بالفيديو والصور.. «حكاية زكية» حرمها الفقر من أهلها.. تبحث عن أسرتها الحقيقية منذ السبعينيات.. هربت من بيت «عز» ووجدت نفسها في «بدروم».. الأسرة الجديدة تخلت عنها.. حلمها
مضى خمسون عامًا من عمرها واشتعل رأسها شيبًا.. أسرة باعت ابنتها وصار الهجر عنوانًا لها، باتت السيدة "زكية" ابنة إحدى معارف والدتها مرة وابنة الشارع مرة أخرى، إلى أن ارتمت بأحضان أسرة تلقفتها من الطرقات فربطتها بها أوراق البنكنوت لمواجهة أزمات الحياة وفصلتها عن روابط الدم.. بعدما تسول الأهل من شدة الحاجة للمال باعوا شقيقتيها "هدى ودولت".
أهل مزيفون
لم تنس أخواتها يوما عندما كبرت وأكرمها أهلها المزيفون وتزوجت وأنجبت وعاشت سنوات، ولكن حينما تجعد الوجه وباعدت مشكلات الغرباء الذين رحل منهم من رحل، ومرت سنوات ولم يضمد الجرح حتى بدأ العمر في الطريق الأرذل وفاقت للبحث عن ملامح ما زالت محفورة بذاكرتها الصغيرة، لم يمحها ألم الحياة والزواج والأبناء والإخوة الغرباء، فظلت تبحث عن سيرتها الأولى وأهلها في كل مكان وتدق أبواب المسئولين لعلها تجدهم، وتتمنى أن تموت في أحضان أخواتها.
حصار الفقر
"فيتو" التقت السيدة بمسقط رأسها بإحدى قرى الزقازيق لتروي لنا حكايتها التي تصلح عملا دراميا، تكتبه الدموع فتعود "زكية" بذاكرتها للوراء وتحديدا فترة السبعينيات لتتذكر ما حدث قائلة: كنت أعيش مع 9 أفراد من عائلتى في منزل بسيط في أحد أرياف مصر ولا أتذكر ما اسم قريتنا، حيث كنت طفلة صغيرة لم أستوعب ما حولي بتفاصيله وكان والدي يعمل مزارعا ويملك جاموسة ووالدتي ربة منزل وأسرتنا فقيرة.
بيع الطفولة
وتضيف: ذات يوم جاءت إلينا سيدة لا أعرف صلتها بوالدتي تحديدا إن كانت قريبتها أو كانت والدتي تعمل عندها منذ الصغر وكل ما أتذكره أنها تدعى "دولت أو رتيبة" وطلبت من والدتي وقتئذ أن تتبنى اثنين من شقيقاتي وهما "هدى ودولت" نظير دفع مبلغ من المال لوالدي وهو ما قوبل بالموافقة من جانبهم.
حياة جديدة
وتابعت السيدة الخمسينية: في كل مرة عندما تأتي إلينا السيدة ليس على لسانها سوى أنا عاوزة اخد زكية بنتك أربيها زى أخواتها وبالفعل دفعت مبلغا من المال وأخذتني للقاهرة وكانت سيدة غنية تمتلك منزلا فخما وكان في المنزل شابان "حسن وعادل" والحاج محمد ودادة تدعى "أم سعد" والتي كانت تصطحبنى يوميا إلى السوق لشراء مستلزمات المنزل.
رحلة الضياع
تبتلع "زكية" ريقها الذي جف من الألم قائلة: "في يوم كانت أم سعد بتسمع أم كلثوم في المنزل وفتحت الباب دون علمها وذهبت لمكان بعيد وبعدها حاولت أرجع للبيت ومعرفتش وبكيت إلا أن جاءت سيدة ومعها أطفالها ووجهت لي عدة تساؤلات منها "فين أهلك.. انتى بتعيطى ليه.. انتى منتظرة والدتك أو والدك؟؟ بعدها اخدتنى لمنزلها وكان عبارة عن حجرة زى البدروم وكانوا ناس على قد حالهم".
بكاء دائم
وتابعت زكية: "مكثت معهم فترة قليلة وبعدها حدثت مشاجرات بين الزوج والزوجة اللي كانت عاوزة تودينى قسم الشرطة في النهاية ودونى لأكثر من أسرة وعندما كنت أبكى في كل مرة كنت برجع إلى أن فوجئت في يوم بالزوج يقول لي بالنص: هناك أسرة طيبة هيعاملوكى كويس ويربوكى وأنا على قد حالي وظروفي صعبة وما باليد حيلة بعدها سلمنى لفراش مدرسة اسمه "عبده" والذي قام بتوصيلي لشخص في منصب مرموق "دكتور"، ولما بلغت سن الرشد استخرج لي بطاقة وسجلنى باسمه وتربيت وسطهم وزوجته أو أمى التي تبنتنى كانت تدعى"فاطمة م".
قسوة الأبناء
واستطردت قائلة: عقب وفاة الأم حدثت بعض الصدامات بينى وبين أبنائها وبعدها لقيت نفسي في الشارع وكنت ببات على الأرصفة وتحت أي بير سلم واشتغلت كذا مهنة لأصرف على نفسي حيث عملت في عدة مصانع وبمهنة العتالة ومسحت عربيات وأخيرا جليسة أطفال لأستر نفسي من الشارع وأحمى نفسي من ذئاب الليل.
استكملت: رحت أزور صديقة اتعرفت عليها من خلال المصنع الذي كنت اعمل به وحكيت لها على ظروفي وهناك ألحت علي لأسكن معها وأقمت معها أقل من سنة حتى أتت إليها والدتها و"كانت غاضبة" مع زوجها وذات يوم جاء نجلها للصلح بينها وبين والده وشافنى وطلب الزواج منى ووافقت على الفور وانتقلت للعيش في القرية حتى أنجبت.
أمنية العمر
وفي نهاية كلامها تمنت زكية من الإعلام أن يحقق لها أمنيتها ويساعدها في التوصل إلى أهلها وإخوتها قبل أن تموت دون أن تراهم.
