رئيس التحرير
عصام كامل

جمهورية نبيهاليا والعياذ بالله


في فيلم البداية للمخرج صلاح أبو سيف، والمؤلف لينين الرملي، تقع طائرة في الصحراء ويلجأ الناجون من ركابها إلى واحة تأويهم، ولكي يتعايشوا يقيمون دولتهم التي سيطر عليها أحدهم، وأطلق عليها اسم نبيهاليا ويعيش في الدولة الوهمية المثقف والمتعلم والعامل والفلاح.

وفي مشهد ساخر، وجهت لأحمد زكي تهمة أنه ديمقراطي، فاعتقد البعض أنها كفر بالله، فغضبوا منه وراحوا يرددون ديمقراطي والعياذ بالله.. وأرى أن هذا المشهد الساخر تحول في حياتنا إلى واقع، طال هذه المرة المؤيدين والمعارضين.

في حادثة السياح المكسيكيين، الذي وضعت الدولة المصرية نفسها في موقف تحمل المسئولية، وأعلنت عن أن القتل جاء بالخطأ حين دخلت سيارات دفع رباعي تحمل سائحين مكسيكيين إلى داخل الصحراء عدة كيلومترات على مقربة من منطقة شهدت مطاردات لعناصر إرهابية - حسب التصريحات - فتعاملت معها الطائرات المصرية على الفور، وعلى الرغم من الإعلان أنه كانت هناك تصريحات وخط سير معلن للفوج السياحي، إلا أنه لم يكن هناك تنسيق كافٍ بين المسئولين عن الفوج والجهات الأمنية.

وجاء خطاب وزير الخارجية الذي وجهه لتعزية الشعب المكسيكي، على درجة عالية من الحرفية الدبلوماسية مع شرح للظروف التي تمر بها البلاد، ووعد بالتحقيق في الحادثة، ليأتي هذا على عكس تصرفات الكثير من المتطوعين بالدفاع، حين انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي صفحات كاذبة كالفخ المنصوب للسذج، تشرح تفاصيل العملية بأن المكسيكيين كانوا يحملون قنابل هيدونية، كالتي كان يحملها جون كيري وحاول إلقائها على قناة السويس.

وكانت الصفحة الأكثر سخرية هي تلك التي نسبت نفسها إلى مخابرات مصر، وبثت معلومات خاطئة عن عمد، مدعية أن الرئيس المكسيكي تفهم الموقف، وقال في أحد المؤتمرات إنه يتساءل عن أسباب تواجدهم هناك، فهل يمكن أن يكون هذا تعليق رئيس دولة وصله خبر مقتل مواطنيه، المكسيكييين جواسيس والعياذ بالله.

ويتزامن مع هذا أيضا الدور العبقري لبعض المعارضين، حين شنوا حربا على الجيش كأنه تعمد الحادثة، ليضع مصر في مأزق، وكأن إحراجنا عالميا سيسعدهم وكأنهم ليسوا مصريين، وليخرجوا أفضل ما عندهم ويتوقفوا عن كلمة نهاية النص التي قالها وزير الخارجية في ختام مؤتمره مع وزيرة الخارجية المكسيكية، التي سمعتها مائة مرة على أمل أيجاد أسباب نقدها، ويبدو أنها كلمة إنجليزية سيئة والعياذ بالله.

نحن نعيش في عالم اللاوعي في جمهورية نبيهاليا؛ حيث يتناقل المثقفون والمتعلمون أخبارا كاذبة تخدم قناعاتهم وتسيء إلى مصر سواء مؤيدين للنظام الحالي أو معارضين.. الدول بمفهوم الدولة المحترم تتحمل مسئولية أخطائها وتواجهها، وعلى الجميع الاعتراف بالخطأ وتحمل تبعاته، والمعارضة أيضا بالمفهوم المحترم للمعارضة هي القادرة على انتقاد أوضاع وقرارات بأسلوب مقنع ومحدد وموضوعي بهدف الإصلاح، وطالما لم نحقق هذا سنظل داخل جمهورية نبيهاليا والعياذ بالله.
الجريدة الرسمية