رئيس التحرير
عصام كامل

أبو الغيط فين يا ولاد الحلال!؟


"استمتع بالسيئ فإن الأسوأ قادم" عبارة منسوبة لكاتبنا الكبير أحمد بهاء الدين، وهي تنطبق على حال العرب وبالتحديد على جامعة الدول العربية والتي اختفت في ظروف غامضة، حتى بيانات الشجب والإدانة لم تصبح قادرة على إصدارها، أمر عجيب وغريب في ظل هذه الأزمة الطاحنة التي تعيشها الأمة العربية، لم يصدر تصريح صحفي عن الجامعة أو أمينها العام حتى من باب ذر الرماد في العيون، حينما تسير بميدان التحرير في اتجاه كوبري قصر النيل، سوف تجد على يمينك مبنى فخيم يطل على نهر النيل الخالد، ومكتوب عليه جامعة الدول العربية، ويوجد به جيش من الموظفين يتقاضون رواتب بالدولار، يستمتعون بالسفر لكل دول العالم، ويجلسون في مكاتب مكيفة ويستقلون سيارات هيئة سياسية فخمة، هؤلاء ليسوا منا ولا يشغلون أنفسهم بهمومنا وجودهم مثل عدمهم، بل عدمهم أفضل توفيرًا لأموال يمكن إنفاقها على اللاجئين العرب المشردين في كل بقاع الأرض..


أحمد أبو الغيط ذلك الرجل الذي يقترب من الثمانين عاما، ويحمل لقب أمين عام جامعة الدول العربية اختفى ولم نسمع له أو عنه، فالأكرم أن يجلس في منزله طالما أنه غير قادر حتى على إصدار بيانات الشجب والإدانة العقيمة، والجامعة في عهده تخطت مرحلة الإنعاش، وأصبحت على باب القبر..

أنا أعلم جيدا أن الدول العربية منفردة قد لا تستطيع مواجهة الاستعمار الأمريكي الأوروبي وأطماعهم في المنطقة، ولكن في حالة اتحادهم سوف يكون لديهم أوراق قوية وتأثير عالمي، ولكن ستظل مشكلتنا في حكامنا، ونحن الشعوب العربية مظلمون بهم ومعهم، فالغرب يستخدمهم لتنفيذ مصالحه على جثثنا، مثل أسد الغابة الذي تخلص من الثيران الثلاثة بمساعدتهم وخيانتهم لبعض، حيث اتفق مع الثورين الأسود والأحمر على أكل الثور الأبيض ثم اتفق مع الأحمر لمساعدته في أكل الأسود، وحينما جاء الدور على الثور الأخير الأحمر قال عبارته الشهيرة أكلت يوم أن ساعدت الأسد على أكل الثور الأبيض، هكذا حال العرب حينما ساعدوا أمريكا في تدمير العراق ثم ليبيا ثم سوريا واليمن واليوم قطر، وغدا سيأتي الدور على أي دولة أخرى..

لا أحد يختلف على أن النظام القطري أجرم في حق الشعوب العربية، وساعد أمريكا في تفتيت دولنا والتهام ثرواتنا، واليوم يدفع الثمن، ولكن من ثروات شعبه في شراء صفقات تنعش الاقتصاد الأمريكي، ولكن كل هذا لا يبرر إطلاقا حصار الشعب القطري الشقيق، والذي بالمناسبة هو أفضل من يعامل المصريين باحترام ونادرا ما سمعنا عن إهانة أو اضطهاد أو سوء معاملة العمالة المصرية هناك، ولذلك يجب على المسئولين المصريين التعقل وترشيد تصريحاتهم تجاه العمالة المصرية في قطر، لأنهم في أمان وليس لديهم مشكلات سوى في السفر، ولذلك يجب على شركة مصر للطيران تسهيل نقلهم من وإلى قطر..

ما تمر به الأمة العربية حاليا تجربة قاسية، ولكن لدينا من الأوراق ما نستطيع استخدامها لكبح أطماع أمريكا، والتي نعلم أنها سبب كل الكوارث بداية من زرع الفتنة الطائفية، وتدمير الدول واحتضان الجماعات الإرهابية ورعاية القاعدة والنصرة وداعش، ومع ذلك الحكام العرب يرمون أنفسهم في أحضانها وينتظرون منها خيرا..

أتصور أن العرب مجتمعين لو أخذوا قرارا بمقاطعة أمريكا ووقف الطيران منها وإليها (كما فعلوا مع قطر) فسوف تأتي إلينا راكعة، وقد يسقطون ترامب، فأمريكا هي رأس الحية التي يجب قطعها وهي أكثر احتياجا إلينا من احتياجنا إليها، وهناك دول أخرى مثل الصين تنتظر منا إشارة للتعاون معها..
مشكلات الحكام العرب مع بعضهم أصبحت أكبر وأكثر من مشكلاتهم مع الغرب فأين عقلاء الأمة! ؟
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية