رئيس التحرير
عصام كامل

د. عزة كريم أستاذة علم الاجتماع: منتج سينمائي قال لي «ما أرضاش بنتي تعمل أفلامي»


  •  الدولة عاجزة عن إصلاح المسار والأسوأ قادم
  •  على الدولة مراقبة المتاجرين بأولادنا

حذرت الدكتورة عزة كريم، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، من أن مصر في طريقها إلى مزيد من الفوضى والانحراف والجريمة بسبب غياب الدولة، لافتة إلى أن 90% من الشعب المصري يعاني من تردي الظروف الاقتصادية.

«كريم» رأت أن منتجي الأفلام السينمائية هذه الفترة، وراء نشر «الإباحية»، والمتاجرة بأخلاقيات الشباب المصري، رغم أنهم لا يرضون بما يعرض بأفلامهم لأبنائهم.. مزيد من التفاصيل في حوار «فيتو» مع «د. عزة كريم».

- كيف ترين «سيكولوجية» المصري؟
المصري مثله كأي إنسان في بلد شرقي، لكن الدين هو أساس تشكيل شخصية المصري التي أنجبت عاداته وتقاليده المميزة، وأهم صفة كانت تميز المصري منذ فترة هي العطاء والشهامة والتدين.

- وماذا حدث الآن؟
بكل بساطة في الماضي، كانت شخصية المصري تدعمها كل مؤسسات الدولة، أما الآن مؤسسات الدولة ضد تمييز وارتقاء الشخصية المصرية، ففي الماضي كانت المدرسة هي العمود الأول في تكوين الشخصية المصرية، والمؤسسة الإعلامية كانت تدعم وتنشر كيفية الارتقاء بها، وجعل أخلاقها يتحدث عنها العالم وكيفية تربية النشء من خلال البرامج التثقيفية، وكان يوجد توافق بين معظم المؤسسات المصرية لخلق الأخلاق السليمة والسمات المهمة لها، حتى محطات الراديو كانت تحث على الارتقاء بهذه الشخصية، لكن ما يحدث حاليًا عكس ذلك تمامًا، حيث يتسابق الإعلام على الاحتفاء بالشخصيات المشوهة والسيئة، وتصديرها باعتبارها نجوما وفنانين ومبدعين كبار.

- «الشعب المصري متدين بطبعه».. أين المصريون من هذه العبارة الآن؟
أولا هذه حقيقة وليست سخرية، لكن ما يحدث الآن من أفعال جعلها تدور بين المصريين بشكل ساخر، وفي الحقيقة إن الشعب المصري بمسلميه ومسيحييه يتسمون بهذا التدين، وكل منا يعلم ما هو الخطأ والصواب حتى إن كنا نفعل الخطأ فنحن على يقين بما نفعل.

ثانيا التدين يرتبط بالعادات والتقاليد، فالكذب من ضمن العادات التي حرمها الدين، والنظافة تقاليد ذكرها الدين أيضًا، والعادات والتقاليد والدين هما وجهان لعملة واحدة، مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بإذا كان الشخص مسلما أم مسيحيا.

- إذا كان الشعب متدينا بطبعه.. ما سبب لجوء معظم الشباب إلى المواقع الإباحية؟
باختصار الظروف الاقتصادية أدت إلى تأخر سن الزواج بالنسبة للجنسين في مصر، فكل شاب أو فتاة يريد تفريغ طاقته الجنسية؛ حتى لا يرتكب أي خطيئة، وبسرعة البرق عن طريق زر وشاشة يجد نفسه أمام غرفة نوم مكتملة الأركان؛ لتفريغ رغبته حتى يصل تفكيره إلى لماذا أتزوج وكل ما أريده أمامي.

- وبمَ تنصحين الأسرة المصرية في تربية أولادهم؟
أهم المراحل هي تربية الطفل وتأسيسه على الأخلاق والدين والمبادئ التي تصنع شخصيته وترسخ الاحترام في داخله، بجانب مراقبته داخل مدرسته التي تعتبر الأساس الأهم في التربية، ثم الانتقال إلى أخطر مرحلة في العمر وهي المراهقة، التي تعلو فيها غريزة الجنس، فيجب أن يستغلها في لعب الرياضة ومراقبته وإبعاده عن كل الأمور التي تجعله يتجه إلى الانحراف مثل المواقع الإباحية.

