رئيس التحرير
عصام كامل

هكذا نحن نتألم...!!:


يقول محمود درويش ((ليتنا استطعنا أن نحب أقل...كى لا نتألم أكثر)).
فمن هنا أستطيع أن أقول لا لقاء بعد الفراق فمجرد إحساسنا بفقد إنسان قريب إلى قلوبنا وعزمه على مفارقتنا نشعر بالحزن العميق فكيف إذا غادرنا فعلًا؟؟ فهل هناك ماهو أكثر ألمًا من الوداع ؟؟ فإنما يبدو لي أن انتظار الوداع أكثر ألمًا من حدوثه لا سيما إن كان واقعًا لا محالة، فأحيانًا يكون ترقب الحدث أكثر قسوة وتأثيرًا على النفس من الحدث نفسه، فإننا نشعر بألم عند تخيله وتعب من ترقبه فعدم القدرة على استيعابه وتخيل حياتنا بعد ذلك، يقولون لا لقاء بلا فراق وكأن هذه الحروف ستكفكف دموعنا، وتشفى جراحنا، وتجعلنا ننظر إلى الفراق كأى حدث عادى قد يكون الفراق حدث عادى موجود بوجود الإنسان، وكلمة الوداع عادية تتكرر في أحاديثنا وقصائدنا ولكن يبدو أن أكثر الأحداث ألمًا هو ما يوصف بأنه عادي وما نقر ونجزم بوقوعه، وتمر علينا اللحظات بطيئة فنشعر بأرق يغادرنا، وتغتال المرارة أعماقنا، وتطاوعنا دموعنا حينًا ،وتخوننا حينًا اَخر لتزيد من حرقة الاَلام داخلنا، وما يزيد من متاعبنا عندما نحب نتألم بصمت حتى لانشعر بمن سيغادرنا فما أشد ما تتألم الروح عندما تكبل الأحزان داخلها حتى لا نبكى على من نحبهم بما نحمله من خوف ووهم، ويكون بمثابة قتل للروح عندما نخفى دموعنا، ونستبدلها بابتسامة، ونحاول أن نزرع بها بعض من السعادة في قلب من سيغادرنا في لحظات الوداع الأخيرة.

لكن برغم من غياب الأحباب وفقدهم إلا أنهم يظلون في قلوبنا لا يغيبون أبدا تحيى صورتهم في وجداننا الذكريات التي جمعتنا، وتزيد من بريقها كل لحظة صادقة اَزرونا فيها، والتحمت مشاعرنا فيها مع مشاعرهم فنشتاق إليهم، يتعبنا الوجد تزورناأطيافهم، في أحلامنا تارة وفى يقظتنا تارة لتزيد من شوقنا إليهم؛ ولتزيد من بغضنا لذكرى ذلك الوداع حتى ليبدو لي أحيانًا أن مرارة الذكريات تشترك مع ترقب الحدث في كونها أكثر مرارة من الحدث ذاته فنتمنى النسيان فلا نستطيع، فيبدو لنا أن لا أمل في النسيان ولا أمل في اللقاء ولا طريق إلا التناسى فنخدع أنفسنا، ونوهمها بالنسيان حتى نضمد ولو ظاهريًا الجرح كمن يتناول المسكنات ويظل في القلب أمنه أن لا يفارقنا عزيز، ولو اضطررنا أن نكون نحن من نغادر أحبابنا في وداع واحد، ونبتعد حتى لا نفجع كل يوم بمن يغادرنا، فسؤالى لك عزيزى القارىء هل الحل عدم التعمق في علاقتنا مع الاَخرين، وإنتهاج طريقة جديدة في التعامل السطحى بدون أن يكون للمشاعر طرف في علاقتنا؟؟وهل نكبح مشاعرنا مع البعض الذين نعرف أننا سنغادرهم لا محالة حتى لا نتألم عندما نفارقهم ونطلق لها العنان مع البعض الاَخر ؟؟وهل من الجنون أن نتمنى في لحظة أن نكون أشبه من الإنسان الاَلى الذي لا يفقه معنى المشاعر والحب والغل وألم الفراق ؟؟!!!. فلا ننسى أن أعماقنا بحر من الذكريات تهيجها جميعًا أي ريح خفيفة لذكرى موجعة يخطيء من يظن أن توقف دموعنا دليل على أننا ألفنا فقد من فقدانهم فكم هو مؤلم أن لا نستطيع البوح بما في داخلنا، وتصمت الكلمات على شفاهنا بالرغم من الحنين والشوق، وقد يسكن التناسى الألم مؤقتًا لكنه ربما يضيعنا بعد ذلك أمام مرارة وجراح لا تبرأ ولا يتناقص ألمها، فجميل جدًا أن تزورنا أطياف من فقدناهم في أحلامنا، لكن قمة المرارة أن تكتشف بعد ذلك أنه كان حلم، فأتمنى أن لا أفتح جروح أرواح عاشت تلك الشعور فعذرًا لمن سيتألم فذلك هو الفراق فلا تتعجب...!!!!


الجريدة الرسمية