«عمرى.. قصة حب» بقلم "مصطفى أمين"
فى كتابه «من واحد إلى عشرة» يحكى الكاتب الصحفى جزءا من تاريخ حياته.. بأحداثها السياسية وظروفها الاجتماعية وحياته هو وأخيه على أمين.. وتعيد «فيتو» نشر المقاله الافتتاحية لكتاب «من واحد إلى عشرة» وهى بعنوان «عمرى.. قصة حب» بمناسبة ذكرى رحيله حيث توفى فى 13 أبريل 1997 يقول فيها:-
كيف أحسب عمرى؟ بالصحف التى أصدرتها أو اشتركت فى تحريرها؟ بعدد تلاميذى؟ أم بعدد قرائى؟
- بالمرات التى خفق فيها قلبى؟ أم بالصداقات الحلوة التى تمتعت بها؟
- أحسب أن العمر هو كل هذا، ولو كانت هذه القاعدة الحسابية صحيحة فلابد أننى عشت ألوف السنين!
- قديما قالوا إن عمر الإنسان يحسب بالأيام السعيدة التى عاشها وبهذا أكون قد عشت كل يوم من أيام حياتى الصحفية التى بدأتها فى طفولتى فإن كل كلمة كتبتها أسعدتنى حتى لو كلفتنى حريتى وحياتى بعد ذلك فأنا أشعر وأنا أمسك قلمى أننى أعانق أجمل امرأة فى العالم ولهذا عشت قصة حب طويلة، ولا أتصور أننى أعيش يوما فى حياتى بغير قلم، فلقد كان هذا القلم دائما صديقى وحبيبى، اعطيته وأعطانى وعشقته وأخلص لى، وعندما أموت أرجو أن يضعوه بجوارى فى قبرى، فقد احتاج إليه إذا كتبت تحقيقا صحفيا عن يوم القيامة.
- لقد سألت نفسى اليوم لو كنت أختار لنفسى فترة عمرى فى التاريخ، فأى فترة اختارها؟ ووجدتنى أختار نفس الفترة التى عشت فيها، فلقد عشت ثورتين كبيرتين، ثورة 1919 وثورة 1952 وكان من حسن حظى أنى كنت قريبا من قائد الثورة الأولى سعد زغلول بحكم مولدى، ومن قائد الثورة الثانية جمال عبد الناصر بحكم عملى، وشهدت حربين عالميتين، ورأيت نتائج الحرب العالمية الأولى ونتائج الحرب العالمية الثانية، التى غيرت حياة البشر وتفكيرهم.
- عاصرت وصادقت وحاربت رجالا كبارا أمثال الملك عبد العزيز بن سعود وغاندى وشكرى القوتلى ورياض الصلح والدكتور أحمد ماهر والنقراش وإسماعيل صدقى ومحمد محمود وعلى ماهر وأحمد حسنين وطلعت حرب والعقاد وطه حسين وعباقرة الشرق وساسته وكتابه ونجومه.
- عشت صراع الشعوب المستبعدة، وهى تحطم قيودها وتكسر أغلالها وتنقض على مستبعديها، ورأيت بلدى يتحول عدة مرات من مستعمرة إلى دولة مستقلة، الشعب فيها أصبح صاحب الجلالة وصاحب السمو وصاحب السعادة، ورأيت فلاحا مصريا فى مقعد رياسة الجمهورية وعاملا مصريا يصبح وزيرا وامرأة مصرية تجلس فى كرسى الوزارة، وراقبت إعلام الدول الكبرى وهى تنزل من ساريات كل الدول العربية وترتفع بدلا منها إعلام معلنة أن الشعب العربى خرج من القفص الذى سجنه الاستعمار فيه.
سمعت أم كلثوم وهى تغنى ورأيت نجيب الريحانى وهو يمثل وجلست مع محمد عبد الوهاب وهو يلحن وحضر أمير الشعراء أحمد شوقى وهو ينظم شعره الخالد، واجتمعت بعدد من عبقريات العالم الكبرى مثل نهرو وتشرشل وفرانكلين روزفلت واينشتين وشارلى شابلن وشاركت فى صنع صحافة عظيمة فى بلادى واليوم أحاول أن اكتب السنوات العشر الأولى من حياتى.. إنها ليست قصتى إنها قصة مصر التى عشتها!
