رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي في قبضة الأمن


في بعض الأحيان قد تضطر الأجهزة الأمنية إلى ما يعرف بـ "توسيع دائرة الاشتباه"، وهو ما يعني بالبلدي أخذ العاطل بالباطل، وقد يكون هذا المبدأ الأمني مفهومًا في أوقات الأزمات الأمنية الكبرى، إلا أنه يشترط فيه أن تبادر أجهزة الأمن إلى سرعة الغربلة لتمييز الصالح عن الطالح والطيب عن الخبيث. 

ولكن الذي يحدث في مصر في هذه الأيام يختلف تمامًا عن هذا المبدأ، وهو ما يجب أن تنتبه إليه القيادة السياسية، فظني أن هناك أجهزة ما لديها أسبابها التي تتجه إلى اتهام بعض الأبرياء بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان الإرهابية، ليس من باب توسيع دائرة الاشتباه، إذ أنها تعلم أن من توجه إليهم هذه التهم أبرياء تمامًا من هذه الجريمة النكراء، ولكنها تعمد إلى ذلك ربما لاستعادة بعض المجد الذي فقدته أيام ثورة يناير، وكأنما تريد أن تقول "أنا الجهاز الفلاني الذي أملك الحل والربط، أنا الذي تمت إهانته وتمريغ سمعته في الوحل، سأعود إليكم ومعي قبضتي الحديدية، وليحدث بعد ذلك ما يحدث، ولتنسحب شعبية الرئيس، فليست شعبيته واستقرار حكمه تهمنا في شيء، أنا سأعود لأنتقم.

أليس الرئيس السيسي ينتمي إلى المؤسسة العسكرية؟ أليست المؤسسة العسكرية هي التي سلمتني للثوار والتزمت الصمت يوم أن اقتحموا مقراتي؟ فليكن، سأنتقم من الشعب ومن الرئيس ومن المؤسسة العسكرية، وسأتهم الأبرياء وأقودهم إلى النيابة العامة التي ستثق بتحرياتي فتزجهم إلى السجون، وها هي الفرصة أمامي، فأمامي عدة قضايا لم يتم الحسم فيها بعد، مثل اقتحام بعض مراكز الشرطة، ففي هذه القضايا سأتهم المئات من الأبرياء، وهؤلاء المئات ينتمون إلى عائلات، ولهم مجتمعاتهم، معظمهم انتخب الرئيس السيسي، ولا يعرف غيره، فلم يحدث أن انتخب أحدهم الوزير مجدي عبد الغفار، أو اللواء صلاح حجازي، أو أمين الشرطة منتصر عوض الله سليط، والشعب الذي أحب الرئيس السيسي وشغف به لا بد أن يأتي له يوم يفكر في حاله وحالته الأمنية، ساعتئذ سيرى جهاز الأمن الوطني وهو يلفق الاتهامات للبسطاء من الناس، وسينظر الناحية الأخرى ليرى أجهزة البحث الجنائي وهي تتحول لمراكز قوى تسترزق من وراء تلفيق الاتهامات الجنائية، لن يرى المواطن بالطبع الرتب الكبيرة وهي تمد يدها، ولكنها سترى جمهورية أمناء الشرطة التي تحولت إلى أكبر جمهورية فساد في مصر.

حينذاك لن تظل شعبية الرئيس السيسي كما هي، بل ستتآكل وتضعف عند شعب بحث عبر عمره كله عن أمنه، وحين ظن أن الرئيس السيسي هو عنوان الأمن والأمان إذا بجهاز الشرطة البعيد عن الرقابة الحقيقية يطيح بأمنه، فيا أيها الرئيس احذر من رجالك الذين يبحثون عن استعادة مجد حبيب العادلي.
الجريدة الرسمية