- وماذا عن دور المدرسة؟
لا يوجد دور بالمدرسة، فالمنظومة العلمية تحتاج إلى نسف شامل، ولا يوجد معلمون يدركون معنى تربية أجيال ولا يوجد تلاميذ يعون معنى معلم، فالجانبان مقصران للغاية.

- بعض المنتجين يقدمون أفلاما تسير في اتجاه الجنس بحجة نقل الواقع المصري.. ما تفسيرك؟
كارثة من أكبر الكوارث التي تواجه الشعب حاليًا، ويجب أن نعلم أولا أن الإعلام هو أساس تشكيل سلوك المصري، فأكبر وأقوى غريزة لدى أي إنسان هي غريزة الجنس، والله سبحانه وتعالى وضعها بنا لتستمر الحياة عن طريق الزواج والإنجاب وليس للانحراف واستغلالها من أجل المال، ومعظم منتجي الأفلام السنيمائية حاليا يركزون على غريزة الجنس التي يعانيها الشباب المصري من أجل المال، ولا ينظر أو يلتفت ماذا ينتج فيلمه من كوارث اجتماعية أخطرها التحرش الجنسي، فغريزة الجنس سهلة الإثارة وما يعرض الآن بالأفلام السينمائية أنواع كثيرة من الجنس، أخطرها «حركي ولفظي»، وأي شاب عندما يشاهد التليفزيون يرى مشاهد جنسية أمامه.

المنتج يدفع مبالغ هائلة في أفلام إباحية بغرض نقل الواقع، وهذا كذب وافتراء، فهذا النوع من الأفلام إذا كان ينقل الواقع حقًا، فيجب أن يعرض المشكلة في 5 دقائق ويحلها طوال مدة الفيلم وليس العكس.

- لكن أليست الأفلام الإباحية أساس تدني أخلاق المصريين؟
بالطبع لا.. الظروف الاقتصادية التي يمر بها شباب مصر الفترة الحالية أصعب بكثير، وأساس لجوئه إلى المخدرات والجنس، وكل ما هو سوء، يجب أن نسأل أنفسنا ماذا يفعل شاب تخرج في كليته ولا يجد عملا ولا هدفا خلق من أجله، حتى طموحاته محطمة بسبب اقتصاد وطنه.

- ما تقييم الفن المصري من وجهة نظرك؟
للأسف لو تم تقييم الفن المصري سنسيء إلى أنفسنا جميعًا.

- وكيف ترين دور الفن في تنمية أخلاق المجتمع المصري؟
الفن هو الإعلام، بمعنى داخل كل بيت مصري أداة إعلامية تشكل أخلاق كل إنسان، ودوره هو الرقي بالأخلاق، فيجب على الإعلام أن يقدم ما يحاكي أخلاقه وليس غرائزه، في الفترة الحالية يوجد بعض الإعلاميين ينطقون ألفاظا خارجة تمامًا لا يستطيع المواطن أن يسمعها إلا في الشارع.

- وأين الدولة من كل ذلك؟
يجب عليها مراقبة هؤلاء المتاجرين بأولادنا، وقبل عرض الفيلم يسألون أنفسهم هل يوافقون على رؤية ابنهم أو ابنتهم في دور الممثل الذي ينقل الدور الإباحي؟

«التقيت في يوم بأحد المنتجين من هذا النوع، وسألته هل ترضى أن ترى ابنتك مكان هذه البطلة؟، رد قائلا: لا طبعا».

- هل المعاناة من المعيشة سبب رئيسي في تدني أخلاقيات المصريين؟
نعم.. 90% من المصريين لا يشعرون بالأمان والعدالة.

- الشباب أكثر فئة تتجه إلى الانحراف.. ألا يعني ذلك ضياع مصر؟
لا.. لكن إذا استمرت الدولة بمؤسساتها في طريق اللامبالاة الذي تسير عليه، سيتجه الشباب إلى طريق مسدود؛ لأنه يحتاج دائمًا إلى اهتمام فالشباب هم قوة المجتمع ومستقبله.

نسب الانتحار زادت بشكل كبير، وإذا أردنا إجابة فهي «الشباب يرى أن الانتحار أفضل من الحياة لعدم اهتمام الدولة به، أو اللجوء إلى الهجرة غير الشرعية للبحث عن مكان يحتويه ويدرك قيمته».

- مصر إلى أين وسط ما يحدث ونمر به؟
في طريقها إلى الانحراف والجريمة، فالدولة نائمة.
الجريدة الرسمية