًا لصناعة كسوة الكعبة المشرفة، في ذاكرتهم التي طبعت السنون عليها أثرها، لتجد منهم من قضى أجله، ومنهم من فقد بصره أو القدرة على الحديث. وبالكاد توصلنا إلى على الزعبلاوي، صباغ أقمشة يسكن في منطقة الخرنفش وولد فيها، يبلغ من العمر خمسة وسبعين عامًا، وحين كانت القوافل المحملة بالكسوة من الدار إلى منطقة الحسين، كان عمره آنذاك 13 عامًا ويخرج مع أطفال الحي لمشاهدة الموكب، ويقول عن هذا "كانت الكسوة عبارة عن نول بيلفه العامل على إيده ويبدأ يخيطه، وبتتحط في كيس نايلون وتتشال كلها، وتمشي من قدام الدار لحد الحسين حتى تصل لمديرية الأمن، وتيجي من هناك العربية تاخدها، وكان ناس من الأزهر والشرطة بيطلعوا وراها".

وعن ذكرياته مع كسوة الكعبة يقول: كنا أطفالا نسير وراء الجمع الذي ينتقل للمديرية، كل عام من الفترة التي تلي عيد الفطر حتى نهاية شهر ذي القعدة.
Advertisements
الجريدة الرسمية