رئيس التحرير
عصام كامل

باحث أثري: المصريون القدماء عرفوا صناعة الكعك منذ 5 آلاف سنة

الباحث الأثرى أحمد
الباحث الأثرى أحمد عامر

قال الباحث الأثرى أحمد عامر: "إن المصريين القدماء عرفوا صناعة "الكعك" منذ نحو خمسة آلاف عام، فقد اعتادت زوجات الملوك في مصر القديمة، على تقديم "الكعك" للكهنة القائمين على حراسة هرم خوفو، ويكون ذلك وقت تعامد الشمس على حجرة الملك "خوفو"، وقد اعتاد المصريون القدماء على تقديم "الكعك" على شكل قرص الشمس".


وذكر "عامر" في تصريحات لـ"فيتو"، أنه كان وقتها، يتم صناعة "الكعك" من الدقيق والسمن وعسل النحل، وقد تم العثور على أقراص "الكعك" محتفظة بأشكالها ومعها قطع من الجبن الأبيض وزجاجة عسل النحل، وقد وصلت درجة إتقان صناعة "الكعك" في عهد المصريين القدماء حيث تنوعت أشكالة منها اللولبي والمخروطي والمستطيل والمستدير وأيضًا على شكل بعض الحيوانات وأوراق الشجر والزهور، وقد وصلت أشكال صناعته وقتها إلى مائة شكل مختلف.

وأشار إلى أن شكل صور بالمقابر كشفت كيف كان المصريون القدماء يقومون بصناعة "الكعك" حيث وجدنا ذلك في شكل صور واضحة في كلٍّ من مقابر "طيبة ومنف" في مقبرة الوزير "رخمي_رع" الذي كان ينتمي إلى الأسرة الثامنة عشرة من عصر الدولة الحديثة، فقد رأينا كيف كان يتم خلط عسل النحل ثم بعد ذلك يتم تقليبه على النار لكي يتم إضافته على الدقيق ويتم تقليبه مره ثانية حتى يتحول لعجينة يتم تشكيلها بسهولة، وبعد ذلك يتم رص الكعك على ألواح من "الإردواز" يتم وضعها بعد ذلك داخل الفرن، كما كانت هناك أنواع كانت هناك أنواع يتم قليها في السمن أو الزيت لكي يتم عمل أشكال أخرى مثل الحيوانات وأوراق الشجر والزهور، كما كان يتم حشو "الكعك" بـ"العجوة" أو "التين" ثم يتم زخرفته بالفواكه المجففة كـ "النبق" و"الزبيب".

وتابع: "أما عن صناعة "الكعك" فنجد أنها من أقدم العادات التي عرفتها المرأة المصرية وكان الهدف من نشأتها هو الاحتفال بأفراح القدماء المصريين، وكانت صناعة "الكعك" لا تختلف كثيرًا عن عصرنا الحالي لكنها تطورت بمرور الوقت، فمع التطور الذي مرت به الدولة المصرية، نجد أن صناعة "الكعك" من الموروثات الأساسية لدى المرأة المصرية، حيث أننا نجد الفتيات الصغيرات يقومون بمشاركة أمهاتهم في صناعة "الكعك" ويقومون بوضع "الكعك" في الصواني ويمشون به حتى الأفران وينتظرون أمام الفرن لساعات".

وأوضح "عامر" أن "كعك العيد" في العصور الإسلامية عندما بدأ في مصر كان مع بداية العصر الفاطمي ولكن الحقيقة التاريخية، تؤكد أنه بدأ قبل ذلك بكثير، حيث أنها بدأت في عهد الدولة الطولونية "868-905 م" وكانوا يصنعونه في قوالب خاصة مكتوب عليها عبارة "كل هنيئًا واشكر" وكذلك عبارة "كل واشكر مولاك"، وقد احتل مكانة مهمة في عصرهم وقد حفظ لنا متحف الفن الإسلامي بالقاهرة، العديد من هذه القوالب التي كتبت عليها هذه العبارات، بل وأصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر، أما في عهد الدولة الإخشيدية "935-969 م" كان "أبو بكر محمد بن على المادراني" وزير الدولة الإخشيدية حيث أنه صنع كعكًا في أحد أعياد الفطر وحشاه بالدنانير الذهبية وأطلقوا عليه اسم كعكة "أنطونلة"، أما في الدولة الفاطمية "969-1171 م" فكان الخليفة الفاطمي يخصص مبلغًا ما يقرب من 20 ألف دينار لعمل "كعك" عيد الفطر حيث كانت المصانع تتفرغ لصناعته بداية من منتصف شهر رجب إلى رمضان وتملأ مخازن السلطان به وكان يتم إعداد "كعك العيد" في دار أُطلق عليها اسم "دار الفطر" وكانت هذه أول دار لصناعة "الكعك" وكان الخليفة يتولى توزيعه بنفسه.

وأضاف في نهاية تصريحاته: "كما كان يتم أيضًا إعداد "سماط العيد" أي الولائم التي سيأتي إليها كبار رجال الدولة وكانت ترصد ميزانيات ضخمة، أما في عهد الدولة الأيوبية "1171-1250 م" فقد اختلف الأمر كثيرًا، فقد حاول صلاح الدين الأيوبي جاهدًا القضاء على كل العادات الفاطمية ولكنه فشل في القضاء على عادة "كعك العيد" وباقي عادات الطعام التي مازالت موجودة إلى اليوم، وقد استمرت صناعة الكعك في العصر العثماني "1261-1517 م"، وقد اهتم سلاطين العثمانيين بتوزيع الكعك في العيد على المتصوفين والتكيات والخانقات المخصصة للطلاب والفقراء ورجال الدين وظل التراث العربي، معبرًا عن حاله حتى يومنا هذا خصوصًا بمصر وبلاد الشام بحكم الارتباط الجغرافي والتاريخي".
الجريدة الرسمية