سوريا ولعبة الحدود
مع تأجج نيران الحرب الأهلية السورية، ترتفع أخطار انزلاق إسرائيل إلى أتونها. ففي الأسبوع الماضي أُطلقت قذائف من سورية على هضبة الجولان المحتلة، وردّت إسرائيل على مصادر النيران.
وليـــس هذا الاشتباك الأول من نوعه، ففي 30 يناير الماضي، وجهت إسرائيل ضربة جوية إلى حافلة سلاح في سورية قيل إنها كانت متجهة إلى مخازن حزب الله في لبنان، وفي 6 مارس الماضي، خطف الثوار السوريون 21 فلبينياً من قوات حفظ السلام في الجولان.
ويتعاظم خطر الرد الإسرائيلي على النيران السورية إلى احتمال الانزلاق نحو مواجهة واسعة، أو تـــدخل لإنشاء شريط عازل في سوريــــة، وهو تصعيد يمكن للولايات المتحدة منعه بأن تبادر إلى إبرام اتفاق ضمني بين الدولة العبرية ومجمـــوعات المعارضة السورية المعتدلة، التي على الرغــم من التباين بينها وبين إسرائيل، فإن الجانبين يجمع بينهما عدوان مشتركان هما حزب الله وإيران اللـــذان يقاتـــلان لإنقـــاذ حكـــومة بشـــار الأســـد.
إن التقاء المصالح هذا هو جسر أمريكا إلى إبرام الاتفاق الذي تمتنع إسرائيل بموجبه عن تكوين مجموعات سورية وتسليحها لحماية حدودها، خاصة وأن زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي للحدود مع الجولان جاءت لتغذّي موجة شائعات في سورية عن تخطيط إسرائيل لتسليح مجموعات درزية وتجنيدها.
ولا يخفى أن الشائعات هذه تشوبها مبالغات، لكن هناك مؤشرات ضعيفة إلى أن إسرائيل تسعى إلى الاتصال بأطراف على الجهة الأخرى من الحدود، رغم أن نتائج تسليحها مجموعات تحارب عنها بالوكالة في شريط حدودي لربما ترتد عليها، فينقلب السحر على الساحر، إذ إن مثل هكذا خطوة قد تحمل حزب الله وحلفاءه وغيرهم من المتطرفين على المشاركة في النزاع على حدودها، وسيكون الخطر الأبرز في مثل هذا السيناريو، أن يعيد تاريخ ما جرى في لبنان نفسه في سورية.
ففي السبعينات اجتاحت القوات الإسرائيلية جنوب لبنان وأنشأت جيش لبنان الجنوبي (جيش لحد) لحماية حدودها، ولم يطل بها الأمر قبل أن تجتاح لبنان كله عام 1982، الذي أبصر فيه حزب الله النور، ولما يتبدد خطره إلى اليوم.
لقد أجريت ومعي عدد من زملائي مقابلات مع معارضين سوريين، مسلحين وغير مسلحين، وجميعهم لم يتستروا على كراهيتهم إيران وحزب الله.
وفي مقابـــل امتنـــــاع إسرائيل عن تسليح وكلاء في سورية، سترفع المنظمات الإنسانية الأمريكية واليهودية، مستوى مساعداتها للسوريين، وإضافة إلى الغذاء والمأوى، سيكون ممكناً منحهم مساعدة لها وقع رمزي كبير مثل مصل "الأتروبين" المضاد للسلاح الكيماوي الذي يدور الكلام على مباشرة الأسد استخدامه. وتزويـــــدهم المصل هذا يدحـــض نظـــرية المؤامرة الشائعة في أوساطهم، والقائلــــة ان إسرائيل ولوبيها الأسطوري يدعمان نظام الأسد.
• نقلاً عن نيويورك تايمز
