سيناريوهات مواجهة هروب السجناء.. (تقرير)
شهد عدد من مديريات الأمن على مستوى الجمهورية خلال السنوات الماضية عددا من وقائع هروب المتهمين أو المسجونين، سواء من داخل الأقسام أو المراكز الشرطية أو السجون، أو أثناء عرضهم على النيابات والمحاكم المختصة، وأبرزها كانت إحباط محاولة هروب جماعي للمساجين من داخل حجز قسم شرطة دمنهور بعد إضرامهم النيران في عدد من البطاطين والمتعلقات الشخصية لهم في محاولة للهروب بشكل جماعي، وبعدها بـ3 أيام كانت واقعة سجن المستقبل بالإسماعيلية الشهيرة، والتي استشهد خلالها الرائد محمد الحسيني، رئيس مباحث قسم شرطة أبو صوير.
وباستطلاع رأي عدد من المصادر الأمنية في هذا الصدد، أكدوا أن وزارة الداخلية وفرت خلال الفترة الماضية أموالا طائلة لإنفاقها على تطوير الأقسام والسجون والحجوزات المتهالكة، وهذا يؤدي بالفعل إلى التقليل من محاولات الهروب والحد منها.
وأضافت المصادر، أنه يمكن وضع حلول إيجابية لمنع تكرار مثل هذه الحوادث، وذلك من خلال البحث في الطرق السابقة التي استخدمها المتهمون في الهرب، والعمل على تجنبها، فعلي سبيل المثال، في شهر فبراير الماضي كانت هناك واقعة محاولة هروب جماعي لمتهمين من قسم شرطة الحوامدية بالجيزة، وانتهت الواقعة بوفاة أحد المتهمين وإصابة 17 آخرين.
وأكدت المصادر، أنه إذا كان هناك كاميرات مراقبة داخل الحجوزات –بما لا ينتهك حقوق الإنسان- وليس داخل أو خارج أسوار الأقسام فقط، لكان من الممكن إحباط المحاولة قبل أن تحدث وذلك لأن الكاميرات ترصد ما يحدث داخل الحجوزات، وبالتالي يمكن متابعة مدى سلوكيات المتهمين داخل الحجز، والتنبؤ بتفكيرهم في الهرب.
تصنيف المتهمين
وأضافت المصادر، أن عدم تصنيف المتهمين بدرجة خطورتهم يساعد على ارتفاع محاولات هروب المساجين والمحتجزين من المتهمين، وأوضحت المصادر أن المتهم الجنائي، يختلف عن المتهم في قضية الآداب، والمتهم في الآداب يختلف عن المتهم في قضية حيازة مخدرات أو سلاح أبيض، فمستوى التفكير الإجرامي يختلف بين المتهمين، حسب درجة الجرم الذي ارتكبه، وجريمة السرقة أنواع، فالسرقة بالمغافلة تختلف عن السرقة تحت تهديد السلاح، فرغم أن الجريمة تحت مسمى واحد (السرقة) لكن أنواعها تجعل خطورتها تختلف عن الأخرى، وقديما كان هناك فكرة تقسيم المتهمين حسب درجة خطورتهم داخل الليمانات، لكن نظرا لما مرت به البلاد من أحداث متتابعة جعلت التفكير في هذا الأمر يقل كثيرا بل أحيانا يتم التغاضي عنه وإهماله.
ترحيل المتهمين
وأكدت المصادر الأمنية، أن القوة الأمنية المعنية بترحيل المتهمين تكون من ضابط نظام وبحث، أفراد نظام ومباحث، ويختلف عددهم حسب عدد المتهمين المرحلين، وأحيانا يكون هناك نقص في القوات، نظرا لكثرة الأعباء الموكلة إليهم، والذي قد يساعد أحيانا في وقوع مثل تلك الحوادث، ويحدث خلل في ترحيل متهمين مشتركين في قضية واحدة حيث يتم نقلهم في عربة واحدة، وفي توقيت واحد، مما قد يجعلهم يشجعون بعضهم على المضي في فكرة الهرب، بل أيضا قد يتم احتجازهم في مكان واحد، وهذا ما يتيح لهم الفرصة لإثارة الشغب داخل الحجز، والذي قد يصل في بعض الأحيان إلى التفكير في الهرب.
الزيارات
وأوضحت المصادر أنه في واقعة قسم شرطة إمبابة التي وقعت أواخر الشهر الماضي، تمكنت (ن. ع) من الهرب بعد نجاحها في مغافلة الحرس أثناء وقت الزيارة، مشيرة إلى أن الزيارة كانت سببا لوقوع الحادث، فالزيارات الموجودة حاليا في الأقسام، أقرتها الوزارة كنوع من مراعاة الروح الإنسانية في التعامل مع المواطنين، لكنها في الأصل هي ليست لزاما بل هي نوع من (التعامل بروح القانون).
وتابعت المصادر: الأقسام الشرطية تختلف عن السجون، فالسجون بها أماكن لتلاقي المتهم مع أهليته، فقد تكون غرفة كبيرة بها حراسة مشددة، أو يتم التقابل مع أهليته من خلف قضبان حديدية مؤمنة وعليها أيضا حراسات مشددة، لكن الأقسام الشرطية هيكلها الداخلي لا يسمح بذلك، أما السجن هو مكان مخصص لاستقبال المتهمين، ويتوافر به أماكن لممارسة الرياضة والأشغال، وغيرها، فهو مجهز لذلك، لكن قسم الشرطة يقدم خدمات كثيرة للمواطنين، فقد يكون هناك ضغط على الأفراد الموجودين بالقسم، في إنهاء خدمات الموطنين مثل إجراء المحاضر، إنهاء بعض الإجراءات، وغيرها، والانتقال لفحص البلاغات المفاجئة، بالإضافة إلى تفتيش الزيارات، والتي قد تحوي بداخلها أحيانا على كوارث كـ(مخدرات، سلاح أبيض، هواتف محمولة، وغيرها).
تعرض الضباط والأفراد للحبس
وأوضحت المصادر أنه في أي واقعة هروب متهمين، يتم حبس الضباط والأفراد المسئولين عنها بالمقام الأول لحين الانتهاء من التحقيق في الواقعة، وبيان مدى ضلوعهم فيها، حيث تعتبر وقائع هروب المتهمين إخلالا بالمسئولية الموكلة إليهم، وبالتالي النيابة تحقق في الواقعة كأي واقعة أخرى، وبعد انتهاء التحقيقات، إذا ثبت تورطهم يتم حبسهم، وإذا لم يثبت تورطهم، يتم إخلاء سبيلهم، وبعد ذلك يتم التحقيق معهم من قبل الجهات المعنية بوزارة الداخلية، حسب لائحة الشرطة، كما أنه لاحقا يتم مراعاة استبعادهم نهائيا في تلك المأموريات الأمنية الحساسة.
عمليات فنية
واستطردت المصادر، أن سيارات نقل المتهمين للمحاكم والسجون، والكلبشات المقيدين بها، تعتبر من الأشياء الرئيسية التي يجب التأكد من سلامتها لدورها المؤثر في تأمين عملية الترحيل، وأيضا يجب الاعتماد على خطط جديدة في نقل المتهمين، فمثلا يجب تنويع أوقات ترحيل المساجين وتغييرها في كل فترة زمنية، حتى لا يتم استهداف المأمورية الأمنية المخصصة لذلك، وحتى لا يكون المتهم قد جهز نفسه لسيناريو الهرب.
المستشفيات
واعتبرت المصادر، أن نقل المتهمين إلى المستشفيات قد يكون سببا في وقائع الهرب، فواقعة هروب متهم في قضية "كتائب حلوان" من مستشفى المنيل الجامعي أثناء تواجده بها لتلقي العلاج، يجعل التفكير في تزويد كل قسم شرطة بعيادة مجهزة طبيا على أعلى مستوى، فيغنيه ذلك عن نقل المتهمين إلى المستشفيات العامة أو حتى حضور الإسعاف إلى القسم حتى لا يتخذها المتهمين محاولة للهرب، على أن يتم نقل المتهم إلى المستشفيات في حالات العمليات الجراحية الكبرى التي يتعذر إجراؤها داخل العيادة.
ومن ضمن المقترحات أيضا، هو وجود النيابات والمحاكم بجوار أقسام الشرطة، فقديما كان هذا النظام متبع، وأيضا تفعيل تواجد النيابة داخل أقسام الشرطة للتحقيق مع المتهمين، ومتابعة مدى قانونية الاحتجاز.
الردع
وقالت المصادر، إن وجود رادع قوي يحد من الجريمة، لذلك يجب أن يكون هناك تغليظ للعقوبة على المتهمين الذين يحاولون الهرب حتى يكونوا عبرة لمن تسول له نفسه مجرد التفكير في الأمر.
استخدام السلاح الناري
وأشارت المصادر، إلى أنه يتم إعطاء القوة الأمنية الصلاحية القانونية لاستخدام السلاح الناري في حالة محاولة المتهم في الهروب، لكن بعض الأفراد تخشي استخدامه خوفا من المساءلة القانونية أو وقوعهم في موضع نقد ولوم من جانب قيادتهم الأمنية جراء هذا التصرف.
جناية جديدة على المتهم
ويعتقد المتهم الذي تمكن من الهرب أنه أفلت من العقوبة، لكنه بذلك يضع على عاتقه جريمة أخرى سيعاقب عليها، بل تصل عقوبتها في بعض الأحيان إلى حبسه في مدة تزيد عن مدة حبسه الأصلية، فبعض المتهمين يحاولون الهرب من قضيتهم بأي طريقة ممكنة، قد تدفعهم إلى الانتحار في بعض الأحيان، فالمتهم الذي يفكر في الهرب، هو لا ينظر إلى النتائج المترتبة على الحدث، بقدر أنه يفكر في كيفية القيام بالواقعة، ففي نيابة الهرم، قام عاطل متهم في قضية سرقة بالإكراه بإلقاء نفسه من الطابق الرابع، بعدما تم فك الكلبشات منه وعرضه على وكيل النيابة لبدء التحقيق معه، إلا أن وكيل النيابة فوجئ بقيام المتهم بالاندفاع نحو الشباك المتواجد بغرفة التحقيق وألقى بنفسه، وسقط قتيلا.
