رئيس التحرير
عصام كامل

هالة عثمان تكتب: الشرطة الأسرية باتت ضرورة

هالة عثمان
هالة عثمان

كل الأفكار التي تحققت على وجه الأرض بدأت بحلم راح ينمو في أحشاء الفكرة حتى تحولت إلى مولود يجري على الأرض.. التحاق الفتيات في كلية الشرطة والانخراط في العمل الشرطي كان حلما حتى تحقق وصار جهاز الأمن يفخر بهن بعد أن أكدن أنهن مثالا للانضباط والتميز والكفاءة، يقمن بأعمالهن التي يكلفن بها في إبداع وتفرد وتميز.


وكان حلم اهتمام وزارة الداخلية بحقوق الإنسان في إنشاء شرطة متخصصة راود رجال الشرطة وكل المعنيين بحقوق الإنسان حتى تحقق الحلم وأصبح في كل قسم شرطة ضابطا مهمته تحقيق تلك الرابطة السرية بين الشرطة والمواطن يقوم عليها إدارة كاملة هي إدارة حقوق الإنسان بقيادة مساعد وزير الداخلية.

ولأنني أدرك – عن يقين – ما تبذله وزارة الداخلية الآن من جهد في سبيل الارتقاء بمستوي الضباط والأفراد على كافة المستويات والمحاور سواء في القانون وحقوق الإنسان والاستراتيجيات الشرطية وغيرها.. وقد شرفت بإلقاء عدد من المحاضرات في عدد من مديريات الأمن في محافظات مختلفة فإنني أشهد أني رأيت الإصرار على إنفاذ القانون، والعزم على أن تبقي الشرطة المصرية هي شرطة الشعب، وهو الأمر الذي آمنت عنده بقوة الدولة المصرية في جدارها الداخلي الصلب الذي رأيته في عيون ضباطنا، والثقافة المترامية في مداخلاتهم بما يؤكد أنهم يدركون كل التحديات التي تواجه المجتمع من الخارج أو بعض الخونة المتربصين بمصر في الداخل.
ولأنني أدرك أيضا أن الأفكار تولد من رحم الحلم، ولكي يتحول الحلم إلى فكرة ومن ثم تصبح واقعا نعيشه فإنها يجدر بالحالم أن يعي كل جوانب الوصول بالفكرة، وأهمها إدراكه بأن المسئول هو من سعة الفهم ورحابة الصدر بحيث يحتوي الحلم ويهيكله ويحوله إلى واقع معاش، وهو ما يدعونا إلى التأكيد على أن قيادة وزارة الداخلية والتي أعادت الشرطة إلى شعبها فوثق فيها الشعب وصارا في تلازم وتعانق فكري، هي قيادة تدرك مفهوم الأمن في ظل التحديات والمخاطر، وتؤمن بالإبداع الأمني منهجا واستراتيجية وتكتيكا أيضا.

لكل ما سبق قررت أن أحلم وحلمي لمصر والأمن والأسرة والمرأة والطفل، أحلم بقرار يتحول إلى تشريع بإنشاء "الشرطة الاسرية" لتكون واحدة من روافد الأمن المجتمعي حفاظا على الاسرة واستقرارها التي هي قلب الدولة المصرية، تكون مهمتها التدخل الفوري في النزاعات الأسرية لحماية المرأة والطفل، وتتكون من ضباط شرطة يتم تدريبهم بعناية على أن يعاونهم أخصائيون نفسيون واجتماعيون في أداء واجبهم الأمني حماية للوطن.

وكما أن في مصر قضاء ومحاكم الأسرة – كانت في الأصل حلما - تنظر قضايا الأسرة بعيدا عن القضايا الأخري بما لها من خصوصية وبما لابد وأن يتوافر في قاضي الاسرة من خصائص، وما يشمله النظام القضائي في محاكم الأسرة من أجهزة معاونة نفسية واجتماعية، فإنها بالقياس لابد من وجود شرطة نوعية متخصصة في مشكلات الأسرة.

وبالنظر إلى الخلافات الأسرية نجد أن هناك كما هائلا من الخلافات محدودة القيمة والأهمية تلجأ لأقسام الشرطة كانت من الممكن أن تحل بحكمة وترو بين أفراد الأسرة الواحدة، وهذه الخلافات تعيق غالبا وتصرف نظر ضباط الشرطة عن مهام أكثر جدية وصعوبة وبالتالي باتت هذه النزاعات تمثل صداعا مزمنا لهم، وهذه الشرطة الأسرية ستحافظ على خصوصية الحالات وتخضع لتدريب تخصصي نوعي في القضايا الأسرية، وتكون شرطة في زي مدني.

إن حلم "الشرطة الأسرية" سوف تحد من المشكلات النفسية التي قد يواجهها الأبناء فضلا عن تجنب تسليم المحضونين بالقوة، أو الإساءة النفسية للمرأة دون إحداث رد فعل عكسي لأحد الأطراف المتنازعة، وأيضا استقبال قضايا العنف الأسري والتي تتردد كثيرا في اللجوء إلى أقسام الشرطة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تسوية وتقنين هذه النزاعات والوصول فيها إلى نتائج أمنية، ومنها أيضا نزاعات رؤية الأطفال وأحكام النفقة والمشكلات التي تواجهها الأم في سبيل تنفيذها.

ولكي يكتمل للحلم أركانه فقد أخذت الشرطة الأسرية عددا من الدول العربية منها العراق والسعودية، وهناك في الولايات المتحدة الأمريكية مركزا تحت مسمي مركز "العدالة الأسرية" أنشئ في عام 2005 وهو عبارة عن مبني يضم كل الجهات والمؤسسات المعنية بالقضايا الأسرية والعنف ضد المرأة، وهذا المركز يوجد به الشرطة والنيابة والاستشاريين والإخصائيين النفسيين والاجتماعيين.

وإن وزارة الداخلية بصفتها راعية الأمن داخل الوطن وأن استقرار الأسرة ومحاصرة مشكلاتها هي من صميم العمل الأمني والرؤية الأمنية الواسعة، فقد بات هذا الحلم على أعتاب الفكرة التي تتطلب قرارا حاسما، خاصة بعد أن أصدر الرئيس عبد الفاتح السيسي تعديلا في قانون هيئة الشرطة قبل تشكيل مجلس النواب والذي عرف بالشرطة المجتمعية باسم "معاوني الأمن" من حملة الشهادة الإعدادية لمحاصرة الجرائم التي يمكن أن تقع مستقبلا.

ها أنا قد حلمت فمتى يتحول الحلم إلى فكرة، ومتي يصبح واقعا يحافظ على الأسرة وكيانها واستقرار المجتمع وأمنه؟؟
ونعرض الفكرة للحوار المجتمعي، وسنطرحه قريبا في حلقة نقاشية قادمة بمركز "عدالة ومساندة".
الجريدة الرسمية