رئيس التحرير
عصام كامل

«بلاها» وأخواتها!


ما إن ترتفع أسعار السلع الإستراتيجية والخدمات الأساسية حتى يطلق البعض حملة لمقاطعة هذه السلعة، أو التصدي لهذه الظاهرة.

ففي عهد الرئيس الراحل أنور السادات ظهرت «أزمة اللحمة» في العام 1977 حينما ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء من «68 قرشًا إلى 100 قرش»، حينها خرج المتظاهرون مرددين الهتاف الشهير: «مرعى بيه يا مرعى بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه»؛ اعتراضًا على قرارات مجلس الشعب برئاسة سيد مرعي.


ولم تنته الأزمة حينئذ إلا بتدخل السادات وأصدر قرارًا بـ«منع الذبح» لمدة شهر، كما حث المصريين على مقاطعة شراء اللحوم لمدة شهر، وفي الوقت نفسه شُددت الرقابة على الجزارين، وكان مجرد مرور مفتش التموين من أمام متاجر اللحوم يمثل رعبا للجزارين، وبانتهاء الشهر عادت الأسعار إلى طبيعتها.

وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك تجددت أزمة اللحوم، فحاول التغلب عليها باستيراد آلاف الأطنان من أمريكا وأوروبا، وكانت اللحوم توزع في المجمعات الاستهلاكية تحت «حماية الشرطة»، إلا أن الأسعار لم تكن في متناول يد جميع المصريين، خاصة ممن هم تحت خط الفقر و«معدومي الدخل».

وحاولت وزارة الزراعة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، تدارك أزمة اللحوم، ففتحت جسرًا جويا بين القاهرة والسودان، لنقل اللحوم المستوردة وتوقيع بروتوكول لتوريد5000 رأس ماشية إلى مصر كل شهرين، واتخذت الوزارة قرارا بمنع تصدير الأغنام إلى ليبيا لسد العجز.. إلا أن الأزمة لم تنته، وظلت الأسعار اللحوم بمختلف أنواعها تؤرق الفقراء.

وبعد انفلات أسعار اللحوم في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعجز الحكومة عن السيطرة على هذا الانفلات، ظهرت حملات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو المواطنين إلى «مقاطعة اللحوم»، تحت شعار «بلاها لحمة». إلا أن هذه الحملات لم تفلح في كبح جماح أسعار اللحمة.

حملات المقاطعة لم تتوقف عند «اللحمة»، بل ظهرت حملة «بلاها شبكة» بعد الارتفاع الجنوني لأسعار الذهب.. ثم ظهرت حملة «بلاها نيش»، وحملة «بلاها فرح»؛ لتقليل نفقات الزواج.. كما انتشرت حملة «بلاها سجاير» بعد الزيادات المتتالية في أسعار السجائر المحلية والمستوردة.

المضحك أن دعوات المقاطعة هذه لم تتوقف عند السلع فقط، فكلنا نتذكر حملة «بلاها دستور»، التي أطلقها بعض المؤيدين للرئيس السيسي؛ بزعم أن الدستور «يقيد الرئيس، ويحد من صلاحياته»، مرتئين أن «القرارات الجمهورية هي الحل» !

ثم أتحفنا البعض بحملة «بلاها برلمان»، معتقدين أن مجلس النواب ليس على مستوى الرئيس، وأن السادة النواب سوف يسببون صداعًا لـ«السيسي»!

في مقابل ذلك دشن أحدهم حملة على «فيس بوك» بعنوان «بلاها حكومة»، متهمًا حكومة المهندس شريف إسماعيل بـ«الفشل»، خاصة على الصعيدين الصحي والخدمي.

كل الحملات السابقة لم تؤت أكلها، فلا الأسعار انخفضت، ولا الحكومة نجحت في الارتقاء بمعيشة المواطنين.. وبات الخوف من عملية «تبادل الأدوار»، وإقدام الحكومة نفسها على إطلاق حملة: «بلاها شعب»!
الجريدة الرسمية