رئيس التحرير
عصام كامل

مسرحة «المناهج».. ومسرحة «الوزارة»


ثورتان متتاليتان بعد معاناة كبيرة من مشكلات المنظومة التعليمية في مصر حتى وضعنا أيدينا على الطريق السليم، وجلسنا كمعلمين وخبراء ومفكرين ومجتمع مدني مصريين وأجانب نضع إستراتيجية تعليمية لمستقبل تعليم أبنائنا تحت شعار "معا نستطيع"، كان من أهم برامج هذه الخطة والتي اتفق عليه الجميع هو "مسرحة المناهج" انطلاقا من أهمية دمج الموسيقى في المناهج وأهمية تفعيل الأنشطة بطريقة جديدة في المدارس، ففي عام الإستراتيجية الأول وضعنا أيدينا مع وزارة الثقافة في أول خطوة لتحويل المناهج والمقررات الدراسية إلى أعمال فنية بالتعاون مع "البيت الفني للمسرح".


وقتها بدأ حراك حقيقي في التعليم يؤكد على أن المدرسة المصرية ستعود مرة أخرى مؤسسة اجتماعية ثقافية تربوية، وليست مجرد أبنية، فضلا بأنها ستسهم في تحقيق مستوى الجودة المطلوب، والذي نص عليه الدستور ونصت عليه الخطة الإستراتيجية أيضا، وستسهم أيضا في خلق جيل واعٍ، وذكي، ومبدع، وقادر على تلقي المعلومات وتنظيمها.

فمشروع "مسرحة المناهج" والذي انطلق في 2014 بدون أي نوع من التحيز أو المجاملة عندما تحول النصوص المقررة على الطلاب إلى مسرحيات وأعمال فنية تبسط الفكرة للطلاب وتفعل الأنشطة في الوقت نفسه، فضلا عن أن لها دورا تربويا يقوم على تنشئة الطفل لاستيعاب المفاهيم الصحيحة لمعنى حب الوطن والانتماء والتسامح والحرية وحب الآخر، وقتها تأكدنا أننا نسير في الطريق الصحيح.. ليس فقط وحسب بل ستكون المناهج محفورة في تكوين وعقل كل طالب.. وبدون انتظارًا لنتيجة.. النتيجة كانت محسومة لصالح أصحاب الفكرة ومؤيديها والقائمين عليها لذا اعتبرها كانت بداية حقيقية ومبشرة لنجاح تلك الإستراتيجية.

كنت شاهد عيان لمشاهدة تلك الأعمال حيث تم عرض مسرحية "طموح جارية" والتي تحكي عن تاريخ حياة "شجرة الدر"، و"الأيام" عن قصة حياة عميد الأدب العربي طه حسين، وكانت نقطة البداية حيث التقيت شخصيا مع نجوم هذه الأعمال وقتها.. ورأيت بنفسي مدى ترحيبهم واستعدادهم للفكرة حتى وصل الأمر.. أن طلب مني النجم الفنان: "مفيد عاشور" وقتها أن أصعد إلى خشبة المسرح لأمر مهم.. المفاجأة أنه وزملائه الفنانين والفنانات طلبوا أن أبلغ وزير التربية والتعليم وقتها الدكتور محمود أبو النصر.. أن تعمم التجربة على كل المحافظات وأنهم على استعداد لعرض هذه المسرحيات والأعمال الفنية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، خاصة بعد ما لاحظ الفنانون وأبطال تلك الأعمال بمدى الفرحة والترحيب من الطلبة والطالبات.

كل هذه الخطط والبرامج توقفت، رغم أنها لاقت قبولا ونجاحا منقطع النظير وقتها وذهبت مع الريح، أعمال وحلول لمشكلات كثيرة أصبحت حبيسة أدراج الوزارة، مفكرون ومبدعون وموهوبون جمعوا مجهوداتهم في تلك الخطة والآن أصبحت في مهب الريح، بعد اتفاق الجميع أن مشروع مسرحة "المناهج" قد نجح نجاحا منقطع النظير في استيعاب القصص والمناهج الدراسية بطريقة شيقة وممتعة، أقترح أن نقوم بتطبيق "مسرحة المناهج" على الوزارة نفسها وتصبح هناك عروض باسم "مسرحة الوزارة " يُعرض من خلالها كل هذه الأعمال والخطط والبرامج التي وضعت بجهد كل طوائف المجتمع، واعتمدت من رئيس الدولة مرتين خاصة أننا لا نملك رفاهية الوقت.
Tarek_yas64@yahoo

الجريدة الرسمية